لقد جعلت التطورات الحاصلة في المنطقة بما في ذلك الحرب في سوريا والعراق وأخيراً وليس آخراً الإبادة الجماعية للمسلمين في ميانمار على يد الجيش الميانماري، من قضية الحرب على اليمن تصبح بشكل من الأشكال أمراً هامشياً، إلا أن خطاب السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي زعيم حركة أنصار كان مباغتاً لدرجة أنه تحول إلى عنوان أبرز في شاشات ومواقع أغلب وسائل الإعلام الإقليمية.
إن خطاب زعيم أنصار الله في اليمن حوى نقطتين أساسيتين هما:
- النقطة الأولى هي التهديد الكبير وغير المسبوق للإمارات. ويمكن القول أن خطاب زعيم أنصار الأخير هو أحد أكبر المواقف غير المسبوقة منذ إعلان الحرب على اليمن وحتى يومنا هذا، فقد هدد علناً بإستهداف الأراضي الإماراتية بالصواريخ، وقال إنه في حال تكثيف الحرب العدوانية على اليمن، فإن الأمارات ستكون في مرمى صواريخ المقاومة اليمنية.
والنقطة الثانية، هي أن أنصار الله وعبر تأكيدها على القدرات العسكرية والصاروخية، أعلنت عن وجود طائرات مسيرة تحوم فوق الأجواء السعودية لإستهداف أهداف داخل الأراضي السعودية في حال وجدت ضرورة لذلك.
وكما ذكرنا آنفاً فإن هذا الخطاب الأخير لزعيم حركة أنصار الله في اليمن قد إحتوى على رسائل مهمة على المستويين المحلي والدولي حيث سنشير في الاسطر التالية إلى أكثر تلك الرسائل أهمية:
-إن خطاب زعيم أنصار بيَّن أنه وفي الوقت الذي تلتزم فيه المقاومة اليمنية بالحلول السياسية، فإنها مستمرة بالمقاومة والكفاح المسلح حتى تحقيق مطالب الشعب اليمني، وأنها ليست مستعدة للتراجع أمام المطالب الأنانية للمعتدين.
-وتهديد الإمارات بشكل مباشر بهجمات صاروخية قد تطال أراضيها في حال تكثيف العدوان وإستمراريته يعتبر سابقة هي الأولى من نوعها في خطابات زعيم حركة أنصار الله في اليمن. وكما تفيد التقارير الإخبارية فإن الإمارات تنوي شن هجوم واسع على مدينة وميناء "الحديدة" الذي يعتبر المنفذ المائي الوحيد لحركة أنصار الله للبحر وإليه، وفي الحقيقة فإن هذا المنفذ يشكل مسألة حياة أو موت بالنسبة للشعب اليمني، لأنه المنفذ المائي الوحيد المتبقي الذي يربط اليمن بالخارج والمستخدم لدخول جميع متطلبات الشعب اليمني بعد الحصار الشامل الذي فرضته وما تزال السعودية جوياً وبرياً وبحرياً على اليمن، ورسالة التهديد للإمارات جاءت لتقول للإماراتيين أنكم في حال أقدمتم على الهجوم على الحديدة فإنكم سوف لن تجابهون بمقاومة ضارية في ميدان المواجهة وحسب، بل إن أبوظبي كذلك ستكون معرضة للهجمات الصاروخية لحركة أنصار اللهز
لقد كانت الرسالة التي وجهها زعيم حركة أنصار الله واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار وهي أنه على الإمارات ألا تقوم بمهاجمة الحديدة، ويمكن ملاحظة ذلك بشكل جلي في خطابه حين قال: إذا أرادوا أن تسلم سفنهم النفطية فعليهم ألا يقدموا على غزو الحديدة.
-في الوقت ذاته فقد حذر زعيم حركة أنصار الله السعودية من مغبة الهجوم على المنشآت النفطية اليمنية، وأعلن عن وجود طائرات مسيرة بحوزة أنصار لإستخدامها في حال الضرورة لإستهداف مواقع داخل الأراضي السعودية، مؤكدا أيضا أن المنشآت النفطية السعودية من اليوم باتت في مرمى صواريخ المقاومة اليمنية.
على ما يبدو أن الحرب في اليمن قد دخلت في مرحلة الحسم، وعلى تحالف العدوان أن يفكر في حال إستمرار الحرب بالعواقب التي ستنجم عن ذلك، لأن تهديدات زعيم أنصار الله ليست موقفاً عادياً أو حرباً نفسية، بل إن مطلقها هو زعيم المقاومة اليمنية، وأنه في حل هجوم المعتدين فإن المقاومة ستضطر لتنفيذ هذه التهديدات.
إن على الدول المعتدية على اليمن وقبل أن تعم الحرب الشاملة المنطقة أن تضع لهذه الحرب غير المتكافئة نهاية عبر الحوار والسبل السياسية، لأن عواقب إستمرارها ستطال هذه الدول قبل أي أحد آخر.
وبما أن خطاب زعيم حركة أنصار الله يعتبر أجراءً راداعاً في مواجهة أي إعتداء محتمل على بلاده، فإنه يمكن أن يكون أيضاً نوعاً من إتمام الحجة مع المعتدين، وهي أنه في حال أقدمتم على إرتكاب حماقة فعليكم إنتظار العواقب التي ستنتج عنها.
كذلك فإن خطاب زعيم أنصار الله حمل أيضاً رسالة وموقفاً للداخل اليمني، وهي أن على أعداء الشعب اليمني أن الا يعولوا على الخلافات الداخلية بين الحركات المقاومة للعدوان (بث الفرقة بين حركة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة علي عبد الله صالح الرئيس اليمني السابق) لأن هذه الحركات مجمعة على مواجهة العدو المشترك لها المتمثل بالعدوان السعودي والدول المتحالفة معه.