أصدرت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي تقريرا قصيرا بعنوان، «قراءة عن آية الله الخامنئي: النظرة العالمية لأقوى زعيم في إيران». قام كاتب المقال بالتحقيق في ثلاث عقود من الخطابات والأعمال للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، ودرس كل واحد منها بالتفصيل. ومع ذلك، لم يستطع إخفاء حقده وبغضه للثورة الإسلامية في كل النص. قدم تحليله كإيراني مقيم ومرتزق للولايات المتحدة الأميركية بطريقة خبيثة، حيث تعمدنا تجاهل أحقاده في هذا التقرير. في هذا التقرير، نقدم تنقيحا لتلك المادة التفصيلية، التي هدفت مؤسسة أميركية من خلالها تقييم العلاقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية. ومن الملاحظ هنا، أن رغم السرد الحاقد لهؤلاء الأفراد، لم يستطيعوا إخفاء القيادة القوية والفكر المحنك لآية الله السيد علي الخامنئي. { يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم و يأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون – سورة التوبة – الآية ٣٢}.
من خلال قراءة هذه المقالة، نستطيع أن ندرك بشكل أفضل، بأن العقول الدنيوية المليئة بالرغبات الشيطانية، هي حقا غير قادرة على فهم الشخصيات الإلهية، وبالتالي، العاقبة للمتقين، والهزيمة للكافرين. قراءة هذه المقالة توضح إقتدار، وصلابة، وحنكة آية الله السيد الخامنئي. وعلاوة على ذلك، تطرح السؤال، ما هي الفائدة التي تحصل عليها الولايات المتحدة الأميركية من خلال العلاقة التي تسعى إليها، والتي يشكل المرشد الأعلى فيها عقبة كبيرة أمامها؟!
بدأ الكاتب مقالته بالجملة التالية: "ربما، ليس هناك من زعيم في العالم أكثر أهمية في الشؤون العالمية الراهنة، ولكن أقل شهرة (هذا من حقد الكاتب طبعا)من آية الله السيد علي الخامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران". في البداية، هدف إلى تحديد الأسباب الكامنة وراء أهمية تحليل فكر المرشد الأعلى. أكد أن سماحته كان "معتدلا" قبل أن يصبح المرشد الأعلى، وأن إهتماماته شملت الموسيقى والشعر وإرتداء ساعة اليد! وأشار إلى تأثير إيران في المنطقة وعلى عدد من الدول، بما في ذلك العراق، ولبنان، وفلسطين، والعلاقة بين إرتفاع "أسعار النفط" وتزايد قوة إيران. وعلاوة على ذلك، أشار إلى أن مسار تاريخ الجمهورية الإسلامية موثق في كتابات وخطب الإمام الخميني – قدس سره؛ لذلك، يدرك آية الله السيد الخامنئي الأهداف الأربعة للثورة الإيرانية، ألا وهي “العدالة”، و “الإستقلال”، و “الإكتفاء الذاتي”، و”الروحية الدينية”. لذلك، حاول الكاتب إستخراج نظرة آية الله الخامنئي والتعبير عنها فيما يتعلق بهذه الأهداف الأربعة.
عرف الكاتب شخصيتين مؤثرتين في السلوك السياسي للسيد علي الخامنئي، ألا وهما، نواب صفوي والإمام الخميني – قدس سره. ثم قدم تاريخا مشوها لفترة رئاسته وما قبل تسلمه للقيادة. وأكد على أهمية المرشد الأعلى في إيران، من خلال صلاحيته في تحديد السياسات العامة للبلاد وتأثيره العظيم. نظرة آية الله السيد علي الخامنئي للهدف الأول، “العدالة”، يعني تضاد للرأسمالية، وهو تعريف عجز الكاتب عن تحليله وإدراكه. وأقر بإهتمام المرشد الأعلى بالمجتمع، وضرورة تأمين إحتياجاته الضرورية، لا سيما المنتجات الغذائية. أضاف الكاتب أن سماحته يدل على الإسلام كأفضل نهج لإقامة العدل، ويجعل الحياة جذابة للشباب من خلال محاربة القمع، وهو عامل مهم في الدعوة للإسلام.
يرى السيد علي الخامنئي أن هناك إرتباط وثيق بين ثلاث عناصر، التقدم العلمي، والإكتفاء الذاتي الإقتصادي والصناعي، والإستقلال السياسي، حيث كل واحد هو شرط أساسي لتحقق الآخر. وأخيرا، أشار الكاتب إلى تركيز المرشد الأعلى على أن منع البلدان من تحقيق هذه العناصر هو العامل الذي جعل إيران تحت سيطرة الغرب في عهد الشاه، و رؤية سماحته بأن العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية كانت سببا لتحقق إكتفاء ذاتي أكبر في إيران؟
إحتلت السياسة الخارجية الحائز الأكبر من التقرير، حيث إعتبر آية الله الخامنئي كتبع للإمام الخميني في هذا المجال. فطوال العقود الثلاثة من قيادته، كان يعبر عن الولايات المتحدة الأميركية كالشيطان الأكبر، وكان يعرب عن عدائه بشكل واضح. إن جذور العداوة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية هي في الواقع ليست بسبب القضية النووية أو نفي “إسرائيل” والدفاع عن حزب الله. لكن، بسبب الموقع الإستراتيجي لإيران وموارد الطاقة المهمة التي تمتلكها، والتي هي بحوزة دولة مسلمة في طبيعة الحال. وقد عرف القائد الأعلى “المقاومة” كإسترتيجية دفاعية ضد الضغوط التي يمارسها مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة الأميركية، فسماحته يعتبر أنه كلما تذللت وأطعت القوى الكبرى، كلما زاد ضغطهم.
