أولاد العم .. المطبعون !! .. التاريخ السري لعلاقة آل سعود بالإسرائيليين (القسم الخامس)

الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 04:55 بتوقيت غرينتش
أولاد العم .. المطبعون !! .. التاريخ السري لعلاقة آل سعود بالإسرائيليين (القسم الخامس)

وعلى صعيد متصل ، نشرت مجلة “نيويوركر” في 5/3/2007م ، تقريراً لسيمور هيرش، تحت عنوان “إعادة التوجيه” أماط فيه الصحافي الشهير اللثام عن خفايا الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة الأشد التهاباً في العالم ، وطبيعة المهمات التي تضطلع به حكومات عربية حليفة لواشنطن، وعلاقتها بالدولة العبرية ، سنقتطف منه فقرات متعلّقة بالسعودية، حيث يقول : إن التحول في السياسة دفع السعودية و(إسرائيل) إلى ما يشبه “العناق الاستراتيجي الجديد، لاسيما أن كلا البلدين ينظران إلى إيران على أنها تهديد وجودي. وقد دخلوا (السعوديون والإسرائيليون) في محادثات مباشرة .

حيث يعتقد السعوديون أن استقراراً أوسع في ( إسرائيل ) وفلسطين سيعطي لإيران نفوذاً أقل في المنطقة، ومن ثم أصبحوا أكثر تدخلاً في المفاوضات العربية الإسرائيلية. وخلال العام 2007، توصل السعوديون والإسرائيليون وإدارة بوش إلى سلسلة من الاتفاقات – غير الرسمية – حول توجههم الإستراتيجي الجديد، وقد شمل هذا الأمر عناصر (أهمها) : طمأنة إسرائيل إلى أن أمنها هو الأمر الأسمى، وأن واشنطن والسعودية والدول الخليجية الأخرى تشاركها قلقها حول إيران .

فلقد بدأت الرياض اتصالاتها مع الإسرائيليين والجمعيات اليهودية المؤيّدة للدولة الصهيونية في الولايات المتحدة، منذ أكثر من عقد، وهو تقارب حظي بمباركة الإدارة الأمريكية على طول الخط، ولكنه لم يكن علنياً بل ظل مقتصراً على القنوات الدبلوماسية المفتوحة بين الجهتين، وكان مهندس هذه القنوات الأمير بندر بن سلطان – السفير السعودي الأسبق لدى واشنطن ـ الذي اعتبرته الصحف الإسرائيلية “صلة الوصل بين الدولة الصهيونية وجيرانها.

وكان لبندر اتصالاته القديمة مع الإسرائيليين، وفي ذلك يقدّم الكاتب الأمريكي nospmiS mailliW – كاتب سيرة حياة الأمير السعودي – تلميحات إلى الطريقة التي أسس بها بندر روابطه مع الإسرائيليين .

ويرى الصحفى الإسرائيلى (ستيف رودان) فى الجيروزاليم بوست فى 17/9/1994 ” أن حرب الخليج عام 1991 قد شكلت منعطفا هاما بالنسبة لصناعات إسرائيل العسكرية لأنها مكّنتها من بيع الأسلحة الإسرائيلية على نطاق واسع للولايات المتحدة وحلفائها العرب، فمثلا اشترت السعودية منها منصات إطلاق صواريخ توماهوك، وقذائف مضادة للدروع، وطائرات استطلاع بدون طيار، وأجهزة ملاحة، فضلا عن 14 جسر عسكرى صنّعتها شركة تاس الإسرائيلية سعر الجسر الواحد مليون دولار” .. ويضيف الخبيران الأمنيّان (ميلمان، رافيف) “أن إسرائيل شحنت للسعودية مناظير للرؤية الليلية ومعدات لزرع الألغام وقد أمرالجنرال شوارتز كوف قائد قوات التحالف الغربى ضد العراق بإزالة جميع الكتابات العبرية المنقوشة على الأسلحة حتى لا يكتشف أحد منشأها

والعلاقات السعودية الإسرائيلية قديمة، و التنسيق بينهما موجود منذ الستينيات الميلادية، أي منذ حرب اليمن (حسب الوثيقة) على الأقل .. ففي تلك الفترة رأت السعودية وإسرائيل مصلحة مشتركة بينهما في إشغال عبد الناصر وإضعافه ، وهو ما حدث في نكسة 1967م.

