البيان الهام الذي اصدره المرجع السيستاني بمناسبة محرم فصل خارطة طريق للخطباء لاعادة بعضهم الى جادة المصادر الاسلامية المعتبرة والكف عن الاستقاء من "الاحلام والقصص الخيالية" التي اعتبرها البيان انحطاطاً ينبغي الترفع عنه.
تقول المادة 4 من بيان آية الله السيد السيستاني الذي صدر يوم أمس الثلاثاء 12-09-2017:
[ان يترفع المنبر عن الاستعانة بالاحلام وبالقصص الخيالية التي تسيء الى سمعة المنبر الحسيني وتظهره انه وسيلة اعلامية هزيلة لا تنسجم ولا تتناسب مع المستوى الذهني والثقافي للمستمعين.]
و يقدم البيانُ البديلَ لتلك الاحلام والقصص الخيالية وهو: القران والسنة المعتبرة والاحداث التاريخية الثابتة:
[تحري الدقة في ذكر الايات القرانية او نقل الروايات الشريفة من الكتب المعتبرة او حكاية القصص التاريخية الثابتة حيث ان عدم التدقيق في مصادر الروايات او القصص المطروحة يفقد الثقة بمكانة المنبر الحسيني في اذهان المستمعين.]
*
بهذا البيان يقضي آية الله السيد السيستاني على منابع الجهل ومصادر تخدير العوام وتضليلهم بالقصص الطوبائية، وينقل الشيعي من عالم الفنطازيا الى عالم الواقع، ومن دنيا الخدر الى ميدان العمل، ومن جَلد الذات الى جَلد العدو.
البيان يقضي على البنية التحتية للارهاب في عقول الضحايا الذي يصلحون للاستغلال من قبل محرّفي الكلم عن مواضعه ولو ادّعوا محبة اهل البيت.
عندما يعيد آية الله السيد السيستاني ثورة الحسين الى واقعها الديني من خلال النصوص الثابتة عن اهل البيت فانه يحيي سنة الحسين الذي لم يخنع للظلم ، ولم يخرج اشراً ولا بطرا ..وانما خرج لطلب الاصلاح في أمة جده، وخرج بنفسه (ولم يرسل غيره)، ويضحي بنفسه واهل بيته من اجل تصحيح الانحراف في ميدان المعركة، ويحافظ على الصلاة حتى في ساحة القتال (خلافاً للنهج التحريفي الذي يرى المشي الى كربلاء اهم من الصلاة، او يعتبر حب الحسين نافعاً لتارك الصلاة).
لقد تناول بيان السيد السيستاني كل اشكال تخريب العقل الشيعي التي تخرجه من الخدمة في ميدان الحياة وتوهمه باللجوء الى الخوارق والعجائب، فتجعله عقلاً غير صالح للاستخدام البشري...البيان أدان ادوات تعطيل العقل سواء كانت احلام خطباء، او إدّعاءات (علماء!)، او خوارق سفهاء، او احاديث نساء.... فالحياة قائمة على السنن الطبيعية، ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولا يخرج من هذه السنن الا الحالات التي وردت في القران او السنة التي امر بيان السيد السيستاني بالتدقيق فيها لفرز الصحيح من الفاسد.
*
في الوقت الذي يؤكد السيد السيستاني على استمداد حقائق الدين من المصادر المعتبرة فانه يريد تثبت حقيقة خطيرة يتحاشى بعض الخطباء اشهارها وهي: ان كل الخوارق التي لم يرد فيها نص شرعي من قران او سنة لاقيمة لها على الاطلاق. وبهذا يكون كل كلام عن الخوارق المعاصرة نوعاً من التضليل وحرف البوصلة بعيداً عن عن منهج النبي واهل بيته .
*
في بيان السيد السيستاني بُعدٌ آخر لا يفهمه العوام ولا يكشفه لهم المعتاشون على جهلهم. فحين يؤكد سماحته على الرجوع الى اهل البيت والاقتداء بهم فانه يشير - بحكمته المعروفة وبدون ضوضاء- الى التأسي بهم عليهم السلام في كيفية احياء ذكرى عاشوراء. وهذا يضع المراسم الفعلية لاحياء الشعائر موضع التساؤل امام العقل الشيعي الذي يكتشف بسهولة - من خلال سيرة اهل البيت - الفرق بين طريقة اهل البيت في احياء عاشوراء والطرق المعاصرة.
لقد كان ائمة اهل البيت يحيون عاشوراء كل عام، ومن يدّعي التمسك بطريقتهم عليه ان يفعل مثلهم، فهل كان اهل البيت يحيون عاشوراء بهذه المراسم التي نشاهدها اليوم؟
ان الذي يشوهون اليوم صورة التشيع بالممارسات الوحشية في عاشورءا بحجة حب الحسين سيبدون - في ضوء بيان السيد السيستاني- أشدَّ حباً للحسين من الامام الصادق والباقر والسجاد وباقي الائمة الطاهرين!
**
بيان السيد السيستاني وضع الذين يشوهون صورة الإمام الحسين عليه السلام اليوم بممارساتهم الشاذة في حيرة من امرهم...انهم يحيون مراسم عاشوراء بطريقة مختلفة عن طريقة اهل البيت!!
كيف يستقيم هذا مع ادعائهم التمسك بأهل البيت؟
اين ارسطو وسقراط وافلاطون عنهم ليحل لهم هذا التناقض؟
سوف يحارون في تبرير " شعائرهم" المخترعة التي لم يعرفها اهل البيت...وسوف لن يجدوا الا تبريراً واحداً يرددونه وكأنه اية قرانية او حديث شريف، سيقولون:
- حب الحسين أجنني
ونحن في الوقت الذي ننفي عن حب الحسين هذه التهمة الباطلة نقول لهؤلاء:
بيان آية الله السيد السيستاني للعقلاء فقط