بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي تعمد احتقار الأردن، وانتهاك سيادته، وجرح كِبرياء شعبه، عندما احتضن قاتل الشهيدين بطريقة استعراضية، وأعرب عن سعادته برؤيته، وعودته بشكلٍ سريع، والتأكيد على أنّه يمثل "إسرائيل" التي هرعت لإنقاذه، وعامله، وهو القاتل الإرهابي، معاملة الأبطال.
وصف الملك الأردني لتصرّفات نتنياهو الاستفزازية هذه بأنها “استعراض” يريد من ورائه تحقيق مكاسب سياسية، وتشديده على ضرورة اتخاذه، أي نتنياهو، إجراءات قانونية تضمن محاكمة القاتل، خطوة مشروعة ولكنها لا تكفي وحدها، ولا بد أن تتلوها خطوات وإجراءات أُخرى تُلقّن الإسرائيليين درسًا لا ينسوه حتى لا يُكرروا هذا التطاول المهين والمتكرر على الأردن، وسيادته، وكرامته، وشعبه، والأمة العربية كلها من خلفه.
***
الشعب الأردني الذي يتمتع بجرعة كرامة وطنية عالية غير موجودةٍ في كثيرٍ من الشعوب الأُخرى، يَشعر بالإهانة من جرّاء التّعاطي “الرخو” من قِبل حكومته الحالية بالذات مع العدو الإسرائيلي، ابتداء من توقيع صفقة الغاز المُعيبة، وانتهاء بإدارتها السيئة والمتخاذلة مع قاتل المواطنين الأردنيين الشهيدين، والسماح لهما بالمُغادرة وبهذه السرعة، تحت حُجج وذرائع غير مقبولة، فنّدها الخُبراء في المُعاهدات الدوليّة.
لا نتردد مطلقًا في مطالبة السلطات الأردنية، ليس بالرد القوي والحازم على موقف نتنياهو المُهين، والمس بهيبة الأردن وشعبه فقط، وإنما أيضًا محاكمة المسؤولين الأردنيين الذين سهلوا أو غضوا النظر، عن عملية تهريب القاتل والدبلوماسيين الآخرين، وشجعوا نتنياهو على هذا الاستهتار بالأردن وهيبته.
الشعب الأردني يعاني من جرح غائر في كرامته وعزة نفسه، من جراء هذا التطاول الإسرائيلي المُتكرر، ولا بد من إجراءات وردود فعل حاسمة وحازمة لرد اعتباره من قِبل قيادته، ويكفي التذكير بأن الملك الأردني الرّاحل الملك حسين، هدد بإلغاء معاهدة وادي عربة، إذا لم تُقدم "إسرائيل" المَصل اللازم لإبطال السم في جسم السيد خالد مشعل، زعيم “حماس″، ولم يَهدأ إلا عندما أُفرج عن الشيخ أحمد ياسين، وكل الأسرى الأردنيين في سجون الاحتلال.
هذا الشعب صبر طويلا على هذه الإهانات الإسرائيلية، ومُطالبته بالجِهاد، وإغلاق السفارة الإسرائيلية، وإلغاء مُعاهدة السلام، نهارا جهارا، أثناء تشييعه للشهيدين يُؤكد أن كيله طَفح، ولم يعد يحتمل المزيد.
***
نتفق مع الملك الأردني بأن موقف نتنياهو المُستفز هذا يُفجرغضبه والشعب الأردني، ويُؤدي إلى زعزعة الأمن ويُغذي التطرّف في الأردن والمنطقة، ولكن النتائج ستكون أخطر إذا ما ظل هذا الاستفزاز دون رد، والأردن محاط بالتطرف والمتطرفين من جِهاته الأربع، والمنطقة مقبلة على مرحلة من الإرهاب قد تكون غير مسبوقة.
الشعب الأردني الذي يعاني من الغلاء الفاحش، والظروف المعيشية الصعبة جراء ارتفاع الأسعار، وتحميله أعباء العجوزات في الميزانية من قِبل الحُكومة، نتيجة خُذلان الأشقّاء في الخليج (الفارسي)، واستفحال الفساد، مستعد أن يستمر في التحمل، وأن يَصبر قليلا محبة في بلده، وحِفاظا على أمنها واستقرارها، ولكنه لا يُمكن أن يقبل أو يتحمل جرح كرامته الوطنيّة على يَد المُحتل والعدو الإسرائيلي خاصة، ومن يرى غير ذلك لا يعرف هذا الشعب ورصيده الضخم جدا من الوطنية، والكرامة، والإباء، والشهامة، وعزة النفس.