يمكن اعتبار حرب اليمن بداية الانطلاقة في العلاقة بين إسرائيل والسعودية، فلأول مرة يلتقي مسؤولو البلدين اتصالاً رسمياً عبر جوليان إيمرى ، عضو مجلس العموم البريطاني من المحافظين الحاقدين على مصر، وعبر الوزير دنكان سانديز.. إيمري ذكر في كتابه: (الصراع على اليمن) بأنه أخبر الملك فيصل بأن نجاح عبد الناصر في اليمن يمثل خطراً على الاحتياطات النفطية وينذر بالشر، ولذا على جميع الأطراف مقاومته، وقال بأنه هو الذي اقترح على فيصل جعل اليمن مصيدة لعبد الناصر كي تستنزفه في حرب أهلية، وهذا يتطلب تشكيل إطار سياسي لمواجهة الناصرية، من خلال إعطاء دور لإسرائيل وتخفيف العداء السعودي الهاشمي، وهو ما تمّ فعلاً.

وقد نقلت صحيفة سلاح الجو الإسرائيلي فى عددها الصادر فى مايو 2008عن طيارين إسرائيليين مشاركتهم في مساعدة القوات الموالية لنظام الإمام بدر أثناء تصديها للجيش المصري الذي أُرسل إلى اليمن لدعم الثورة في ستينيات القرن الماضي.. ووفقا للصحيفة , فإن الطيران الإسرائيلي نفذ عددا من الطلعات الجوية فوق اليمن أسقط أثناءها السلاح والعتاد للقوات الموالية للإمام بدر في عملية أعطيت اسم “صلصة”.

الصحيفة كشفت قيام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ 14 طلعة جوية أسقطت أثناءها الأسلحة والعتاد العسكري والأغذية والمواد الطبية لمساعدة القوات الموالية للإمام بدر – آخر أئمة اليمن- في حربه ضد الجيش المصري وقوات الثوار اليمنيين.

وكشفت الصحيفة وثائق سرية عن ذلك وصورا لبعض الطيارين الإسرائيليين، إضافة إلى نشرها صورا لبعض من أسمتهم موالين للأمام بدر وبحوزتهم السلاح ) الإسرائيلي(

ويقر ايمري في كتابه بأن عدنان خاشقجي – الذي أصبح مقرّباً من فهد – بأنه كان قبل ذلك التاريخ على علاقة مع الإسرائيليين قبل أن تتضح تماماً في السبعينيات والثمانينيات الميلادية، وأنه هو الذي وفر ميزانية لشراء أسلحة واستقدام مرتزقة إسرائيليين وبريطانيين وفرنسيين وبلجيكيين وجنوب إفريقيين تم إرسالهم لليمن لدعم وتسليح القبائل اليمنية الموالية للسعودية والملكيين والمناهضة لعبد الناصر. ولكي يتم التواصل بشكل مستمر، افتتح مكتب ارتباط سعودي ـ إسرائيلي في بيروت تحت غطاء تجارى .

***

وتشير العديد من الوثائق الإسرائيلية إلى عمق العلاقات الإسرائيلية السعودية والتي وصفت هذه العلاقات بأنها علاقات سياسية واستراتيجية حقيقية مدعمة هذه الحقيقية بالعديد من الشهادات الإسرائيلية والتي يمكن أن نشير إلى نماذج منها:

كتب “هيرش جودمان” مقالاً في صحيفة “الجيروزاليم بوست” في 12/10/1980 يقول هناك تفاهم واضح في العلاقات السعودية الإسرائيلية وخصوصاً في الفترة 1967-1973 يتعلق بإدراك آل سعود في الفترة (1967 – 1973 ) أنه إذا تحرشت مصر بالمملكة السعودية القليلة السكان والمتخمة بالمال والمؤيدة للغرب بشدة فإن حكام السعودية يعرفون أن إسرائيل ستتدخل للدفاع عنهم لحماية المصالح الغربية.

