اعتبر قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله العظمى السيد على الخامنئي،البصيرة وعلى المستويين "الايديولوجية التوحيدية" و"الاحداث والوقائع" بانها تشكل الارضية الاساسية للتخطيط الطويل الامد لديمومة الاقتدار الوطني ،مستعرضا النقاط الدقيقة لمفهوم البصيرة المهم واكد ان الشبان الواعين والمتحلين بالبصيرة والحماس ومن خلال استمرار جهودهم المباركة في مسار شموخ ايران الاسلامية، يسطرون المفاخر والعزة للاسلام الشامخ والوطن العزيز والشعب الايراني الابي وتاريخ هذه الارض الكبيرة.
واكد سماحته في كلمته الثلاثاء امام الالاف من الشباب والطلبة والجامعيين بمدينة قم المقدسة في صحن الامام الخميني(ره) بالحرم الطاهر للسيدة فاطمة المعصومة (س) ،اكد ضرورة تعزيز البصيرة الوطنية، معتبرا التخطيط الطويل الامد الذي اطلقته جبهة اعداء الاسلام والثورة بانه حقيقة لايمكن انكارها، مضيفا القول : ان هناك شواهد وادلة كثيرة تبرهن بان الاحداث التي تشهدها البلاد احيانا بما فيها احداث عام 1999 وفتنة عام 2009 جاءت نتيجة خطط الاعداء متوسطة الامد وطويلة الامد .
وصرح قائد الثورة الاسلامية بأن الاحداث التي شهدتها البلاد العام المنصرم احيت خطط الاعداء مضيفا القول : انهم حاولوا القيام بتنفيذ مخططاتهم مع الاخذ بنظر الاعتبار كافة الملاحظات خلال فتنة عام 2009 ولكنهم منوا بالفشل في ظل العناية الالهية ويقظة الشعب الايراني وحضوره في الساحة.
واكد القائد الخامنئي ان ابقاء الاستکبار على حياكة المؤامرات رغم هزائمه المتعددة يدل على ان متغطرسي العالم لم تصبهم الخيبة بعد ، مضيفا انه نظرا للحقيقة الراهنة هذه فانه ينبغي للنظام الاسلامي والشعب الايراني ان يقوما بإعداد خطط طويلة الامد بكل وعي ويقظة .
واشار سماحته للمساعي المبذولة من قبل المعاهد والمؤسسات الفكرية والسياسية والثقافية لاطلاق خطط طويلة الامد متابعا القول : ما يمهد الارضية لاطلاق مثل هذه الخطط الاستراتيجية هو رفع مستوى البصيرة وتعزيزها لدى كافة ابناء الشعب خاصة الشريحة الشابة .
ووصف اية الله الخامنئي الشباب برّواد ساحة البصيرة مؤكدا : ان البصيرة هي بمثابة سراج يضيء الطريق في جنح الليل وبوصلة تقود الى المسار الصحيح للتحرك باتجاه الهدف في صحاري الحيرة المغبرة .
وفي معرض تبيينه الاهمية الذاتية للبصيرة ، اعتبر سماحته هذه المسألة بانها الشرط الاساس واللازم لتحقيق النجاح الشامل،موضحا : اذا ما تم توفير الشروط الاخرى بدون البصيرة فان التوصل الى الاهداف وتحقيقها سيكون مستحيلا بالفعل .
وقسّم قائد الثورة الاسلامية البصيرة الى المستويين
«البصيرة المبدئية والبصيرة حيال الاحداث» وقال : ان البصيرة وعلى مستواها المبدئي ، تتجسد في الفهم الاساسي للمفاهيم التوحيدية والتمتع بالايديولوجية التوحيدية.
وفي معرض شرحه للبصيرة بمستواها المبدئي،اوضح اية الله الخامنئي: ان العالم وفي ظل الرؤية التوحيدية هو مجموعة منظمة ومقننة وحياة الانسان فيه هادفة تماما .
ووصف القائد الخامنئي ، الحياة في ظل النظرة التوحيدية بانها تعني بذل جهود متواصلة وهادفة ومدروسة ، مضيفا: بهذه النظرة فان الكون والحياة رائعة وذات مغزى وتحظى كل حرکة أو سعي بأجر ومكافأة الهية ولذلك فانه لا مكان للخيبة والصدمة والاكتئاب في النظرة التوحيدية .
