تاريخ اليمن

السبت 26 أغسطس 2017 - 09:12 بتوقيت غرينتش
تاريخ اليمن

اليمن - الكوثر

عُرفت اليمن منذ القدم بالعربية السعيدة (ARABIA FELIX)، وقد اشتق اسمها من (اليُمن) وهو الرخاء والبركة. وتمتد على رقعة جغرافية واسعة تقع جنوب الجزيرة العربية .

وقد عرفت اليمن أطوار التاريخ قديمه ووسيطه وحديثه ومعاصره في حلقات متصلة وانسجام متكامل، وكان لها في التاريخ القديم حضورٌ مميزٌ استحق ذكراً في كتاب الله العزيز، وتدويناً في المصادر الجغرافية منذ القديم وحتى الآن.

وفي تاريخ الإسلام والمسلمين كان لليمن وأهل اليمن إسهامات بارزة في نواحي الحياة الثقافية والعسكرية والإدارية.

ولمعرفة تاريخ اليمن القديم لابد للقارئ أن يلغي من ذهنه الحدود السياسية المعاصرة لشبه الجزيرة العربية ويتصورها وحدة جغرافية مترابطة، فلم تعرف شبه الجزيرة العربية لا عرب الجنوب ولا عرب الشمال ولا عرفت شمال الجزيرة ولا جنوبها ، ولم تورد النقوش ذكراً لقحطانية ولا لعدنانية، بل كانت كل شبه الجزيرة مسرحاً لأحداث تاريخية متنوعة فقامت الممالك والحضارات واتسعت بذاتها أو نفوذها داخل شبه الجزيرة طالما توفرت لها القوة والنفوذ داخل شبه جزيرة العرب. أما التقسيم الشائع في الكتابات الحديثة لشبه الجزيرة العربية بين شمال وجنوب فينحدر من العصر الإسلامي.

تدل أقدم المعلومات المعتمدة على حضارة يمنية راقية، يعود تاريخها على الأقل إلى القرن العاشر قبل الميلاد وتقترن هذه المعلومات بذكر سبأ التي ارتبطت بها معظم الرموز التاريخية في اليمن القديم والتي هي بالفعل واسطة العقد في هذا العصر ، ويمثل تاريخ دولة سبأ، وحضارة سبأ فيه عمود التاريخ اليمني، وسبأ عند النسابة هو: أبو حمير وكهلان، ومن هذين الأصلين تسلسلت أنساب أهل اليمن جميعاً، كما أن هجرة أهل اليمن في الأمصار ارتبطت بسبأ، حتى قيل في الأمثال: تفرقوا أيدي سبأ ،والبلدة الطيبة التي ذكرت في القرآن الكريم هي في الأصل أرض سبأ، كما أن أبرز رموز اليمن التاريخية سد مأرب قد اقترن ذكره بسبأ، وكان تكريمه بالذكر في القرآن سبباً في ذيوع ذكر سبأ وحاضرتها مأرب.

في أواخر العصر الأول، وخاصة في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد، أتى على أهل اليمن حين من الدهر قللوا فيه من اهتمامهم بالزراعة، واعتمدوا كثيرا على الرخاء الذي تدره عليهم القوافل التجارية، وغلب عليهم التنافس على المال والجاه، فأصبح في اليمن خمس دول في آن واحد هي سبأ وقتبان ومعين وحضرموت وحمير، أصبحت عواصمها باستثناء حمير أشبه ما تكون بدول مدن القوافل التي يخضع ازدهارها وسقوطها للأوضاع التجارية والأطماع السياسية، كما حدث للبتراء ولتدمر والحضر في شمال الجزيرة،