وفي مايو 1994 نشر خبير شؤون المخابرات يوسي ميلمان ودان رافيف بحثاً بعنوان الأصدقاء بالأفعال” أسرار التحالف الإسرائيلي – السعودي جاء فيه “كان السعوديون رسمياً وعلنياً في حالة حرب ظاهرية مع إسرائيل إلا أن صانعي القرار في إسرائيل كانوا يدركون أن المملكة السعودية دولة تخدم مصالح إسرائيل وأن التنسيق بين آل سعود وإسرائيل يكون دوماً على أعلى المستويات وأن السعودية رغم استخدامها الخطاب المعادي لإسرائيل كانت على اتصال مستمر مع إسرائيل ففي حقل المخابرات التقى ضباط العمليات في المخابرات الإسرائيلية ” الموساد ” مع ضباط أمن ومخابرات الأسرة المالكة السعودية مرات كثيرة وتبادلوا وجهات النظر حول الطرق الواجب تطبيقها لإضعاف القوى القومية والتقدمية في المنطقة العربية أما المخابرات المركزية الأمريكية فكانت دوماً على علم بالاتصالات السرية السعودية الإسرائيلية وشجعتها باستمرار.

ذكر الباحث الكساندر بلاي من معهد ترومان في مقال كتبه في مجلة العلوم السياسية الفصليـة “جيروزاليم كوارترلي” تحــت عنــوان ” نحو تعايش إسرائيليسعودي سلمي”..إن المملكة السعودية وإسرائيل قامتا ببناء علاقة حميمة وكانتا على اتصال مستمر في أعقاب حدوث ثورة اليمن عام 1962 بهدف ما اسماه “منع عدوهما المشترك” أي عبد الناصر من تسجيل انتصار عسكري في الجزيرة العربية وقال في موضع آخر أنه أجرى مقابلة مع السفير الإسرائيلي السابق في لندن آهارون ريميز(1970-1965) الذي أعلمه أن الملك سعود والملك فيصل كانا على علاقة حميمة مع إسرائيل وعلى اتصال وثيق معها.

أثناء مؤتمر عقد في واشنطن في عام 1978 يتعلق ببحث التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط أشار أحد الخبراء العسكريين الإسرائيليين إلى أنه حدثت خلال الخمسة عشر عاماً المنصرمة ثلاث محاولات على الأقل للإطاحة بالعرش السعودي عن طريق اغتيال الملك ونحن على دراية بأن المخابرات الإسرائيلية تدخلت وأحبطت محاولتين منها لإدراك الإسرائيليين لأهمية الحفاظ على نظام آل سعود في المنطقة خدمة للأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية.

وأوضح هذا الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي أن صحيفة دافار في العام 1978 نشرت ما يعزز قوله مشيراً إلى أن عدداً من مقربي شمعون بيريز اجتمعوا مع اثنين من المبعوثين السعوديين وقدم الإسرائيليون فيه معلومات حول مخطط لاغتيال عدد من أفراد الأسرة السعودية المالكة مقابل تقديم النظام السعودي خدمات جليلة لإسرائيل لم يفصح عنها.

ذكر الباحث صموئيل سيفاف في كتابه الوثائق السرية الإسرائيلية أن النظام السعودي أعلم المسؤولين الإسرائيليين تقارير استخباراتية دورية عن الأوضاع في الشرق الأوسط وتحليلها وتقييمها.

وذكر نفس الباحث أن الخاشقجي التقى مع مبعوث لبيريز في لندن في العام 1983م بحضور روبرت ماكفرلين مستشار الأمن القومي في إدارة ريجان وقدم الخاشقجي تقريراً سرياً مؤلفاً من (47) صفحة للحكومة الإسرائيلية يحتوي على تفاصيل دقيقة عن أوضاع المنطقة واقترح في تقريره إنشاء برنامج تطوير اقتصادي للشرق الأوسط يشبه خطة “مارشال” واقترح أن تدفع الولايات المتحدة والمملكة السعودية والكويت مبلغاً وقدره (300) مليار دولار للاستثمار في إسرائيل والدول العربية التي تقبل عقد سلام معها.

***

ولأن تاريخ العشق التطبيعى بين أولاد العم (آل سعود والصهاينة) قديم ومتنوع المجالات والجغرافيا فلقد ذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية بتاريخ 19/11/1991 أن السفير السعودي (الأسبق) في واشنطن الأمير بندر بن سلطان التقى مجموعة من زعماء الجالية اليهودية في نيويورك في منزل المليونير اليهودي تسفي شلوم وفيه أكد السفير السعودي أن الرياض ليست لديها تحفظات على سياسة إسرائيل في المنطقة.

