انتشرت القنوات الفضائية في اواسط العالم , والعالم العربي والاسلامي تحديدا , واصبحت بعض هذه القنوات الفضائية تتبعد عن المهنية الصحفية في نقل الحقائق ومحاربة الارهاب والتطرف الفكري والانحلال الخلقي والمجتمعي بل انها ولم تسعى لتطوير المجتمع , وتحولت هذه القنوات الى مؤسسة تجارية مربحة الغرض منها جمع الاموال على حساب الشرف المهني واخلاقيات المهنة، الكثير من هذه القنوات تتبع سياسة الممول في تحرير الخبر واخراجه دون الرجوع بالتفكير الى الوراء وماذا قد يخلف الخبر من أحداث لا يحمد عقُباها فضلا عن التحقق من صحة الخبر ، وتعددِ هذه القنوات ربما جاء لعدة اسباب من اهمها توجيه الخطاب الاعلامي باتجاه معين و حسبما تملي عليها سياسة التمويل المالية ومحاربة الدول التي لا تقبل بالهيمنة الغربية على السياسة والمعتقد والفكر،وخير مثال ما جرى في عراق ما بعد أنجلاء الحكم المقبور حيث تواجدت وصنعت العديد من هذه القنوات والكل طبعا تتبع مصالح القائمين عليها ، اما الاعلام الحكومي فانه مؤسسة استهلاكية ولا يمكن الوقوف على الارقام التقديرية لحجم مصاريفها المالية خدمة لاي حكومة قد تتصدى للسلطة ، ومن كل ذلك كان المتلقي يقع دائما ضحية تحرير الخبر وصناعته ويؤثر ذلك على حياته بصورة مباشرة وكذلك يؤثر بمقدار معين في صنع القرار السياسي لما توجهه هذه القنوات من ضغط على المتصدين للسلطة ، اكثر من 30 عاما احتاجها العراق لكي يدخل عالم الفضاء ولكن ليس بمركبة فضائية او مكوك فضاء , فذلك حلم لا يرواد العراقيين ولو بعد الف عام , أنما كان دخوله الى عالم الفضاء عن طريق القنوات الفضائية والتي تمثل بنشأتها مختلف اطياف الشعب العراقي وتوجهاتهم الفكرية والحزبية , هذا فضلا عن القنوات الموجهة التي تتخذ من العراق وقضيته المحور الاساس في نشر افكارها والوصول الى أقناع العراقين والعالم العربي والاسلامي بما تريد ومحاربة الجمهورية الاسلامية الايرانية عن طريق القنوات المؤجورة ، اكثر من 30 عاما والعراق يعيش في ظلمة الاعلام المضلِل للزمرة البعثية الحاكمة , والتي كانت تفرض على الشعب ان يرى صور النظام المقبور وأزلامه في التلفاز لساعات طويلة , ولم تجعل له الاختيار في تحديد القنوات الفضائية التي يرغب بمشاهدتها او حتى الهروب من الوجوه التي حفضها عن ظهر قلب , وذلك كله خوفا من أن يفتضح هذا النظام الظالم ويبقى العراقيين حبيسين الاعلام الحكومي وضمن دائرة التعتيم الاعلامي , ولقد سُن قانونا أبان حكم البعث يُعاقبُ به كل من يتجراء على شراء جهز لاقط للقنوات الفضائية تصل حد الاعدام في بعض الحالات وفي الابعض الاخر الاتهام بالخيانة ، وجاء عام 2003 وما اعقبة من رحيل النظام المقبور ودخول المحتل الامريكي الذي شجع على فتح الكثير من هذه القنوات وعلى أثر ذلك تكونت الكثير من هذه المؤسسات الاعلامية ونُظر اليها من قبل الشعب في البدء نظرة تفائل على امل ان تكون خير عون للشعب العراقي الجريح وتنقل الحقائق للعالم اجمع لا أن تكون هي مصدرٌ للتضليل , ولكن الواقع غير ذاك بكثير حيث كانت الكثير من هذه القنوات الفضائية مصدر أزعاج في تأجيج النفوس والدعوة للاقتتال والحروب بكل اشكالها الفكرية والعسكرية , واخذت تعمل