أما أوروبياً فإن سيد الإليزيه الشاب إيمانويل ماكرون يتطلع إلى دور كبير في سوريا وذلك بعد أن باتت بلاده مجرد إكسسوار أوروبي مقارنةً بأمريكا المتحكمة بملفات عديدة، الرجل صرح بأنه لا يجد بديلا شرعياً عن الرئيس بشار الأسد، لكنه أردف قوله بالزعم أن القيادة السورية عدوة شعبها لكنها ليست عدوة لفرنسا، كما أبدى استعداده لشن ضربات جوية منفردة ضد الجيش العربي السوري في حال استخدم الأخير سلاحاً كيماوياً!.
ما قاله الرجل ليس من باب الدماثة تجاه دمشق، ولا إيذاناً بتغير السياسة الفرنسية إيجاباً، يؤكد ذلك ادعاؤه بأن القيادة السورية عدوة لشعبها، وهو ما يترك الباب مفتوحاً أمام المجتمع الدولي للقول بأن عاصمة البارفان لا تتجه نحو تغيير سياستها باتجاه دمشق، وفي ذات الوقت كلام ماكرون عن كون القيادة السورية ليست بعدوة لفرنسا فإن ذلك رسالة للأمريكي وأنظمة الخليج ( الفارسي ) بأن بلاد الكروسان والموضة ستذهب إلى حيث مصالحها. فقط بمعنى آخر إن كانت هناك مصلحة لفرنسا مع الحكومة السورية فإنها لن توفر أي علاقات أو قنوات اتصال، ولذلك فإن على الأنظمة والحكومات المعادية لدمشق فهم هذه النقطة وتلافيها إن أرادت كسب فرنسا، بعبارة أخرى باريس تريد أن تبتز الغير لتحقيق مصالحها فإما أن تفتح قنوات اتصال مع السوري عبر الروسي بدايةً أو تسارع واشنطن وقبلها أنظمة الخليج ( الفارسي ) إلى ثني باريس عن ذلك بأموال واستثمارات تعزز حكم ماكرون أمام مواطنيه وذلك على غرار ما حدث مع دونالد ترامب.
فيما يخص الحوار السوري فقد أكدت الصحف الصهيونية مثل هآرتس والأردنية مثل صحيفة السبيل وغيرها بوجود تقارب إسرائيلي ـ أردني وزيادة في التعاون الأمني والعسكري بينهما خوفاً من المشهد الميداني جنوب سوريا حيث يتقدم الجيش السوري هناك ويرافقه حلفائه إلى الحدود مع الأردن وبالتحديد هناك مخاوف لدى تل أبيب وعمان من تواجد إيراني في تلك المنطقة، وفي سياق متصل لفتت الأمم المتحدة بأن أحد فرقها المكلفة بمراقبة خط وقف النار بين سورية والكيان الصهيوني رصدت تزايد الدعم الإسرائيلي للجماعات المسلحة في سورية عند الحدود وبالتحديد عند جبل الشيخ، هذه المعطيات تؤكد وجود خطوات استباقية يقوم بها الأردنيون والإسرائيليون بالتنسيق مع المسلحين عند الحدود الجنوبية، كما أن جنون الصحف الخليجية من الهجوم الذي يتعرض له المسلحون في درعا وسوقها لمزاعم مفادها بأن هؤلاء أوقفوا تقدم الجيش يؤكد بأن المشهد الميداني السوري بات يخيف أعداء دمشق أكثر من قبل، كذلك في الشمال هناك حشود تركية بالقرب من اعزاز تستعد لشن عملية ضد الأكراد المنتشين بالدعم الأمريكي، بالتزامن مع تقدم الجيش السوري في البادية وبعد تحرير الرصافة وتحرش التحالف الدولي بالطيران السوري حمايةً للميليشيات الكردية التي يُشاع بأنها أهداف بالنسبة للطيران السوري.
بالتالي فإن المخاوف التركية من الأكراد المدعومين أمريكياً ومن أن تكون أنقرة مهمشة عن المشهد الميداني شمالي سورية مع تقدم الجيش السوري في البادية ونحو الرقة بعد الرصافة والاعداد لعملية نحو دير الزور فضلاً عن التنسيق الصهيوني ـ الأردني الحثيث مع المسلحين في الجنوب كل ذلك جعل الأتراك يبحثون عن دور جديد لهم، فيما تبقى شهية الرئيس الفرنسي لتناول شاي دمشقي مع قطعة كروسان فرنسية على الأرض السورية مفتوحة بانتظار فزعة سعودية كي تتخم جيوب ماكرون بالمال من أجل تحويل السياسة الفرنسية إلى ما يخدم العهد السعودي الجديد ضد سورية.
علي مخلوف / شام تايمز