أولاد العم .. المطبعون !! .. التاريخ السري لعلاقة آل سعود بالإسرائيليين ( القسم الأول)

الثلاثاء 1 أغسطس 2017 - 09:38 بتوقيت غرينتش
أولاد العم .. المطبعون !! .. التاريخ السري لعلاقة آل سعود بالإسرائيليين ( القسم الأول)

لم تكن زيارة الجنرال السعودي ورجل المخابرات السابق أنور ماجد عشقي، إلى الكيان الصهيوني، والتي جرت وقائعها خلال شهر (يوليو/تموز 2016) هي الأولى لمسؤول سعودي، ولن تكون الأخيرة.

لكن ..

التاريخ سيسجل أن (عشقي) ودولته سيدخلونه علنياً بعد أن كان سرياً من أسوأ أبوابه، وهو باب (التطبيع) مع كيان محتل لمقدسات وأرض وحقوق عربية، وقاتل لملايين من الضحايا الفلسطينيين والعرب، سيدخل (عشقي) التاريخ من أسود أبوابه وأكثرها مذلة لدولة تدعى حماية الحرمين الشريفين، دولة قدمت (مبادرة للسلام) عام 2002 أحد أبرز شروطها أن التطبيع والعلاقات مع "إسرائيل" مرتهن بقبولها ورد بعض حقوق الفلسطينيين، ورغم أن ذلك لم يتحقق طيلة الـ 14 عاماً الماضية منذ إطلاق الملك عبد الله لهذه المبادرة فى مؤتمر القمة العربى فى بيروت، إلا أن (عشقى) ودولته، قاما بالتطبيع وإعلان بدء العلاقات السياسية والاقتصادية مع "إسرائيل" مجاناً وفى مخالفة صريحة، حتى لمبادرتهم الفاشلة للسلام !! .

* إذن هو “العشق” التاريخي بين دولة آل سعود والكيان الصهيونى، والذى لم يعد يطيق أطرافه أن يكتموه فلقد برح بهم الشوق والهوى !! .

* صحيح أن المصالح الجديدة المتمثلة فى معاداة للأنظمة الثورية فى المنطقة، ومحاولة بناء حلف جديد يضم السعودية وإسرائيل وبعض الدول فى مواجهة إيران واليمن وسوريا والعراق والمقاومة الفلسطينية واللبنانية، صحيح أن ثمة مصالح جديدة طرأت وزلازل سياسية حدثت طيلة الفترة من (2011-2016) استدعت إعلان “العشق” السعودي "لإسرائيل" عبر عشقى ومن قبله تركى الفيصل ! .

* كل هذا صحيح .. لكن التاريخ يقول أن هذا ” العشق ” والعلاقات الدافئة والسرية كان حاضرة دائماً، وفى هذا البحث سنقدم بعض صفحات من تاريخ هذا التطبيع السرى الذى لم تعد (الرياض) تنكره، بل هى تتفاخر اليوم به رغم أنه كان ولايزال فعلاً فاضحاً فى التاريخ العام للأمة والوطن.

أولاً : جذور العلاقات السرية بين أولاد العم : آل سعود و"الإسرائيليين" :

يحدثنا التاريخ أنه وقبل إنشاء الكيان الصهيونى فى فلسطين بعد حرب 1948، وتحديداً فى عام 1939 إلتقى الأمير فيصل بطلب من والده عبد العزيز وفداً يهودياً صهيونياً، إن ثمة علاقات خفية جرت مباشرة بين الأسرة السعودية الحاكمة والكيان الصهيونى، وعلاقات أخرى جرت بطريقة غير مباشرة دخلت فيه واشنطن وبعض عواصم الغرب على خط العلاقات فزادته دفئاً وقوة، ولنتأمل بعض الصفحات .

* إن أول لقاء سعودي – صهيوني يعود تاريخه إلى عام 1939 عندما عقد بلندن مؤتمر حول القضية الفلسطينية حضره الأمير فيصل الذي كان آنئذ وزيرا للخارجية, إذ اجتمع الأمير السعودي عدة مرات منفردا بالوفد اليهودي الصهيونى في المؤتمر حيث كان الملك عبد العزيز يبذل قصارى جهده لتوطيد علاقاته بالأمريكان. وبمرور الوقت وعندما أصبحت القضية الفلسطينية أكثر التهابا أفلح الأمريكان في إقناع الملك عبد العزيز بالتحايل اللفظي من أجل التخلص من المسؤولية التاريخية وذلك بإصدار بيان شديد اللهجة ضد اليهود ولكن دون أي تعهد من جانبه بالعمل ضدهم. وقد ظهر ذلك بوضوح في حرب عام 1948. واستمر هذا الموقف ليكون أساسا للسياسة السعودية حول القضية الفلسطينية مجرد بيانات فارغة ومسايرة للرأي العام العربي لكن من دون أي التزام. ومن الطرائف التى يذكرها المناضل الشهيد ناصر السعيد فى كتابه (تاريخ آل سعود) أن الملك عبدالعزيز دأب حين كان يلتقى الوفود الفلسطينية وبعضها بقيادة الشهيد عبدالقادر الحسينى أن يشير إلى عينه العوراء (والتى اقتلعتها امرأة فى إحدى معاركه ضد الحجازيين) ويقول : فلسطين فى عينى، وأصلاً عينه لم تكن موجودة !! هكذا قال ناصر السعيد !!.

