كيف ضاعت صواريخ التوماهوك التي أطلقت على مطار الشعيرات و أين إختفت؟ كيف نجا أردوغان من الإنقلاب العسكري؟ كيف تمكنت المخابرات الروسية من نشر مسار طائرة تجسس عسكرية متجهة من بريطانيا إلى البلطيق قبل أن تقلع الطائرة و نشرته الصحف الروسية؟ كيف تدخل الروسي في سورية في اللحظة المناسبة بشكل مفاجىء ؟ كيف يقوم الأمن الروسي بالقبض على خلايا داعش في روسيا قبل أن تنفذ مهامها؟ كيف تتغير خريطة السيطرة في ليبيا؟ كيف يسحق داعش أمام أعين الأميركي و هو عاجز عن فعل شيء؟ لماذا موسكو دائماً تسبق واشنطن بخطوات و تمنع عنها عنصر المفاجئة في كل الملفات؟ كيف تمكنت موسكو من سحق داعش الخارج من دير الزور إلى تدر رغم سرية العملية؟ وكيف تمكنت من تحديد مكان اجتماع قادته؟ لماذا أصبحت وثائق المخابرات الأميركية متاحة مجاناً على الأنترنيت؟ كيف تم إحباط عشرات محاولات الاغتيال و كيف تم تصفية عشرات من عملاء الاستخبارات الأميركية في السنوات العشر الماضية؟ ولماذا لم تستفد واشنطن شيئا من الإنقلاب العسكري في اوكرانيا، و حتى أحداث جورجيا و جميع حروبها نتيجتها الوحيدة الفوضى و تراكم الديون الأميركية.
كيف و كيف و كيف و عشرات الأسئلة التي ما خفي منها أعظم و التي جعلت الادارة الأميركية تفقد عقلها و تتسائل هل أصبح هناك نسخة من مطبوعات المخابرات الأميركية ترسل إلى موسكو، و على الرغم أن الرئيس الروسي أجاب على هذا السؤال و قال هناك الكثير من أمثال ادوارد سنودن يتصلون بروسيا لتقديم المعلومات من ضباط استخبارات سابقين و حاليين في المخابرات الأميركية، و طبعاً هذا الأمر نتيجة طبيعية لسياسة العقوبات الأميركية و لتكبيد شركات الاعتماد المالي خسائر بمليارات لأجل عيون شركات النفط و السلاح و الصراع الأميركي الأميركي، ولكن ترامب غاضب ولا يصدق مثل هذا الأمر ولازال يبحث عن مصادر تسريب المعلومات، و خطة سلفه أوباما كانت منع الدبلوماسيين الروس من الوصول إلى بعض المباني الدبلوماسية لتتمكن المخابرات الأميركية من رصد تحركات الدبلوماسيين بشكل فعال أكثر و لكن من الواضح أن الاجراءات الأميركية لم تجد نفعاً، و أكثر من ذلك منحت موسكو فرصة لتقليص عدد الدبلوماسيين الأميركيين و بالتالي تحجيم عمل المخابرات الأميركية في روسيا، و لكن من الواضح أن ترامب غاضب جداً و أصبح هدفه وقف تسريب المعلومات من ادارته حتى لو كلفه الأمر تقييد عمل وكالة المخابرات الأميركية في الخارج لأن الحرب الإستخباراتية بين موسكو و واشنطن مالت تماماً لصالح موسكو و أصبح عمل الدبلوماسيين الأميركيين في روسيا بدون نتيجة يمكن التضحيه به إذا أدى إلى وقف تسريب وثائق الاستخبارات الأميركية.
ما قامت به ادارة أوباما من حجز مباني دبلوماسية أمر غير مسبوق و يعبر عن نوع من الهيستيريا و لكن ما قام و سيقوم به ترامب هو الجنون بعينه حيث تنوي ادارة ترامب تفتيش المباني الدبلوماسية الروسية بحثاً عن خيط يوصلها لمصادر تسريب المعلومات، في ظل تقاذف صقور الجمهوريين و الديمقراطيين اتهامات العمالة لموسكو و اتهامات تسريب المعلومات، و مع الأخذ بعين الإعتبار أن كل الإجراءات الأميركية منذ عشر سنوات حتى الساعه لم تعط نتيجة سوى القبض على الجاسوسة الروسية الحسناء آنا تشابمان التي عرضت الزواج على ضابط الاستخبارات الأميركي الفار إلى روسيا ادوارد سنودن، و الطريف في الأمر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل اربع سنوات دعا سنودن إلى الكف عن كشف اسرار الادارة الأميركية حين كان سنودن لايزال في منطقة الترانزيت في مطار موسكو، و كأن موسكو تملك كل معلومات سنودن ولا تبحث عن جديد.
و في الطرف المقابل تبدو روسيا مرتاحة جداً و تتأخر كثير في الرد على العقوبات الأميركية و المفاجيء أن التصريحات الروسية جراء العقوبات الدبلوماسية الأميركية الاخيرة توحي بان موسكو غير مبالية و إن توعدت بالرد و كان الرئيس الروسي توقع مسبقاً العقوبات الحالية و قال "أن لدى روسيا طيفا واسعا من الوسائل للرد على العقوبات الأميركية الجديدة المتوقعة، غير أن موسكو لا تعتزم اللجوء إليها"، و اليوم أعلنت السفارة الروسية في الولايات المتحدة أن روسيا لا تعتزم الانزلاق إلى الهستيريا وإلى حافة المواجهة مع الولايات المتحدة، و من هنا يطرح السؤال لماذا موسكو لا تنوي تفتيش مقرات دبلوماسية أميركية كرد على ما فعلت واشنطن هل لأنها لا تحتاج إلى أي معلومات من هذه المباني؟ و هل قامت موسكو بحرق جميع هذه المعلومات حين تصاعدت أعمدة الدخان من المبنى القنصلي في سان فرانسيسكو أم أن المبنى لا يحوي معلومات وتم إحراق بعض الأوراق فقط ليفهم ترامب بأنه خالف القانون الدولي ليحصل على نتيجة خالي اليدين كما حدث مع التحالف الأميركي الغير شرعي لدعم داعش؟
بغض النظر عن ما ستؤول اليه الحرب الدبلوماسية التي تشنها واشنطن فإن الادارة الأميركية التي قررت تخصيص مبالغ اضافية لتحسين صورتها الاعلامية أصبحت في وضع لا يحسد عليه لأن خطوات الإدارة الأميركية الدبلوماسية غير شرعية و غير مسبوقة و التحالف الأميركي غير شرعي و أصبح العالم يدرك بأن داعش و النصرة و غيرهم من منظمات ارهابية لم يكن لهم وجود قبل الحرب الأميركية على الارهاب و بأن مشكلة اللاجئين في آوروبا سببها حروب واشنطن و سياسية الفوضى التي يتبعها البيت الأبيض تحاصر واشنطن التي لم تعد قادرة على حل المشكلات بل دائماً تطلب وساطات موسكو و بكين كما حدث في الملف الايراني و الملف الكوري و ملفات الشرق الأوسط و شرق آوروبا و وسط آسيا، حيث كانت واشنطن عاجزة و فقط موسكو تملك علاقات مع جميع الأطراف و قادرة على الحوار، و اليوم أصبح السؤال و خصوصاً أن ترامب بدأ بمعاقبة حلفائه الآوروبيين هل سيقف ترامب أمام المرآة و يقول سأعاقب شعوب العالم؟ و يعزل نفسه بعد أن كانت الادارة الأميركية قادرة على عزل دول بحالها؟
المصدر: جهينة نيوز