هذه المؤسسات على مستويين الاول هو على اساس القاعدة التي تقول (خالف تُعرف ) وأما المستوى الثاني هو جلب الدعم لها ممن لا يرد بالعراق خيراً ، ونتيجة لهذه السياسات , اكتوا العراقيون البسطاء من نار التفرقة التي تروج لها هذه القنوات البغيظة والتي جعلت من ارواح العراقيين أرصدة لتمويل خزائنها الفارغةُ المحتوى ، وبعد سقوط الصنم انتهجت هذه القنوات سياسة اخرى مبتعدة عن سلطة القانون الذي يلاحق كل قناة تروج للطائفية والارهاب , ولان أكثر هذه القنوات ليس لها مبداء سامي تنتهجه او تعمل بمهنية السلطة الرابعة , تحولت سياستها من الخطاب الطائفي الواضح الى الخطاب الطائفي السياسي المبطن , حرصا منها للاستحواذ على مزيد من الاموال التي تتدفق عليها من كل المغرضين خاصة السعودية والامارات وقطر والاردن الذين يهمهم الا ينهض العراق من جديد ، واما القنوات التي تدعي العروبة فانها كانت من اكثر المروجين لهذه الافكار الهدامة والتي جعلت من الجلاد ضحية ومن الضحايا خونه ، حيث تتخذ هذه القنوات من العراق بنكا يمولها بالاخبار لتوسيع رقعة مشاهديها مما يدر عليها امولا ضخمة نتيجة ما تخلفه من ضعط سياسي على الحكومة ، لقد لعبت القنوات الفضائية مثل الجزيرة والعربية والشرقية وغيرها الكثير دورا بارزا في تأجيج الفتن التي عصفت بالعراق ومهدت وبررت لوجود القاعدة وداعش من خلال صياغة الخبر والتلاعب به حسب ما تقتضية مصلحة هذه القناة ، ولقد كان للكثير من القنوات الدور الابرز في عدم تحجيم الخراب الذي كان يعم الشارع العراقي بل كانت هي التي تصب الزيت على النار وتخلق الكثير من المشاكل التي لا اساس لها من الصحة , ولم يقف الامر عن هذا الحد حيث اخذتهذه القنوات تؤثر في المتلقي الذي من الطبيعي بعد سنوات طويلة من الحجر الفكري والتعتيم الاعلامي ان يصدق تواتر الاخبار على جهاز التلفاز ، قيل في الحكمة ان الكثرة تغلب الشجاعة لذلك كانت لكثرة الفضائيات التي تعتمد على نفس الاسلوب في التمويل وان تغير اسمه وشكله ومصدره وصفته الا ان الهدف واضح للعيان الا وهو اغراق العراق ومن يدعمه بسيل الارهاب الاعمى , هذه الكثرة خنقت صوت الحق لعدد قليل جدا من القنوات الفضائية التي كانت تدافع عن وحدة العراقيين وهمها الاكبر في بقاء العراق متحدا ارضا وشعبا منتهجة بذلك خطابا عقلائيا ووطنيا، ومن ممارسات هذه الفضائيات ان تروج للكثير من الامور اللاخلاقية بعدة مسميات واصبحت هذه القنوات مؤسسات ضخمة لما يردها من اموال متعددة المصادر واخرى عن طريق الاعلان المباشر وأن اهم مصدر للتمويل تعتمد عليه القنوات الفضائية في سياستها المالية هي الاعلان التجاري والاتصالات عبر الهاتف ورعاية الشركات التجارية الكبرى لبرامجها وأنتاج البرامج بكل اشكالها لذلك اصبحت اكثر القنوات العراقية والتي تدافع عن النظام المقبور وأزلامه وتنتقد كل ما يحصل في العراق لمجرد الانتقاد المؤدي الى الاختلاف , هي الاكثر ربحا والاكثر تطورا على الصعيد المادي. قبل عام 2003 لم يكن هناك اعلام موجه من قبل دول الخليج [الفارسي] للشعب العراقي الا بالقدر اليسير ولكن بعد هذا التاريخ اصبح العراق ساحة مفتوحة لكل التوجهات التي تريد نصيبا من هذه التركة , وبدأت القنوات