 وعندما تسلم الملك سعود الحكم وبدأ مغامراته مع النظام المصري بعد ثورة يوليو 1952 بالاقتراب منها مرة والابتعاد عنها مرات أخرى شعرت "إسرائيل" بالقلق, واستطاع موفدوها, تحت مظلة شركة "أرامكو"، أن يجدوا طريقهم إلى الملك سعود, ونجحوا في تحريضه ضد عبدالناصر بعد أن أخفقوا في الوصول إلى الأمير فيصل ولي عهده الذي كان معجبا بعبدالناصر وكان يأمل في أن يكون حليفا له في صراعه ضد أخيه الملك سعود. وفي عام 1958 ومع قيام الوحدة السورية – المصرية تدهورت العلاقات السعودية – المصرية إلى حد بعيد, وأصبح الملك سعود مقتنعا بأن عبد الناصر – بعد حرب السويس وقيام الوحدة المصرية – السورية وحل حلف بغداد – يطمع في السيطرة على المنطقة العربية كلها. وكانت "إسرائيل" تعلم بعلاقات سعود بسوريا ونجحت في إقناعه بضرورة استغلالها لمصلحة العائلة السعودية و"إسرائيل" لمهاجمة الوحدة والإجهاز عليها. فبدأت بالعمل فورا حيث تم تشكيل لجنة سرية مؤلفة من موظفين يعملان في شركة أرامكو: الأول ضابط مخابرات "إسرائيلي" يحمل جواز سفر أمريكي ويعمل في قسم العلاقات العامة بالشركة والآخر سعودي غير معروف من أصل سوري. وقد توصلت اللجنة إلى أن عبد الحميد السر اج الرجل القوي الذي يرأس جهاز المخابرات السورية يمكن أن يكون المفتاح لضرب الوحدة, لأنه شخص فوق الشبهات ويتمتع بثقة عبد الناصر الخالصة. فأمطروه بالصكوك المالية التي تسلمها بدوره وأعلن عنها فيما بعد لفضح المؤامرة الموجهة ضد الوحدة المصرية – السورية والتي تتضمن في تفاصيلها اغتيال عبد الناصر. وحين حملت وكالات الأنباء خبر الكشف عن المؤامرة باء سعود بالخسران ووجد فيصل فرصته للانتقام, فسافر إلى القاهرة وقابل جمال عبد الناصر ليتأكد بنفسه من أن المؤامرة قد جرت حقيقة وليست مجرد دعاية معادية. وما أن قدم إليه ملف المؤامرة مع الصكوك المالية وأشرطة التسجيل حتى أعلن براءته منها وحاول استغلالها للمساعدة على إقصاء أخيه سعود عن الحكم.

يحدثنا التاريخ أن "إسرائيل" لم تهدأ تجاه عبدالناصر . فقد وجدت في سياسة التأميم فرصتها لاستعداء فيصل الذي أخذ يتغير موقفه إزاء عبد الناصر. وبالفعل عبر عن عدائه له علنا. ولم يكن هذا التغير سهلا على فيصل الذي عرف بالحكمة والتأني في اتخاذ قراراته وعدم تغيير موقفه بشكل مفاجيء ودون مبرر قوي. ولكن الأكثر أهمية هو أن عداءه لسعود كان قد دخل في نفس الوقت طور المواجهة الحادة. فلماذا تغير بهذا الشكل وخسر حليفا مهما في العالم العربي كان يمكن أن يساعده في التغلب على أجنحة سعود الأخرى؟.

