وتسمى هذه الليلة في إيران والدول المجاورة، والتي لها ثقافات مشترکة معها بليلة "بدء الشتاء" أو "يلدا" أو "ليلة المربعانية" كما تصادف هذه الليلة الانقلاب الشتوي.
وتأتي کل هذه العادات والمراسم أساسا لتجتمع الأسر والعوائل مع بعضها، وهم يحتفلون بأطول ليلة في السنة بکل سرور ومحبة.
ومن الضروريات التي تصحب هذا التجمّع الأسري هي مشارکة الأقارب وخاصة کبار السن، وذلك يرمز إلى شيخوخة الشمس في نهاية الخريف، فضلا عن توفير أطعمة وفواکه عدة لقضاء هذه الليلة الطويلة منها البطيخ الأحمر الذي يعتبر سيد المائدة ثم الرمان والعنب والفاكهة الطازجة والمكسرات وکل ما يميل لونه إلى الأحمر لون الشمس.
ونظرا لمدى الدقة التي يحظى بها الجدول الزمني والتقويم الإيراني وكذلك تطابقه الكامل مع التقويم الطبيعي، يصادف الانقلاب الشتوي دوما وفي کل عام الليلة الـ30 لشهر آذر" التاسع بين الشهور الايرانية، 21 ديسمبر/ كانون الثاني..
ومن بداية فصل الصيف، تأخذ الشمس بالشروق من مكان أدنى قليلا عن مكانها في اليوم السابق عند أفق البزوغ، وتستمر هذه الحالة حتى تصل الشمس في بداية الشتاء إلى أدنى مستوى جنوبي لها يعرف بنقطة "الاعتدالين".
وانطلاقا من هذا اليوم وما بعده، تتبع نقاط شروق الشمس حرکة عكسية، حيث تتجه مجددا إلى الأعلى وتعود مرة ثانية إلى الانقلاب الصيفي.
وهذه العودة الجديدة للشمس إلى الجهة الشمالية الشرقية وتصاعد وتيرة طول الأيام، کانت لها مكانة خاصة عند معتقدات الناس في الماضي السحيق. فكان القدماء يعتبرونها لحظة ولادة جديدة للشمس، ما يجعلهم يحتفون بها بإجلال وإکرام.
وکان الناس في الماضي يقيمون طقوسا وتقاليد فيما يخص هذه الليلة، ومن إحدى هذه الطقوس والعادات، کانت إقامة الاحتفالية ليلا والسهر حتى الفجر، حتى شروق شمس مولودة.
ومن العادات والتقاليد التي مازال الإيرانيون يحتفون بها في "ليلة يلدا"، أخذ الفأل من ديوان الشاعر حافظ الشيرازي، وهم يقرؤون أبياتا من أشعاره وقصائده، وذلک من أجل أن ينتابهم السرور والحظ السعيد في الحياة.
وفي بعض أرجاء إيران، يقبل الناس على قراءة وإنشاد أشعار من کتاب "الشاهنامة" (أي سير الملوك) للشاعر الملحمي الإيراني أبي القاسم الفردوسي، وسرد القصص والذكريات من لسان الآباء والأجداد في الأسرة هو الآخر يضفي صفاء وهناء خاصا على الأجواء التي تسود هذه الاحتفالية الليلية.