هذه التساؤلات التي تأتي في إطار مُلاحظات رصدتها القناة المذكورة من خلال مُراقبتها لظهور الرئيس الحريري مُحقّة، وفي مكانها، وتأتي في إطار الاجتهاد المهني الذي يَحق للإعلام مُمارسته، وفرض رقابته، وخاصّةً في كشف المستور، وتبيان الحقائق، التي يُحاول إعلام الطرف الآخر طمسها، والحديث هُنا عن إعلام السعوديّة وتحديداً قناة “العربيّة” التي تكفّلت أو أُوكل إليها هذا الدور إعلاميّاً، وبدأ منذ لحظة إعلان استقالته، في ظروف أشبه بأجواء أفلام الآكشن، والتي يتخللها التهديد والوعيد.
الشكوك حول اعتقال الحريري ومنعه من السفر من قبل السلطات السعوديّة، لن يُبددها إلا عودته إلى لبنان على متن طائرته التي عادت فارغة بالأمس، وملاحظات قناة "الجديد" على "مظهر" الرئيس المُستقيل، تُؤكّد تلك الشكوك، فالحريري رجل يملك الملايين، ويستطيع أن يستبدل بِذْلاته أكثر من مرّة من باب الغنى الفاحش، وها هو فعلاً كما رصدت "الجديد" كان قبل يوم استقالته "المَشؤوم" يُغيرّ ربطات عُنقه خلال اليوم، إلى أن وصل به الحال إلى "بِذْلة" غير "مَكويّة" كما ظهرت بالفِعل خلال زيارته للإمارات.
يبدو أن حالة الحريري النفسيّة وظروفها، لا تسمح له باستبدال "بِذْلته"، والإنسان بطبيعة الأحوال حينما يتعرّض لظروف غير طبيعيّة يُهمل نفسه، ويبدو فيما يبدو أن نومه على الأرض في فندق "السجن" الفاخر، إلى جانب الأُمراء المُعتقلين، قد ساهم كما نقول في العاميّة “جعلكة” “بذلته”، وبالتالي ظهرت بحالها البائس غير المكوي.
كنّا نتمنّى لو أن قناة "المستقبل" التي يملكها الحريري، هي من تصدّرت مشهد الدفاع عن مالكها، وليس مالكها فقط، وإنّما رئيس حكومة بلادها لبنان، ولكن يبدو أن تلك القناة مُتخصّصة فقط في صيد وعثرات وأخطاء "حزب الله" ومحور المُقاومة، والإعلامي اللبناني نديم قطيش صاحب برنامج (DNA)، البارع في رصد خطابات السيد حسن نصرالله، لم تُسعفه براعته في وضع مُلاحظاته الساخرة عن ظهور الحريري الأخير من العاصمة الرياض، وهو يُقدّم استقالته مَجبوراً.
سماح السلطات السعوديّة للحريري بالسفر إلى الإمارات، واللقاء الذي جمعه بالملك السعودي، برأينا أشبه بمسرحيّة لتبديد شائعات اعتقاله، وإظهاره كمن يتولّى أمره، ويتحرّك بحُريّة، وتصريحات المَسؤولين السعوديين حول عَودته إلى لبنان متى شاء، لن يُصدّقها اللبنانيون إلا في حال شاء بالفعل وعاد، أو سُمِح له بالعَودة.
خالد الجيوسي