الفضائية مرحلة التدخل المباشر في صنع القرار السياسي وذلك من خلال الضغط الشعبي على اصحاب القرار. قنوات الجزيرة والعربية وكثيرٌ من هذه القنوات الاعلامية كان لها دورا كبيرا في تحريك الملف العراقي بكل الاتجاهات هذه القنوات وغيرها ساهمت وبشكل كبير في عدم استقرار العراق في ملفه الامني بل كانت تنقل الفتاوى المحرضة على اعمال العنف عبر أراء من تستضفيهم في برامجها المختلفة فضلا عن سياسة تحرير لخبارها، وانتهجت بعض القنوات الفضائية عبر استضافة ازلام النظام البائد سياسة العزف على الوتر الطائفي البغض وذلك بذكر الاراقام الغير واقعية لعدد الشهداء والمغدور بهم من جهة والداعية المجانية لتنظيم داعش عبر نشر الرسائل الصوتية والصورية لقادة هذا التنظيم والتي كانت تحوي رسائل مجفرة الى اتباعهم في العراق حسب اعتراف القوات الامريكية واجهزة الامن والاستخبرات العراقية ، ولم يفلح غلق بعض مكاتب القنوات الفضائية العربية في العاصمة بغداد عن سعيها لممارسة دورها الغير مرغوب فيه بل باتت تتبع الوسائل لنقل الحقائق الغير صحيية وهذه المرة ليس عن طريق مراسل صحفي تابع لمكتبها وانما عن طريق صحفيين داخل العراق لتوصل رسالة الى الجميع ان لا تتخلى عن سياستها وان لها طرقا جديدة وبدائل موجود في احلك الضروف , ان من اكثر الامور التي كان يعاني منها الشعب العراقي ويقع تأثيرها عليه بصورة مباشرة هي من تنقله هذا القنوات من مصادر اجنبية وتقارير تشترى بمالغ ضخمة من الاموال لتهويل حجم الدمار الناشىء والسياسات المتبعة في العراق واظهار تنظيم داعش بانه مارد عملاق لا يمكن ان يقهر ولعل من ابرز الامور التي كان الشعب العراقي يعاني منها ويطالب الحكومة العراقية باغلاق مكاتب تلك القنوات أنتهاجها سياسة التدخل في الشأن الداخلي في العراق بدون وجه حق واعتباره تابع الى دولة ما دون سوها واعطاء صفة البطولة لازلام النظام المقبور وعدم الاعتراف بان الشعب العراقي كان مظلوم ولا ينظر لاعداد الشهداء والتي هي خير شاهد على الظلم ولقسوة والجبروت التي كان يكوى بها الشعب على طِوال حكم النظام المقبور والساسة من اتباع امراء الخليج [الفارسي], بل حتى ولا يعترفون بعمليات الابادة الجماعية وجرائم داعش,والادهى من ذلك انهم اعطوها تبريرات غير منطقية . ومن هذا الكلام نستخلص ما يلي وهو ان الاعلام بكل انواعة المسموع والمقروء والمرئي سمي بالسلطة الرابعة ، وهدف الاعلام يجب ان يكون خدمة نبيلة تعلن عن نفسها لكشف الحقائق ومحاربة المفسدين والفساد من اجل خلق مجتمع تتحقق فيه العدالة ونقل الحقيقية بدون تزييف ولكن لو تحولت هذه المؤسسات الاعلامية الى اداة بيد من لا يحسن احترامها , واستغلت لمأرب غير جيدة تدعوا الى الطائفية والاقتتال , من المؤكد سوف تكون هذه المؤسسات السبب وراء الكثير من تدهور الاوضاع المعاشية والحياته والانسانية ولعلنا نقول هذا الكلام والانتخابات على الابواب ، نتمنى على انفسنا اولا وعلى جميع وسائل الاعلام ان تنتهج المنهج الصحيح وان تكون اداة لبناء المجتمعات وان تكون هي المطالبة لحقوق الشعوب لانها لاسان الشعب الناطق ولانها العيون التي يجب ان تميز بين الحق والباطل .
الكاتب والاعلامي علي حاشوش الزيدي