إردوغان أراد سايكس بيكو جديدة بنكهة "عثملية"، فاصطدم بممانعة إقليمية - دولية، نواتها الجبروت الروسي والعزيمة الإيرانية والمقاومة الاسلامية اللبنانية والصمود السوري، تفتت حلم السلطان على هذه الصخرة الصلبة. ماذا اليوم في مفردات إردوغان السياسية: انتقاد لاذع للسياسة الأميركية. الرجل يستهزئ بالديمقراطية العابرة للأطلسي ويتهم "قلعة" الديمقراطية الأميركية بتوظيف الاٍرهاب بذريعة محاربة إرهاب آخر. هنا التقى كلام إردوغان بمقولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي طالما انتقد الغرب برمته على مغازلة الإرهاب، بل التعامل معه، لتحقيق أهداف ضيقة ودنيئة، كإسقاط الأنظمة غير الموالية، بل إسقاط دول كاملة بشعوبها في دوامة الفوضى والارهاب والتشرذم.
كلام إردوغان ونبرة حديثه يأتيان بعد جملة تطورات دراماتيكية شهدها ولا يزال يشهدها الجوار التركي: أنقرة انسجمت مع موسكو وطهران في "سلام" آستانة؛ التركي حصل على طبق لذيذ يتمثل في خط أنا بيب "السيل التركي"، تركيا ستتسلم السهم القاتل "أس 400" الروسي بدلاً من الرمح التائه "باتريوت" الأميركي؛ الجيش التركي كيل حليفاً عسكرياً غير معلن في كل من الجيش السوري وحلفائه في التصدي لتوسع ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية؛ أخيراً وليس آخراً تجتمع أنقرة مع كل من بغداد ودمشق وطهران وموسكو في عدم القبول باستفتاء أكراد العراق والتلاعب بحدود دول المنطقة.
خيار إردوغان ليس سهلاً عليه، كما هو ليس سهلاً على من يتعامل معه،، لكن التيه الأميركي، والاضطراب الأوروبي، يجعل فكرة ابتعاد أنقرة عن مركز القرار الأورواطلسي ليس خيالاً وإنما موضع نقاش عملي.
والكلمة في هذا المطب اليوم للإيراني والروسي والعراقي والسوري، وربما الصيني أيضاً.
وثمة مثل روسي يقول "ما هو معاف للروسي مفتك بالألماني"، لعله ينطبق على التركي كذلك.
*سلام العبيدي - الميادين