كما طمعت القبائل البدوية المنتقلة في الصحراء بحواضر الدول اليمنية ومحطاتها التجارية، خاصة بعد أن تضرر أهل البادية أنفسهم نتيجة نقص مواردهم التي كانوا يجنونها من الطريق كجمالة أو حماة قوافل، فكانوا يهاجمون المحطات والمدن كلما مسهم جوع وآنسوا من تلك المدن ضعفاً، وساعدهم على ذلك اتخاذهم الفرس سلاحاً فعالاً في غزواتهم حيث كانوا ينقضون بسرعة وقوة على ثغور تلك الدول ثم يعودون فارين إلى قلب الصحراء مما اضطر كثيراً من سكان الوديان على أطراف الصحراء إلى هجر ديارهم والاحتماء بالمرتفعات في الداخل، وقد ساعد هذا الوضع على نمو قوة جديدة هي حمير التي حاولت الاستفادة من انتعاش الملاحة والتجارة على البحر الأحمر، فأقامت لها موانئ عليه وبنت لها أسطولاً ، وكانت حمير آخر دول اليمن القديم ظهوراً، ويرجح أن ذلك اقترن ببداية التقويم المعروف بالتقويم الحميري الذي يبدأ حوالي 115ق،م، كما أسست عاصمتها ظفار في قلب المرتفعات اليمنية بعيداً عن الصحراء وهجمات البدو، وذلك في قاع الحقل بسند جبل ريدان، كما ازدهرت مدن الهضبة اليمنية في القيعان، بعد أن كانت مدن الوديان الشرقية تحجب عنها المكانة والسمعة، وزادت سلطة الأقيال بعد أن قلت هيبة هؤلاء من منافسة السلطة التقليدية فيها.

اما تاريخ اليمن الاسلامي، عندما بدأ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدعوة للإسلام في مكة، في عام 613 للميلاد، أي قبل بدء التاريخ الهجري الإسلامي باثني عشر عاماً، ولا شك أن أصداء دعوة الإسلام وبسبب العنت الكبير الذي لاقاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قومه قريش قد وصلت فيما وصلت إلى اليمن والتي كانت في تلك الأثناء منقسمة ومجزأة بين قوى قبلية هي: حمير، وحضرموت، وكندة، وهمدان، وبين حكم فارسي في صنعاء وعدن وما حولها، وبين جيب في نجران للنفوذ الروماني الحبشي وهو الجيب الذي كان فيه نصارى نجران هناك، وقد بدأ أفراد من قبائل مختلفة كالأشاعر ودوس وهمدان والأزد يستجيبون لهذا الدين وينشطون للدعوة له.

لكن مجموع أهل اليمن دخل الإسلام بين العام السادس للهجرة وعام الوفود في السنة العاشرة، وبعد جهد دعوي سلمي في معظم جهات اليمن وهي مناطق: حمير وكندة وحضرموت ومناطق الحكام في صنعاء وآخر عسكري في الجهات الشمالية من تهامة وتلك التي يقطنها بدو غير مستقرين، وهم الذين وجهت إليهم سرايا لهدم صنم أو لقتال من بقي منهم على الشرك، وكللت تلك الجهود باستجابة أهل اليمن إلى الإسلام ـ باستثناء نصارى نجران ـ رغبة في دينه ورهبة من قوة المسلمين الجديدة النامية في المدينة ، وهي القوة التي قدمت نفسها مسنودة بتعاليم السماء كحليف قوي لكل من أراد الانضمام إليها، وتشير الكتب التي عاد بها من ذهب إلى المدينة ليعلن إسلامه إلى أنه قد نظر إلى جماعة المسلمين كقوة نامية يمكن الاحتماء بها .

فقد حملت تلك الكتب إقراراً من الرسول (ص) لهؤلاء وهؤلاء بما ادعوه من ملكيات هنا وهناك أو لما ادعوه من زعامات على هذه الجهة أو تلك، بل إن هذه النظرة النفعية غير الروحية للإسلام وجماعته في المدينة هي المسؤولة عما جرى من ردة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كل الجزيرة العربية، إلا من رحم ربك ممن ثبت على الإسلام وآمن بتعاليمه وبنصرة الله لدينه. بدخول أهل اليمن في الإسلام يبدأ عصر جديد هو عصر الانتماء إلى أمة الإسلام التي وإن اعترفت بالحدود والقوميات إلا أنها تشمل جميع المسلمين حيثما وجدوا، وبهذا الانتماء كان لابد أن تكون هناك علاقة جديدة بالمدينة، مدينة الرسول التي أخذت فيها نواة الدولة الإسلامية تتبلور وتشكل عاصمة لديار الإسلام، فأرسل الرسول من قبله ولاة على بعض جهات اليمن وثبت بعض قياداتها القبلية على ما هي عليه وأعاد تنظيم الأوضاع القبلية برئاسات قديمة وجديدة وربط كل ذلك بالواجبات الإسلامية التي ينبغي أن تدفع إلى المدينة من قبل المسلمين وغير المسلمين، بعد أن قسم اليمن إدارياً إلى مخاليف ثلاثة هي: الجند وصنعاء وحضرموت.

 

مزيد من الصور

ذات صلة