بالإضافة إلى ما سبق، أشار الكاتب إلى إهتمام الامام الخامنئي الكبير في لفت إنتباه الشعب الإيراني “للمؤامرات التي تحيكها الولايات المتحدة الأميركية ضد الثورة “، حيث يوضح الأحداث التي أدت إلى سقوط الإتحاد السوفياتي، والثورات الملونة. أعرب الكاتب عن تعجبه حيال هذا الإهتمام، من خلال تحليل كلام سماحته عن الغزوات الثقافية المعادية للإسلام من قبل الغرب والولايات المتحدة، والعوامل الداخلية التي تؤدي إلى إنهيار بلد ما.
من أهم القضايا التي تحتل حيزا مهما من إهتمامات المرشد الأعلى هي قضية فلسطين والكيان الصهيوني. بينما كان يشرح الكاتب موقف سماحته من هذه القضية، أشار إلى الإستفتاء الذي طرحه على الفلسطينيين. في منطق عاجز، أصر الكاتب بأن إيران لن تستطيع طرح هكذا قضايا إذا تقدم الفلسطينيون بصلح مع “إسرائيل”!
إعتبر كاتب التقرير بأن إستراتيجية توسيع نفوذ إيران في المنطقة تستند إلى ثلاث عناصر في فكر آية الله الخامنئي. العنصر الأول هو التأكيد على المصالح والأعداء المشتركة بين إيران والعالم الإسلامي، وجعلها ضمن الأولويات. العنصر الثاني يشمل دعم الديمقراطية والإنتخابات المستقلة في الدول الإسلامية، مثل إنتصار حركة حماس في فلسطين، وحزب الله في لبنان، وحركة الأخوان المسلمين في مصر، والشيعة في العراق، و ما إلى ذلك. وأخيرا، العنصر الثالث هو الجمع بين التأثيرات السياسية والثقافية مع المسائل الأمنية في المنطقة، حيث يمكن لإيران أن تلعب دورا في هذا الأمر.
أظهرت المقالة أيضا أن مسألة الطاقة النووية في فكر الإمام الخامنئي هي قضية إستقلال، وضرورة للإكتفاء الذاتي، وظلم تمارسه القوى العالمية، ومصلحة إسلامية كنهج لإكتساب العلم. لذلك، كان دافعه دائما دؤوبا في تحقيق التقدم العلمي في إيران، لأنه يعتبر النمو العلمي، والإكتفاء الذاتي، والإستقلال السياسي هم عبارة عن دوائر مترابطة.
تابع التقرير أن تحليل الإمام الخامنئي للغزو الأمريكي للعراق هو في الواقع هجوم بهدف السعي وراء السيطرة على الشرق الأوسط، دون أن ننسى أن الولايات المتحدة واجهت الكثير من المتاعب في العراق. يعتبر سماحته أيضا بأن كان الغزو بهدف خلق حكومات أميركية في المنطقة، ما قد يهدد إيران ويحمي “إسرائيل”.
أشار التقرير أيضا إلى نظرة السيد الخامنئي للوحدة مع العالم الإسلامي، وتأكيده على عدم وجود خلاف مع أهل السنة والجماعة، وأن أعداء الإسلام الحقيقيين ليسوا سوى الولايات المتحدة الأميركية والنظام الصهيوني، الذي يمارس الفتنة في المنطقة. كان التأكيد إستنادا لدعمه لحركة حماس السنية، ورفضه لفكرة أن إيران تسعى لإنشاء هلال شيعي في المنطقة.
أظهر هذا التقرير، حقائق كثيرة و مهمة لكن لا تخلو من ضغينة وحقد الكاتب. في النهاية، أعرب الكاتب عن أمله في أن تحقق الولايات المتحدة الأميركية مصالحها في علاقتها مع إيران في المستقبل! و
وضع الكاتب أيضا في نهاية التقرير بعض التوجيهات للمسؤولين الأميركيين، على الرغم من أنها ستكون بعيدة كل البعد عن خلق ظروف داخلية أو خارجية مواتية للولايات المتحدة، في ظل قيادة الإمام الخامنئي. ومع ذلك، طرح التقرير بعض النقاط الواقعية التي قد تكون ضمن إستراتيجية مرغوبة، في سياق تحسين العلاقات الأميركية-الإيرانية، “في الظروف الراهنة”! على الأميركيين أن ينتبهوا إلى التالي:
أولا، يجب أن يقتنع المرشد الأعلى بأن الولايات المتحدة مستعدة لتغيير موقفها وإحترام إيران.
ثانيا، لن يقبل الإمام الخامنئي أي تراجع أو هزيمة لإيران، ولن يتأثر بأي ضغط.
ثالثا، يجب أن يتم مناقشة أي إتفاق مع القائد الأعلى، السيد علي الخامنئي، وليس مع أي مقام آخر؛ وإلا ستكون عبثا كالجهود السابقة في عهد الإصلاحيين.
في آخر التقرير، شدد الكاتب بأن طالما السيد علي الخامنئي هو زعيم إيران، فلن تكون هناك علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران. وعلاوة على ذلك، فعلى الرغم من إنتصار وسيطرة الثورة الثقافية، “الموت لأمريكا”، للعقد الثالث على التوالي، وعلى رغم بأن مداراة الإمام الخامنئي أمرا صعبا، لكن تجدر الإشارة إلى أن تنفيذ أي إتفاق من شأنه أن “يتجاهل، يقوض، أو يقلل من قيمة” سماحته، سيفشل بالتأكيد.
المصدر:SayyidAli.com