هُما
سيف بن الحارث بن سُرَيع الجابريّ، وبنو جابر بطنٌ من هَمْدان من كهلان في اليمن ( عرب الجنوب ).. ومالك بن عبد بن سُرَيع الجابريّ، كانا ابنَي عمّ وأخَويَن لأمّ (1).
الانضمام إلى الركب الحسَينيّ
جاء مالك بن عبدالله بن سُرَيع وسيفُ بن الحارث بن سُرَيع، ومعهما شَبيب مولاهما، فدَخَلا في عسكر الإمام الحسين عليه السّلام وانضَمّا إليه. فلمّا كان اليومُ، العاشر من المحرّم، وقد رأيا سيّد شبابِ أهل الجنّة عليه السّلام بتلك الحال، أقْبَلا عليه وهما يبكيان، فسألهما الحسين صلوات الله عليه:
ـ أيِ آبنَي أخَوَيّ! ما يُبكيكُما ؟! فَوَاللهِ إنّي لأرجو أن تكونا بعد ساعةٍ قَريرَيِ العين.
فقالا: جَعَلنا اللهُ فداك، لا واللهِ ما على أنفُسِنا نبكي، ولكنْ نبكي عليك؛
نراك قد أُحِيطَ بك ولا نَقْدِر على أن نَمنعَك بأكثرَ مِن أنفسنا.
فقال سلام الله عليه لهما: جَزاكُما الله ـ يا آبنَي أخَوَيّ ـ عن وَجْدِكما مِن ذلك ومُواساتكما إيّاي أحسنَ جزاءِ المتّقين (2).
التربّص بأعداء الله
بعد أنْ جَزّى الإمامُ الحسين عليه السّلام الجابريَّين.. هَمّا أن يَهجِما، إذْ تَقَدّم حَنظلةُ بن أسعد الشِّباميّ، وكان فارساً شجاعاً، فنادى في عسكر عمر بن سعد:
يا قوم، إنّي أخاف عليكم مِثْل يَومِ الأحزابِ، مِثْلَ دَأْب قَومِ نُوحٍ وعادٍ، وثَمودَ والذينَ مِن بَعدِهم، وما اللهُ يُريدُ ظُلماً للعِباد، يا قومِ إنّي أخاف عليكم يَومَ التَّنادِ، يَومَ تُولُّونَ مُدبِرينَ ما لكُم مِن الله مِن عاصِم، يا قومِ لا تَقتلُوا حُسيناً؛ فيُسحِتَكُم اللهُ بعذاب، وقد خابَ مَن افترى!
فقال له الإمامُ الحسين عليه السّلام: يا ابن أسعد، رحمك الله، إنّهم قد استَوجَبوا العذابَ حين رَدُّوا عليكَ ما دَعَوتَهم إليه من الحقّ، ونَهَضوا إليك يَشتمونَكَ وأصحابَك، فكيف بِهمُ الآنَ وقد قَتَلوا إخوانَك الصالحين ؟!
قال حنظلة: صدقتَ، جُعلِتُ فِداك، أفَلاَ نروح إلى ربّنا، فنلحقَ بإخواننا ؟
فأجابه الحسين صلوات الله عليه: رُحْ إلى ما هو خيرٌ لك من الدنيا وما فيها، وإلى مُلْكٍ لا يَبلى.
ثمّ استقدم وقاتل قتالاً شديداً، فحمَلَ عليه أعداءُ الله فقتلوه، رضوان الله عليه.
وحان الحين
كلُّ هذا.. والجابريّان مُتحفّزانِ للولوج إلى غمار المعركة، إذْ كانا ينتظرانِ ما يجري، حتّى إذا استُشهد حنظلةُ بن أسعد الشِّباميّ، استقدما يتسابقانِ إلى القوم، ويَلتَفتان إلى سيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين سلام الله عليه فيقولان:
ـ السلام عليك يا ابنَ رسول الله.
والإمام الحسين عليه السّلام يُحيّيهما:
ـ وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته.
ثمّ جعلا يُقاتلانِ كلاهما، وإنّ أحدَهما لَيحمي ظَهرَ صاحبه، حتّى استُشهِدا معاً رضوان الله عليهما (3).
همُ عِصـمةُ الـلاجي، إذا هو يَختَشي وهم دَيمـة الـراجي، إذا هـو يَجتَدي
إذا مـا خَبَتْ نارُ الـوغى شَعْشَعُوا لها سُـيوفَهُمُ جَمْـراً، وقـالـوا: تَوقَّـدي
ثِقـالُ الخُطى لكـنْ يَخِفُّـون للـوغى سِراعـاً بخرِصـانِ الـوَشيجِ المسَـدَّدِ
إذا شَـرَعوا سُمْـرَ الـرماحِ حَسِـبْتَها كـواكبَ فـي ليلٍ مـن النَّقْـعِ أسـوَدِ
أوِ آصطَـدَمَتْ تحتَ العَجـاج كتـائبٌ جَـرى أصيَدٌ منهـم لهـا إثْـرَ أصيَدِ
يَكِـرُّونَ والأبطـالُ طائشـةُ الـخُطى وشخصُ المنـايا بالعَجـاجةِ مُرتَـدي
لَوَوْا جـانبـاً عن مَوردِ الضَّيْم فآنثَنوا على الأرضِ صَـرعى سيّداً بعـدَ سيّدِ
هَوَوا للثَّـرى نَهْبَ السُّيوفِ جُسـومُهم عَـوارٍ.. ولكـنْ بالمـكارمِ تَـرتَـدي
وأضحى يُديـر السِّبْطُ عينَيهِ لا يـرى سوى جُثَثٍ منهم على التُّرْبِ رُكَّدِ! (4)
فسلامٌ عليكما أيُّها الجابريّان في زمرةِ الفائزين
وسلام عليكما هابطاً كلَّ يومٍ من الله ربِّ العالمين
وسلامٌ عليكم مباركاً من الإمام المهديّ خاتِمِ الوصيّين
حيث يزوركم مع الشهداء، ويخصُّكم بالسلام في ذِكْرهِ للأصحاب الأوفياء، فيقول في عباراته الشريفة:
السلامُ على شبيب بن الحارث بن سُرَيع
السلام على مالكِ بنِ عبدِ سُرَيع...
السلامُ عليكم يا خيرَ أنصار، السلامُ عليكم بما صَبَرتُم فنِعْمَ عُقبَى الدار، بَوَّأَكم مُبَوَّأَ الأبرار.. (5)