واوضح سماحته ان الايدئولوجية المادية - في المقابل - تفضي الى فقد الاهداف الاساسية الراشدة في حياة الانسان ، مصرحا: ان مثل هذه النظرة للكون تتلخص في اللذة والربح الشخصي وان الخيبة وفقد الامل سيلاحقان من لا يسعى لكسب
مثل هذه الاهداف .
واعتبر قائد الثورة الاسلامية الاهتمام بالفروق الاساسية الموجودة بين المعرفة المادية وغير المادية بانه يعزز اسس البصيرة مضيفا : يجب تعزيز رؤيتنا بمثل هذه البصيرة كي نتمتع بنوع من المتانة والنجاح المستديم في الفکر والعمل .
واشار اية الله الخامنئي، الى البصيرة حيال الاحداث المتعددة بصفتها صنفا اخر لمفهوم البصيرة وبيّن مختلف ابعاد هذا النوع من البصيرة استنادا الى الخطب الموجودة في كتاب نهج البلاغة .
واوضح : ان البصيرة في كلام الامام علي (ع) تعني مشاهدة الاحداث بدقة وصوابية والتدبر والتأمل فيها وبالتالي تقييم الاحداث والقضايا .
واعتبر القائد الخامنئي، تجاهل الحقائق الواضحة والاعراض عنها، بانه من جملة الهفوات التي يتعرض لها الانسان وقال : ينبغي لنا ان نفتح اعيننا والا نمرّ على الاحداث مرور الكرام كي نحقق البصيرة في ضوء التأمل والتدبر والتقييم الصحيح للقضايا والاحداث.
ورأى سماحته، ان انخداع جمع من صحابة الامام علي (ع) في حرب صفين كان احد المصاديق البارزة لانعدام البصيرة في التاريخ موضحا : حينما رفع جنود معاوية بن ابي سفيان وفي خطوة خادعة ، المصاحف فوق الرماح لمواجهة الامام والحاکم الاسلامي ، فكان هناك اشخاص لم يروا الحقيقة واطبقوا اعينهم على الحقائق الواضحة .
وتطرق قائد الثورة الاسلامية الى غياب البصيرة لدى عدد من الاشخاص عقب الاحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية العام الماضي ، مضيفا : ان هؤلاء وبسبب افتقارهم للبصيرة ، تشبثوا بمزاعم حدوث التزوير في الانتخابات ، وكان من الطبيعي على هؤلاء ان يقدموا وثائق ازاء مزاعمهم هذه ويتابعوها عبر القنوات التي حددها القانون حتى تنكشف الحقيقة ، لكنهم لم يحتكموا الى القانون رغم تمديد مهلة تقديم الشكاوى وبالتالي انكشف انهم تمردوا على القانون .
واكد قائد الثورة الاسلامية ان التبصر ليس بالامر الصعب والجميع يستطيع الوصول اليه ، فمثلا اذا تجاوز شخص ما السبيل القانوني والمنطقي ويقوم باعمال تلحق الضرر بالشعب والبلد والمصالح الوطنية فالطبع انه برأي الكل وبحكم "القضاء العادل والمحايد والمألوف" شخص مدان .
واعتبر سماحته الغفلة بانها من الامور الاخرى التي تسلب البصيرة واضاف ان الانسان وفي بعض الاحيان يصاب بالغفلة فهذه هفوة ولا تعد من مصاديق الذنب لكنها اذا استمرت فستكون من مصاديق عدم التبصر ومرفوضة .
واكد قائد الثورة الاسلامية ان اهم ما يقوم به الاعداء اليوم هو اثارة الاجواء السياسية في البلاد ، مضيفا: ان جبهة الاستكبار وعبر توظيف احدث الياتها واساليبها الاعلامية تسعى لقلب الحقائق في الداخل .
وشدد اية الله الخامنئي ان مسؤولية الشباب على هذا الصعيد جسيمة للغاية لانه يتعين عليهم تشخيص الحقيقة في هذه الاجواء الملبدة اولا واضفاء حالة من البصيرة على البيئة المحيطة بهم .