في كلية فيكتوريا في الإسكندرية (أوائل الخمسينات) التي كانت في الحقيقة مركزا لتجنيد وتخريج عملاء الإمبراطورية البريطانية كان هناك ثلاثة طلاب يدرسون في صف واحد وهم: شخصية عربية تبوأت عرش الملكية في دولة عربية مشرقية (الملك حسين) وكمال أدهم صهر الملك فيصل والذي أصبح فيما بعد مديرا للمخابرات السعودية وعدنان خاشقجي الذي أصبح فيما بعد من أهم تجار السلاح في العالم وذا علاقات وثيقة بالمخابرات الأمريكية – "الإسرائيلية". وقد استطاعت المخابرات الأمريكية تجنيد الثلاثة وغيرهم لتحمل المسؤوليات الموكولة إليهم: الأول ملكا وكمال أدهم مستشارا لفيصل ومسئولا عن المخابرات بينما اختار عدنان خاشقجي حقل الاتجار بالأسلحة والعلاقات السياسية العامة(وهذه هي الطريقة المهذبة لتجنيد العملاء).وعندما تبلورت شخصية عبد الناصر السياسية بعد انتصاره في تأميم قناة السويس وفشل نظرية ملء الفراغ الأمريكية التي عرفت فيما بعد بمشروع إيزنهاور أدركت أميركا أن رهانها على عبد الناصر كان خاسرا, وتوصلت المخابرات الأمريكية والبريطانية و"الإسرائيلية" إلى وجوب تحجيم عبد الناصر وتخريب علاقاته بالحكام العرب, ذلك أنه رغم الفائدة المجانية من أسلوبه في الحكم فإن شعبيته الواسعة يمكن أن تشكل خطرا شديدا على مصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة.

كان هذا الوقت ملائما لمجموعة فكتوريا لكي ينهضوا بمسؤولياتهم, فبدأ الملك المذكور بإرسال تقارير إلى العربية السعودية ضد عبد الناصر محذرا من طموحاته في المنطقة، وأخذ كمال أدهم يحشو رأس فيصل بالمعلومات الخاطئة التي عززها بالمعلومات الأمريكية التي استطاع الحصول عليها مباشرة من الأمريكان أو عن طريق خاشقجي. وعندما نجحت هذه المجموعات في مهمتها تدخلت آرامكو للمرة الأولى فأرسلت للملك سعود تقريرا مفصلا لما أسمته بـ”تحركات عبدالناصر” وكانت المؤامرة التي أنهت الوحدة المصرية السورية عام 1961 ذروة النجاح لتلك الجهود.وكان التمويل والتعاون بالطائرات والأسلحة والمؤامرات السياسية بين السعودية و"إسرائيل" فى حرب اليمن لاستنزاف عبدالناصر فى اليمن(كما سنفصل لاحقاً) .

ووفقا للمصادر "الإسرائيلية" فقد تحركت العربية السعودية لمهاجمة عبد الناصر وفكرة الوحدة العربية. وكان مؤتمر شتورا في لبنان تتويجا لهذا الهجوم. وفي نفس الوقت شاركت الصحافة اللبنانية التي بدأت السعودية بالسيطرة عليها في حملة دعائية ضد عبد الناصر لم يسبق لها مثيل. وفي هذه الأثناء تم تكوين أول مجموعة عمل "إسرائيلية" – سعودية مشتركة كانت تواصل اجتماعاتها في إحدى الشقق ببيروت بهدف توجيه الوضع العربي وفق خططها. وبعد ذلك انضمت إيران – الشاه – إلى المجموعة بعد ما وصل عداؤها لعبد الناصر حدا لا عودة بعده. وكانت المهمة الموكولة لتلك المجموعة هي:

1 - صياغة نظرية سياسية متلبسة بلبوس الإسلام متعاطفة مع الغرب لاحتواء أي آثار جانبية لحركة القومية العربية ضد الغرب.

2 - تحجيم عبد الناصر.

3 - نشر وتعزيز فكرة التحالف العربي – الغربي تحت قيادة أميركا وجعلها مستساغة في الأقطار العربية.

وقد أخذت المجموعة في اعتبارها جميع التجارب التي فشلت سابقا مثل حلف بغداد والحلف الإسلامي ومشروع ايزنهاور. وعكفت على إعداد خطة لتحقيق تلك الأهداف وكانت المهمة صعبة بسبب الظروف الاجتماعية المعقدة في المنطقة، إلا أن حرب اليمن وتورط عبد الناصر فيها تكفلت بالأمر كله.وبعدها هزم عبد الناصر في عام1967 ثم جاءت السبعينات والثمانينات لتمثل سنوات ازدهار في مجال العلاقات السعودية "الإسرائيلية" السرية والآن العلنية .

فهل أمثال هؤلاء جديرون بالإشراف على الأماكن المقدسة في الحجاز، أو جديرون بأن يؤتمنوا على القضية الفلسطينية. سؤال للأمة وعلمائها وإعلامييها؟! .

يتبع.....

 

.......................................................................................................................................