يقول الشيخ محمد الجمالي الكاظمي (رحمه الله ) الذي كان من كبار العلماء في ذلك الوقت وكان مرشحاً للمرجعية العليا بعد السيد أبو الحسن ولكن الله تعالى توفاه قبل رحيل السيد أبو الحسن.
ينقل الشيخ الكاظمي انه كان له صديق من الاشخاص العاديين وليس من رجال الدين وكان ساكناً في مدينة اصفهان وكان ذا خلق سيء ، ومن أعداء السيد أبو الحسن الاصفهاني ولا يكف عن سبّه وانتقاده مع فارق المسافة والبعد بينهما.
ذات مرّة ارسل هذا الرجل رسالة إلى صديقة الشيخ محمد علي الكاظمي وكتب فيها : (( أن أذهب وقل لهذا السيد الريفي <القروي> يعني السيد ابو الحسن الاصفهاني - ان الدهر يحوج المرآة إلى رماد - وكتب شعراً فارسياً بهذا المعنى - وانني أنا المرآة احتجت إليك أنت الرماد ، وأنا أحتاج الى النقود فأرسل لي شيئاً منها)) .. بهذه اللهجة الوقحة والخشنة - وهو محتاج - يخاطب المرجع الاعلى للمسلمين في زمانه.
الشيخ الكاظمي يقول : لمّا رأيت الرسالة امتعضت كثيراً وقلت : أي رجل سيء الادب هذا ، ولكنني قلت هذه حاجة انسان ولابد من ان اسعى لتلبيتها ، لذلك ذهبت إلى السيد ابو الحسن وقلت : أتعرف ( فلاناً) في اصفهان ... قال : نعم .. قلت : انه كما يظهر فقير ومحتاج فمن الحسن ان تعطي له كمية من المال .... ابتسم السيد وأدركه شيء من فراسته فقال : هل ارسل لك رسالة يطلب منك مالاً ؟؟...
قلت : نعم .. قال : إذن أئتني بالرسالة لأراها ..
يضيف الشيخ الكاظمي : حاولت ان اثني السيد عن طلبه لأنني كنت خجلاً من ان يراها وما فيها من السب والاهانة لشخصه الشريف ، وخشيت ان يدفعه ذلك إلى أن يرفض اعطاءه المال. ... وقلت له : الرسالة ضاعت ولا أدري اين هي بالضبط .. ولكن السيد (رحمه الله) ابتسم وقال : لا بد أن تأتي بالرسالة حتى اعطيك المال .. فقلت: اخاف إذا أتيتك بالرسالة ألا تعطيه المال .. ولكنه اصر على رؤية الرسالة .. وبالفعل جئت بها إليه.
وعندما قرأها بدأ يضحك ، واعطاني كمية من المال ... وقال أرسل له رسالة واكتب فيها : نعم إن الدهر قد يحوج المرآة إلى رماد .. وهذا كلام صحيح .. فالدهر أحوجك إليّ.
بهذه الروح قابل السيد ابو الحسن (رحمه الله) طالب الحاجة هذا ، فكان حقّاً هو المرآة وذاك هو الرماد.