واشار سماحته الى الاساليب الاعلامية الملتوية لجبهة الاستكبار بما فيها خلط الحق والباطل بغية تضليل الافراد وتلبيد الاجواء وتابع ان البعض في الداخل ايضا يقوم بتكرار ونشر دعايات العدو عامدا كان ام جاهلا .
وتساءل قائد الثورة الاسلامية انه لماذا البعض ومع وجود البصيرة يصرّ على تكرار الاخطاء احيانا ؟
وفي معرض الرد على هذا السؤال اعتبر اية الله الخامنئي البصيرة الشرط اللازم لكنها غير كافية مؤكدا ان بعض الاشخاص يعرف الحقيقة لكنه يفتقد للعزيمة والقرار المطلوب للافصاح عن الوقائع والدفاع عن الحق ، مشيرا الى عدة اسباب لغياب العزم والارادة عند مثل هؤلاء الافراد .
وقال ان طلب الراحة وهوى النفس والشهوات والمصالح الشخصية واللجاجة هي من جملة العوامل التي تمنع البعض من الدفاع عن الحق .
وفيما اكد على ان عدم دفاع مثل هؤلاء الافراد عن الحق يصب في خانة العدو اوضح قائد الثورة الاسلامية ان بعض الاشخاص الذين فصلوا مسارهم عن الثورة الاسلامية حاليا ويمارسون نشاطات ضد الثورة كانوا في برهة من الزمن ثوريين متطرفين لكنهم ابتلوا ولاسباب بهذا الوضع .
ولدى استعراضه اسباب تغيير هؤلاء الاشخاص موقفهم بصورة كاملة ، قال سماحته ان التغافل عن الله تعالى وعن الواجبات ، تورط الانسان في هذه المتاهات وتؤدي الى تغيير مواقفه .
واكد على ضرورة الفرز بين المعادي والغافل موضحا ان البعض وخلال فتنة العام الماضي التي اعقبت الانتخابات الرائاسية تورطوا في هذا المعترك من دون ان يعلموا ان هذه الفتنة يراد منها الاطاحة .
وجدد سماحته اية الله الخامنئي دعوته المؤكدة للشباب الى التبصر والصحوة واليقظة داعيا الى ضرورة التعرف على تعقيدات العدو والحذر من ظواهره المخدعة .
وفي جانب اخر من خطابه وصف اية الله الخامنئي اللقاء مع الشباب بانه يضفي دوما اجواء من البهجة والنشاط موضحا ان وجود هذه الشريحة في اي بيئة كانت وبسبب احاسيسها وافكارها ودوافعها تترك تأثيرها على تلك البيئة ولذلك فان الاجواء العامة في البلاد التي تشكلها اغلبية من الشباب هي اجواء مفعمة بالعزيمة والارادة والحيوية والعقلانية .
وذكر سماحته بدور الشباب خاصة شباب قم المقدسة خلال النهضة الاسلامية وانتصار الثورة واضاف ان شباب قم وفي مختلف مراحل النهضة والثورة الاسلامية كانوا دائما بالصف الاول وخرجوا منتصرين من الامتحان الالهي .
ولفت قائد الثورة الاسلامية الى الدور الذي اضطلعه به الشباب في قم في مواجهة مخططات الاعداء ابان انتصار الثورة الاسلامية قائلا ان العدو كان يريد من خلال مخطط معقد اعده بمساعدة خبراء محليين ، ان يحول قم التي هي مركزالثورة الاسلامي الى بؤرة ضد الثورة الا ان هذا المخطط باء بالفشل في ظل يقظة اهالي قم لا سيما شبابهم وتحليلهم الصائب وكذلك ملحمة اهالي تبريز .
واضاف اية الله االخامنئي ان الاعداء خططوا لهذا المشروع مرة اخرى في قم بعد رحيل الامام الخميني (رض) لكنه فشل هذه المرة ايضا بيقظة شباب قم .
كما تحدث سماحته عن النتائج الكارثية التي تركها العالم الغربي في المجتمعات البشرية خلال القرون الثلاثة الاخيرة واضاف ان اولئك الذين كانوا يبحثون يوما عن راحة البشر من خلال تقديم افكار مثل الاومانية والليبرالية والديمقراطية ، فانهم وعبر استغلال السلطة والثروة الناجمة عن كسب العلم والتقنية ارتكبوا ومازالوا يرتكبون جرائم قلّ مثيلها في التاريخ .
