أسس الدولة الإسلامية في تصوّر العلامة النائيني

الخميس 4 يناير 2018 - 05:15 بتوقيت غرينتش
أسس الدولة الإسلامية في تصوّر العلامة النائيني

علماء – الكوثر.. تميّز العلامة محمد حسين النائيني عمّن سبقه ومن تأخر عنه بأنّه قد أسّس لدولة إسلامية عصرية في بداية القرن العشرين. ولو كان حلم النائيني قد تحقق آنذاك لكان المشهد السياسي والحضاري للعالم الإسلامي على غير الصورة الحاليّة من الديكتاتوريات والقمع والاستبداد والتخلّف التنموي والعلمي في شتّى مجالات الحياة.

إنّ تصوّرات المرحوم النائيني للدولة الإسلامية هي أقرب للديمقراطية اللیبرالیة من حیث تأکیده علی تدوین الدستور وتشکیل برلمان، رغم أنّه سكت عن أشياء أخرى كالأحزاب السياسية أو نوعية الحكم الذي يريده؛ ربما لأنّ العصر الذي تعيشه إيران آنذاك لم يعرف تجربة الأحزاب السياسية. كما أنّه اعتبر وجود السلطان المقيّد بالدستور أمراً بالغ الأهمية، يفوق قضية طبيعة الحكم وشكله.

 

أمّا أهم الأسس والمبادئ التي اعتمدها العلامة النائيني في مشروعه لتأسيس الدولة الإسلامية، فهي:

 

1- أن الدولة تقوم على قاعدة الشورى كأساس للدولة الإسلامية، رغم إيمانه بولاية الفقيه الحسبية.

2 – أنّ النظام الملكي الدستوري (أو الرئاسي الدستوري) هو نظام إسلامي إذا كان الحاكم متقيدا باحترام الدستور والقانون.

3 – أنّ یتم وضع دستور دائم للبلاد یحدّد صلاحیات الحاکم و الحکومة، ویبین طبیعة الحکم و توزیع السلطات.

4 – أنّ المجلس التشريعي هو المؤسسة الرئيسية في النظام. فهو الذي يتولّى سنّ التشريعات والقوانين في البلاد ومراقبة عمل الحکومة والحاکم.

5 – تمثيل الشعب عبر الانتخابات التي توصل نوّاب الشعب إلى المجلس التشريعي.

6 – تمثيل الأقليّات الدينيّة الموجودة في البلاد في المجلس التشريعي.

7 – وجود هیئة من کبار المجتهدین تتولّی مطابقة قرارات المجلس مع الشريعة الإسلامية.

8 – الفصل بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية، حيث يعتبر ذلك من أساسيات الدولة.

9 المساواة لجميع أفراد الشعب، فحق المواطنة محفوظ لجميع أفراد الشعب، فحق المواطنة محفوظ للجميع، مسلمين وغير المسلمين.

 

إن قانون المساواة من أشرف القوانين المباركة التي تنطوي عليها السياسات الإسلاميّة، وهو مبنى وأساس العدالة وروح القوانین»”.

 

10- الحرّية لجميع أفراد الشعوب، حيث إن: الحرّية هي هدف كل الشعوب، سواء التي لها دين أو التي بلا دين. والحرّية لا تنافي الدين أبداً. ورأينا في تاريخ البشرية الكثير من الشعوب التي حقّقت حرّيتها وبنفس الوقت بقيت على دينها.

 

وقد حظي كتاب “تنبيه الأمة وتنزيه الملة” بشهرة واسعة واستقبلته الأوساط الحوزويّة المثقفة والسياسية بكل ترحاب؛ لأنه اعتمد على المناقشات العقلية والاستدلال المنطقي إضافة إلى الروايات والأحاديث التي تدعم آراءه.

 

وممّا زاد في شهرة الكتاب تقريظ اثنين من المراجع الكبار، هما الملّا کاظم الخراساني و الشیخ عبدالله المازندراني، حیث کتب كل منهما رسالة تأييد للآراء الواردة فيه، أرفقنا مع مقدّمته.

 

ظهرت أوّل طبعة فارسيّة لكتاب “تنبيه الأمة وتنزيه الملة” فې بغداد عام 1909، وبعد عام – أي في عام 1910 – ظهرت طبعة آخری فی طهران، ثم طبعة ثالثة في طهران عام 1956. وجرى ترجمة الكتاب إلى العربية حين قامت مجلة العرفان اللبنانيّة بترجمة فصوله على حلقات نشرت بين عامي 1930 – 1931، کما قام بترجمته اخیراً عبدالحسن آل نجف و حققه اخوه عبد الكريم آل نجف، ونشر في قم سنة 1419 هـ – 1998م.

---------

الهوامش:

(1) النائيني، تنبيه الامه و تنزيه المله، ص 359

(2) النائيني، تنبيه الأمة وتنزيه الملة، ص 307.

(3) كان النائيني يردّ – في هذا المقطع – على أولئك الذين اتهموا المشروطة بانها تنادي بالحرّيّة الخالية من القيود والحدود، وأنها من مقتضيات الدين المسيحي وأتباعه. لذلك يضرب النائيني مثالاً فيقول: «إن الكثير من الدول مثل روسيا التي تبدي إخلاصا للدین المسیحی ولکنها فی أغلب الاوقات تعیش فی ظل حکومة ظالمة و فردية.

 

*مقتطف من مقالة بعنوان: شرعية الحكومة الملكية الدستورية لجعفر عبد الرزاق، في كتاب: محمد حسين النائيني وتأسيس الفقه السياسي – مجموعة باحثين – الصفحة 353

المصدر: الاجتهاد