مشيراً إلى أن هذه السياسة تخدم تماماً توجهات النظام السعودي وأن بندر نفسه أشرف على ترتيب زيارة سرية لوفد من أنشط عناصر الحركة الصهيونية إلى المملكة السعودية في نفس العام .. وقد ترأس الوفد الإسرائيلي ديفيد كمحي وقد تقدم الوفد بعدة مطالب وهي : الضغط على الدول العربية للتعجيل بإلغاء المقاطعة العربية وقطع المساعدات المالية عن الانتفاضة الفلسطينية ، العمل من خلال أصدقاء المملكة على وقف العمليات العسكرية في لبنان.

الخبير العسكري الإسرائيلي هيرش جودفان ، كتب للجيروزاليم بوست (12/10/1980) إن تفاهماً غير مكتوب أبرم بين إسرائيل والسعودية في الفترة الواقعة بين النكسة وحرب أكتوبر 1967-1973، يتيح لإسرائيل التدخل مباشرة وبالنيابة عن أميركا والسعودية لصالح الأخيرة في حال قررت مصر التحرّش بالسعودية المتخمة بالمال والمؤيدة من قبل الغرب. ويرى باحثون إسرائيليون بأن إسرائيل أنقذت السعودية مرتين: الأولى في بداية الستينيات من خلال مساهمة إسرائيل في حرب اليمن ضد عبد الناصر، والثانية عام 1967 حين قامت إسرائيل باحتلال سيناء وتكسير الجيش المصري. ويرى الباحث الكساندر بلاي بأن السعودية وإسرائيل أقامتا علاقة حميمة واتصالات قوية أخذت طابع الاستمرارية بعد حرب اليمن وكان الهدف المشترك هو منع عبد الناصر من اختراق الجزيرة العربية عسكرياً. وأكد بلاي بأن السفير الإسرائيلي السابق في لندن بين عامي 1965-1970 أهارون يميز قد أبلغه بعمق العلاقة التي أقامها الملكان سعود وفيصل مع الإسرائيليين في مواجهة العدو المصري، وهو أمرٌ أعاد تأكيده فرد هاليداي في كتابه ” الجزيرة العربية بلا سلاطين ” حيث أشار إلى أن فيصل طلب من إسرائيل التدخل لحمايته من عبد الناصر، وأن الأخيرة شحنت كميات كبيرة من الأسلحة، مستخدمة طائرات بريطانية وألقتها من الجو فوق مناطق نفوذ القبائل الداعمة للملكية اليمنية.

***

هذا ويحدثنا التاريخ السابق لما سمى زيفاً بربيع الثورات العربية (2011) نجد العديد من المؤشرات المتسارعة حول خريطة التقارب السعودي – الإسرائيلي فى السنوات السابقة:

1- كان الأمير تركي الفيصل سفير المملكة العربية السعودية السابق في واشنطن ورئيس جهاز مخابراتها الأسبق، أول من دشن هذا التوجه الانفتاحي العلني ولايزال يمارسه بقبح وفجر لا يليق بعربى أو مسلم، بدأه عندما استقبل صحافيا إسرائيليا أثناء مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي الذي عقد دورته الشرق الأوسطية في منتجع شرم الشيخ فى ربيع 2006، وأعطى هذا الصحافي حديثا صحافيا مطولا نشره في صحيفته وتضمن مجموعة من النصائح لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت حول كيفية دفع عملية السلام في المنطقة. وبعدها بشهر تقريباً أكد تركي الفيصل أن بلاده تحاول إقناع الفلسطينيين بكل الوسائل بإتباع أسلوب المقاومة السلمية على  طريقة المهاتما غاندي، والتخلي عن الكفاح المسلح لعدم جدواه بسبب الفارق الهائل في موازين القوى لصالح الإسرائيليين.