واعتبر قائد الثورة الاسلامية تنظيم عشرات الانقلابات في مختلف البلدان و"القتل بدم بارد في العراق وافغانستان وباقي البلدان" بانه من جملة ما افرزه ابتعاد العالم الغربي عن الافكار الالهية والمعنوية واستدرك بالقول ان مثل هذه الحقائق تثبت بان السلطويين الغربيين هم اعداء البشرية .
ووصف قائد الثورة الاسلامية نهضة الشعب الايراني بانها تاتي في مقابل الحركة المضللة للغرب خلال الثلاثة قرون الاخيرة موضحا ان الشباب الذين يتابعون العلم في ظل افكار الهية ويريدون من خلال نشاطاتهم وخطواتهم الخير المادي والمعنوي لشعبهم ولجميع افراد البشر فانهم وبفضل الباري تعالى سيواصلون حركتهم المباركة حتى تحقيق جميع اهداف الاسلام والثورة .
واعتبر سماحته اكمال الانجازات القيمة التي تحققت في ربع القرن الاخير بانه واجب تاريخي يقع على عاتق شباب ايران واضاف ان حاضر ومستقبل هذا البلد هو للشباب الاعزاء وانهم يستعدون لتولي ادارة مختلف شؤون البلاد .
وفي مستهل اللقاء ، طرح عدد من الطلبة الجامعيين و النخب وجهات نظرهم بشان مختلف القضايا العلمية و الثقافية والاجتماعية والسياسية.
ومن اهم المحاور التي ركز عليها هولاء النخب هي كما يلي ..
- ضرورة اطلاق خطط متماسكة لتحقيق الوحدة بين الحوزات العلمية والجامعات عبر تشکيل لجان عمل مشترکة.
- ضرورة تحلي الجامعيين بالوعي باعتبارهم ضباط الحرب الناعمة امام مؤامرات الغرب المعقدة .
- ضرورة اعادة النظر في هيكلية بعض المؤسسات التعليمية والبحثية من اجل النشاط المؤثر في مجال توليد العلم.
- ضرورة القيام باعمال اساسية من اجل نشر المعارف الاسلامية لدى الناشئين والشباب بشكل صحيح - ضرورة ترسيخ ثقافة الاعمال الجماعية والتنظيمية الى جانب تربية النخب في الجامعات.
- تعزيز الوحدة بين المسؤولين وابناء الشعب باعتباره رمز التقدم والاقتدار المستديم للثورة وايران.
- ضرورة التحلي بالوعي التام حيال اي من حالات بث الفتنة .
- متابعة حقوق الشعب في القضية النووية بكل حزم وجدية .
- ضعف التنظير في مجال الفکر الاسلامي .
- ضرورة ايلاء اصحاب الراي في العلوم الانسانية الاهتمام بادخال تغييرات في هذه العلوم .
- جهوزية الجيل الثالث للصمود والتضحية من اجل الاسلام والدفاع عن قيم الاسلام والثورة.
- التخطيط بدقة لترجمة الوثيقة العشرينية على ارض الواقع.
- ضرورة الاجابة الصحيحة المشفوعة برحاب الصدر على اسئلة وشبهات الشباب.
- توفير بنى تحتية مناسبة للفن بمدينة قم وابداء مزيد من الدعم للفنانين الاساتذة.
- السعي الدؤوب لنشر الاداب واللغة الفارسية في البلدان الاخرى.
- تنشيط الغرف الفكرية الثقافية من اجل ترسيخ معتقدات الجامعيين وتزايد البصيرة لديهم.
- ضرورة التوزيع العادل للامکانيات والميزانيات بين الجامعيين .
- الاهتمام الاكثر جادا بالرياضة الجماعية الى جانب المسابقات البطولية.
- الاهتمام بشعار العقد الرابع من الثورة اي "التنمية و العدالة" عند صياغة الخطط.
- اهتمام المسؤولين والمدراء في مختلف المستويات بموضوع اسداء الخدمة لابناء الشعب .