أمريكا تمهد للرضوخ لتهديدات كوريا الشماليّة والتعايش مع برامِجها النوويّة والصاروخيّة.. ما هي الدروس المُستفادة من هذا التحوّل المُتوقّع؟ وكيف انقلب السّحر على السّاحر؟
وزير الخارجية الكوري الشمالي (احفظوا هذا الاسم جيدا)، ري يونغ هو أصدر بيانا مساء اول أمس (الإثنين) أثناء مشاركته في مؤتمر في مانيلا أعلن فيه استعداد بلاده لتلقين الولايات المتحدة درسا قاسيا لن تنساه”، مؤكدا في الوقت نفسه “أن برامج كوريا الشمالية النووية وصواريخها الباليسيتة ليست موضعا للتفاوض”.
الولايات المتحدة ردت على هذه التهديدات باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي واستصدار قرار جديد بفرض عقوبات جديدة ضد كوريا الشمالية بسبب مضيها قدما في برامجها الصاروخية، قد تكلف الأخيرة مليار دولار سنويا، ولكن هذه العقوبات لن تخيف بيونغ يانغ، ولن تدفعها للتخلي عن برامجها التسليحية هذه التي تُشكّل العمود الفقري لاستراتيجيتها الدفاعية، ومن يُعارض عليه أن يَشرب من ماء المُحيط الهادي، أو أي مُحيط آخر يختاره.
الإدارات الأمريكية المتعاقبة أنفقت على مدى ثلاثين عاما الكثير من المال والجهد لمنع كوريا الشمالية من امتلاك أسلحة نووية، وفَشِلت فشلا ذريعا، وأعطت سياستها هذه التي كانت تريد استخدام هذه الدّولة المشاغبة كـ”فزاعة” لإرهاب اليابان وكوريا الجنوبية لإبقائها تحت مَظلة حِمايتها، وابتزازها اقتصاديا وأمنيا، أعطت نتائج عكسية تماما، حيث قلبت بيونغ يانغ ورئيسها السابق كيم ايل سونغ ونجله كيم جونغ أون، الذي يسير على خطاه، كل المعادلات وطورت أسلحة نووية، وبعد ذلك صواريخ باليستيّة قادرة على حملها وضرب العمق الأمريكي ناهيك عن طوكيو وسيول.
حديث مجلة “فورين بوليسي” عبر مقال كاتبيها اللذين يعتبران من مخططي السياسات الاستراتيجية العسكرية الأمريكية عن ضرورة التعايش مع كوريا الشمالية وصواريخها الباليستية، والانخراط في مفاوضات معها من أجل تطبيع العلاقات يذكرنا بحديث مماثل لمجلة “فورين افيرز″ الرصينة، التي توصلت إلى النتيجة نفسها قبل 5 سنوات، وطالبت بالتّعايش مع إيران كقوة نووية، والعمل على احتوائها، وليس الصدام معها.
كيم جونغ أون، رئيس كوريا الشمالية قد يستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عاصمة بلاده في الأشهر أو السنوات القليلة المُقبلة، على غِرار استقبال الرئيس الصيني لنظيره الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1972 في بكين، في زيارةٍ دشنت تطبيع العلاقات بين البلدين، فالطّريقة المثلى للتعاطي مع الغطرسة الأمريكية هي لُغة القوة، وليس الإذعان، والأيام بيننا.
رأي اليوم