2- فاجأت الحكومة السعودية المراقبين عندما تبنت موقفا متسرعا وواضحا ورد على لسان متحدث رسمي باسمها أدانت فيه اسر حزب الله لجنديين إسرائيليين والتسبب بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، وحملت الحزب مسؤولية هذا العدوان ونتائجه، ولم تدن بكلمة واحدة الطرف الإسرائيلي الذي كان يدمر لبنان وعاصمته بيروت ويقتل المئات من أطفاله. وهو الموقف الذي امتدحه اولمرت علنا، وأكد انه ابرز تطور في هذه الحرب، لأنها المرة الأولى التي تحظى فيها حرب إسرائيلية بتأييد عربي وسعودي بالذات، وأدانه السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله الذي طالب العرب بالوقوف على الحياد على الأقل إذا كانوا لا يؤيدون المقاومة، وقال بالحرف الواحد يومها (حلوا عنا).

ويتضح مما سبق أن العلاقة السرية بين الكيانين أخذت طورا جديدا .. وهو ما يوضحه الكاتب الأمريكى ” سيمور هيرش ” الذى نشرته مجلة “نيويوركر ” في 5/3/2007م ، تحت عنوان “إعادة التوجيه” أشار فيه لخفايا الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، وطبيعة المهمات التي تضطلع به حكومات عربية حليفة لواشنطن، وعلاقتها بالدولة العبرية.

يقول هيرش عن العلاقة بين المملكة وإسرائيل: إن التحول في السياسة دفع السعودية وإسرائيل ” إلى ما يشبه ” العناق الاستراتيجي الجديد ” ، لا سيما أن كلا البلدين ينظران إلى إيران على أنها تهديد وجودي. وقد دخلوا (السعوديون والإسرائيليون) في محادثات مباشرة، حيث يعتقد السعوديون أن استقراراً أوسع في (إسرائيل) وفلسطين سيعطي لإيران نفوذاً أقل في المنطقة، ومن ثم أصبحوا أكثر تدخلاً في المفاوضات العربية الإسرائيلية. وخلال العام الماضي، توصل السعوديون والإسرائيليون وإدارة بوش إلى سلسلة من الاتفاقات ـ غير الرسمية ـ حول توجههم الإستراتيجي الجديد، وقد شمل هذا الأمر عناصر (أهمها) : طمأنة إسرائيل إلى أن أمنها هو الأمر الأسمى، وأن واشنطن والسعودية والدول الخليجية الأخرى تشاركها قلقها حول إيران.

وينقل سايروس فانس في مذكراته عن زيارة فهد للولايات المتحدة الأمريكية وبعد تأكيد رئيسها له على التزامه الذي لا يتزعزع بأمن (إسرائيل) وحينما يسأل (الملك) فهد عن رأيه يجيب “إن هذه السنة ميمونة للتوصل إلى حل شامل للمشاكل العربية الإسرائيلية” ولم يحدث أن توترت علاقة (السعودية) مع الولايات المتحدة الحامية الأقوى لدويلة (إسرائيل) وحتى بعض المواقف (السعودية) والتي تبدو وكأنها مخالفة لسياسة أمريكا فإن ذلك نوعاً من الخلاف بين الأحباب” كما يعبر عن ذلك فاسيليف مؤلف كتاب العربية السعودية .هكذا كانت علاقة (السعودية) مع الدول التي تحمى (إسرائيل) وهكذا كان دورها الذي لا ينسى السعودية والمشاريع الاستسلامية ..

ينقل كارتر في مذكراته أن السادات “كان يرغب أن يعلن على الملأ بأنه غير راغب في إيجاد دولة فلسطينية مستقلة وهو يرى أن وجهة النظر هذه مشتركة بينه وبين السعوديين والعرب المعتدلين” هذه مع الحقيقة التي يكتمها (آل سعود) من موفقهم من كامب ديفيد ومن عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة فالنظام (السعودي) لا يمتلك أي مشروع جدي يقضي بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً بل الاستسلام والتعايش مع (إسرائيل) بسلام هو مشروعهم الوحيد. هكذا طرح فهد مشروعه الفاشل في (فاس) وتلاه الملك الراحل عبدالله فى مبادرة السلام العربية 2002، ثم سلمان وابنه محمد فى تواصلهم المباشر أو عبر وكلاء أمثال تركى الفيصل أو أنور عشقى، والحبل على الجرار !! كان يحوي هذا المشروع على ثمان نقاط أهمها انسحاب (إسرائيل) من جميع الأراضي العربية التي احتلت عام 1967م بما فيها القدس وإزالة المستعمرات التي أقامتها (إسرائيل) في الأراضي العربية بعد عام 1967م وخضوع الضفة الغريبة وقطاع عزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر وتأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام ومن ضمنها إسرائيل طبعاً، فقوبل المشروع بالرفض القاطع من قبل دول الرفض (سوريا وليبيا واليمن والجزائر) أما الدول البقية بما فيها الدول الخليجية فقد أيدت المشروع تبعاً (للسعودية) وما حقيقة هذا المشروع إلا دفع أمريكي لإشاعة روح الانهزام والتخاذل عن المطالبة بالحقوق المشروعة للمسلمين وخصوصاً الشعب الفلسطينية، وفي هذا اليوم لا نحتاج لإثبات الدور (السعودي) في إقرار أمن (إسرائيل) والاعتراف بها .

