حنظلة بن أسعد الشبامي..من وقف ليقي الحسين(ع) السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره

الإثنين 25 سبتمبر 2017 - 15:09 بتوقيت غرينتش
حنظلة بن أسعد الشبامي..من وقف ليقي الحسين(ع) السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره

أنصار الحسين-الكوثر

مَن هو حَنْظلة ؟
هو حَنْظَلَة بن أسعد بن شِبام بن عبدالله بن أسعد بن حاشد بن هَمْدان الهَمْدانيّ الشِّباميّ، وبنو شِبام بطنٌ من هَمْدان من القحطانيّة عرب الجنوب ( اليمن )، وهَمْدان قبيلة معروفة بولائها ووفائها ومواقفها (1).
كان حنظلة بن أسعد وجهاً من وجوه الشيعة في الكوفة، ذا فصاحةٍ وبلاغة، شجاعاً، قارئاً. وكان له وَلَدٌ يُدعى « عليّاً » (2).
وكان الإمام الحسين عليه السّلام يُرسل حنظلة بن أسعد الشِّباميّ أيّامَ الهُدنة إلى عمر بن سعد بالمُكاتَبة، فلمّا رحل أبو عبدالله الحسين عليه السّلام إلى كربلاء التحق حنظلة بالركب الحسينيّ يريد نصرة سيّد شباب أهل الجنّة إمامِه الحسين بن عليّ صلوات الله عليه (3).

أرض الطفّ 
لمّا فَرغَ سيّدُ الشهداء الحسين عليه السّلام من صلاته ظهيرةَ عاشوراء في محرم سنة 61هجريّة، قال لأصحابه: يا كرام، هذه الجنّة قد فُتحت أبوابها، واتَّصَلَتْ أنهارُها، وأينَعَتْ ثِمارُها.. وهذا رسولُ الله والشهداءُ الذين قُتِلوا في سبيل الله يتوقّعون قُدومَكم، ويتباشرون بكم؛ فَحامُوا عن دِينِ الله ودِين نبيّه، وذُبُّوا عن حرم الرسول.
فقال الأصحاب: نفوسُنا لنفسك الفِداء، ودماؤُنا لدمِك الوقاء.. فَوَاللهِ لا يَصِلُ إليك وإلى حَرَمك سوءٌ وفينا عِرقٌ يَضرِب (4).
وفي رواية أبي مِخْنَف:
فلمّا فرغ الحسين عليه الصلاة من صلاته قال:
إنّ هذه الجنّة قد فُتِحتْ أبوابُها، واتَّصَلَتْ أنهارُها، وأينَعَتْ ثمارُها، وزُيِّنتْ قصورُها، وتُؤُلِّفتْ وُلْدانُها وحُورها.. وهذا رسول الله صلّى الله عليه وآله، والشهداءُ الذين قُتِلوا معه، وأبي وأميّ، يتوقّعون قُدومَكم عليهم، ويتباشرون بكم، وهم مُشتاقون إليكم؛ فَحامُوا عن دِينِكم، وذُبُّوا عن حرم رسول الله صلّى الله عليه وآله، وعن إمامكم وابن بنت نبيّكم، فقد امتَحَنكُم اللهُ تعالى بنا، فأنتم في جِوار جَدِّنا، والكرامُ علينا وأهلُ مودّتنا، فدافِعُوا ـ بارك اللهُ فيكم ـ عنّا.
قال: فلما سمعوا ذلك ضَجُّوا بالبكاء والنحيب وقالوا:
نفوسُنا دونَ أنفسِكم، ودماؤُنا دون دمائكم، وأرواحُنا لكمُ الفداء.. واللهِ لا يَصِلُ إليكم أحدٌ بمكروهٍ وفينا الحياة، وقد وَهَبْنا للسيوفِ نفوسَنا، وللطيرِ أبدانَنا، فلَعَلّه نَقيكم زحفَ الصفوف، ونشرب دونَكُمُ الحُتوف.. (5)
وقد وجّه عمر بن سعد عَمْرَو بن سعيد في جماعةٍ من الرُّماة فرَموا أصحابَ الحسين عليه السّلام وعَقَروا خيولَهم (6)، ولم يَبقَ مع الحسين عليه السّلام فارسٌ إلاّ الضحّاك بن عبدالله المَشرفيّ، يقول: لمّا رأيت خيلَ أصحابنا تُعْقَر، أقبلتُ بفرسي وأدخلتها فُسطاطاً لأصحابنا.
واقتَتَلوا أشدَّ القتال، وكان كلُّ مَن أراد الخروجَ ودَّعَ الإمامَ الحسين عليه السّلام بقوله: السلام عليك يا ابنَ رسول الله. فيُجيبه الحسين: وعليك السّلام، ونحن خَلْفَك.. ثمّ يقرأ..  فَمِنْهُم مَن قَضى نَحْبَه ومِنهم مَن يَنتَظِرُ وما بَدَّلُوا تَبديلاً  (7).