خامساً : العشق والمصلحة فى علاقات أولاد العم :

من الأمور المضحكة فى علاقة أولاد العم آل سعود والإسرائيليين أن ينكر (آل سعود) كل حين أنهم لا يطبعون مع العدو الصهيونى وعندما تشتد الحملة على مندوبيهم المطبعين أمثال (أنور ماجد عشقى) الجنرال المهان؛ يتبرأون منه وكأن (عشقى) يستطيع أن يذهب إلى حمام بيته بحرية ودون استئذان مشغليه، فلا الرجل ولا أي مسئول سعودى صغر مقامه أو كبر يجرؤ على أن يتحرك دون إذن من حكامه آل سعود أو أن يذهب لمدينة سعودية أخرى وليس دولة (ودولة عدو وفقاً للأعراف الإسلامية والعربية التى تدعى السعودية الانتماء إليها ).

إن التاريخ يحدثنا بأن الملك الراحل (فهد) هو الذي دفع عدنان خاشوقجي رجله في مجال الاستثمار والمال إلى القيام بنقل يهود الفلاشا إلى إسرائيل والملك الراحل عبدالله (الذى صدعونا أنه عروبى !!) وهو أصلاً لا يفقه معنى كلمة عروبة، هو الذي دفع بندر بن سلطان السفير السعودي السابق في أمريكا ومسئول الأمن القومي الحالي لإقامة علاقات وزيارات وطيدة مع رجال الموساد إبان الحرب على لبنان (2006) والمعروف أيضاً أن الشركات الإسرائيلية التي تعمل في الرياض منذ الثمانينات وحتى اليوم وصل عددها (19) شركة وهي تحمل أسماء أمريكية حتى لا يغضب الرأي العام ويكتشف ازدواجية آل سعود التاريخية في إدعاء الإسلامية والعروبة في الوقت الذي يمارسون فيه التطبيع الاقتصادي مع عدو العروبة والإسلام!! ثم بماذا نسمي العلاقات النفطية والاقتصادية وصفقات شراء السلاح السنوية ـ التي لا تصل أصلاً ـ مع دول الغرب والتي تصب عوائدها في جيوب الصهاينة، أليس هذا تطبيعاً ودعماً غير مباشر لإسرائيل في الوقت الذي يبخلون فيه على أهل غزة وفلسطين بما قيمته 1% من هذه الصفقات الحرام، ويتركون أهلها يموتون جوعاً وحصاراً! وبماذا نسمي حوار الأديان مع شيمون بيريز والعشاء الفاخر لخادم الحرمين الراحل (الملك عبد الله) معه وقوله لشيمون (أثناء ازدراده للطعام : أسمعك آه أصافحك لأ) على وزن أغنية الفنانة اللبنانية نانسي عجرم!! ثم أنه بعد ذلك خيب ظن نانسي ورفيقاتها وصافح الرجل بعد الأكل معه!! أليس هذا تطبيعاً؟!.

وبماذا نسمي مبادرة السلام التي روج لها ودفع الملايين للإعلان عنها رغم إسقاطها لحق العودة واحتواءها على بنود تفرض رفع العلم الإسرائيلي فوق العواصم العربية كلها بما في ذلك مكة المكرمة بعد قبول إسرائيل بعودة (شكلية) لحدود 1967!! أليس هذا تطبيعاً مجانياً مع عدو الأمة ومقدساتها!!

د.رفعت سيد أحمد

يتبع....

تصنيف :