نحو الشهادة
وخرج الأصحاب واحداً واحداً، يُبارِزون فيُستَشهَدون.. حيث برز: أبو ثُمامةَ الصائديّ، وزهيرُ بن القَين، وسلمانُ بن مضارب البَجَليّ، وعَمُرو بن قَرَظة الأنصاريّ، ونافع بن هلال الجَمَليّ، وواضح التركيّ، وأسلَمُ مولى الحسين عليه السّلام، وبُرَير بن خُضَير.. ثمّ جاء حنظلة بن أسعد الشِّباميّ فبرز يستأذن الحسينَ عليه السّلام، وتقدّم بين يديه ووقف يَقيه السِّهامَ والرماح والسيوف بوجهه ونحره، ثمّ أخذ ينادي في عسكر ابن سعد:
يا قوم، إنّي أخافُ عليكم مِثْلَ يومِ الأحزاب، مِثْل دَأْبِ قومِ نوحٍ وعادٍ وثمودَ والذين مِن بَعدِهم، وما اللهُ يُريد ظلماً للعباد. ويا قوم إنّي أخاف عليكم يومَ التَّنادِ، يومَ تُوَلُّون مُدْبِرينَ ما لكم مِن اللهِ مِن عاصم، ومَن يُضْلِلِ اللهُ فما له مِن هادِ. يا قوم لا تَقتُلوا حُسيناً فيُسْحِتَكمُ اللهُ بعذابٍ وقد خابَ مَن افترى!
فجزّاه الحسينُ عليه السّلام خيراً وقال له: رَحِمَك الله ( أو قال له: يا ابنَ أسعد )، قد استوجبوا العذابَ حين رَدُّوا عليك ما دَعَوتَهم إليه من الحقّ، ونَهَضوا إليك ليستبيحوك وأصحابَك ( وفي رواية: يشتمونك وأصحابَك )، فكيف بِهمُ الآنَ وقد قَتَلوا إخوانَك الصالحين ؟!
قال حنظلة: صَدَقتَ ـ جُعِلتُ فداك ـ يا ابن رسول الله، أفَلا نروح إلى الآخرة ؟! ( أو قال: أفلا نَروحُ إلى ربّنا، ونَلحق بإخواننا ؟! )، فأذِن له عليه السّلام بقوله:بلى، رُحْ إلى ما هو خيرٌ لك من الدنيا وما فيها، وإلى مُلْكٍ لا يَبلى.
فقال حنظلة: السلام عليك يا أبا عبدالله، السلام عليك يا ابنَ رسول الله، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك، وجمَعَ بيننا وبينك في جنّته ( أو قال: وجمَعَ بيننا وبينك في جنّته ). فقال الإمام الحسين عليه السّلام: آمِين، آمين.
ثمّ تقدّم حنظلةُ بن أسعد الشِّباميّ إلى ساحة المعركة مُصْلِتاً سيفَه، يضرب في الأعداء قُدْماً، ويقاتل قتالَ الأبطال، ويصبر على احتمال الأهوال، حتّى حملوا عليه وتَعَطّفوا عليه، فقتلوه رضوان الله عليه (8).
فسلامٌ عليك أيُّها الشهيد البارّ منّا ومن جميع
المؤمنين، وقبل ذلك من إمام العصر، الحجّةِ المهديّ
المنتظَر « أرواحُنا لمَقْدَمه الفداء »، حيث توجّه إليك
بعنايته الرفيعة المباركة، فقال في ضمن زيارته شهداء طف كربلاء:

السلام على حَنْظَلَةَ بنِ أسْعَدَ الشِّباميّ (9).