الغموض يزداد في “حادثة الجفر” .. شاب ملتح يظهر في أشرطة المراقبة!

الإثنين 3 يوليو 2017 - 07:59 بتوقيت غرينتش
الغموض يزداد في “حادثة الجفر” .. شاب ملتح يظهر في أشرطة المراقبة!

لا أحد حتى اللحظة يمكنه التأكّد تماما مما جرى في حادثة الجفر الشهيرة التي راح ضحيتها 3 مدربين أمريكيين جنوبي الأردن، خصوصا والأمر يزداد تعقيدا مع شهادات الشهود في المحكمة العسكرية من جهة، ومع كثافة التقارير الامريكية الغاضبة من جهة ثانية والتي يقابلها اعلام اردني ممنوع من نشر التفاصيل.

“الغموض” لا يزال سيّد الموقف رغم استماع المحكمة العسكرية لشهادة 7 من الجنود الحاضرين للواقعة على الاقل، وإلى جانبهم خبراء ومحللين للتفاصيل، بالاضافة لتأكيد المتهم بأنه “غير مذنب” أمام المحكمة.

ووفقا لتسريبات من الشهادات في المحكمة حصلت عليها “رأي اليوم”، فقد تحدث رفاق الجندي المتهم معارك أبو تايه عن وجود “تمرّد” في قاعدة الجفر صدرت إثره أوامر بتطبيق قواعد الاشتباك للجميع، الا ان رفاق “ابو تايه” الذين كانوا في الميدان لم يطبّقوا الاوامر، رغم سماعهم اصوات رصاص قادمة من جانب قافلة الجنود.

ضمن الشهادات ايضا ان الخبراء والمحللين في المحكمة تحدثوا عن رصاص اصاب الضباط الامريكيين عن بعد لم يكن يمتلك ترفه ابو تايه، كما ان عددا من زملائه هربوا في اللحظات الاخيرة بسبب “كثافة في اطلاق النار” لا يزال حتى اللحظة “لغزه غير مفهوم.

أقرباء الجندي يتحدثون صراحة عن وجود ضحايا من “ملّة أخرى” غير امريكيين ويشيرون ببساطة لمقاتلين سوريين كانوا منخرطين بالبرنامج التدريبي الذي نفذته المخابرات المركزية الامريكية (CIA) في القاعدة ذاتها، وهو الامر الذي لم تُعلن حقيقته بعد.

إعلام أميركا يتحدث..

في المقابل، تصرّ وسائل الاعلام المحليّة على عدم الحديث عن تفاصيل المحاكمة والاكتفاء بنقل عدد الشهود ووقت شهاداتهم ومواعيد الجلسات، الأمر الذي خضع على ما يبدو لأوامر صارمة، في حين تتسلّل وسائل الاعلام الأمريكية في نقل وقائع مختلفة عن الجلسات وما جرى فيها. إذ نقلت وكالة “أسوشيتد برس″ في نسختها الانجليزية، أن ثلاثة من حرّاس البوابة قالوا للمحكمة العسكرية أنهم امتنعوا عن اطلاق النار بعد سماعهم صوت اطلاق رصاص قادم من ناحية قافلة قريبة  لقوات أمريكية لأنهم لم يتمكنوا من تحديد مصدر الصوت.

وأضافت الوكالة أن شهادة الحراس “أثارت تساؤلات جديدة حول الدافع المحتمل لدى الجندي الأردني الذي يحاكم في قضية قتل ثلاثة مدربين عسكريين أمريكيين في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي”، مضيفة أن المتهم أبو تايه نفى صحة التهم الموجهة ضده و”قال رداً على سؤال المحكمة فيما إذا كان مذنباً أم لا  أنه “غير مذنب”. وخلال جلسة يوم الاثنين وقف بهدوء في قفص قاعة المحكمة على بعد أمتار فقط من آباء اثنين من الأمريكيين المقتولين”.

وأكدت اسوشيتد برس ان القاضي في المحكمة نفى شبهة “أي صلات للمتهم مع جماعات إرهابية”، وأضافت “وذكرت الأردن التي تعد حليف مقرّب للولايات المتحدة الأمريكية في التقارير الأولية أن الأمريكيين قادوا الجندي لإطلاق النار نظراً لعدم امتثالهم لتعليمات القوات الأردنية في قاعدة الجفر الجوية الواقعة جنوب المملكة. وتراجعت الأردن لاحقاً عن هذا الادعاء وقام الملك عبدالله الثاني بتبرئة الجنود من ارتكاب أي خطأ في رسالة لأولياء الأمور.”

وقائع الحادث..

ووفقا للشهادة التي نقلتها الوكالة فقد اقتربت القافلة الامريكية المكونة من أربع مركبات وتحمل على متنها مدربين عسكريين أمريكيين من بوابة القاعدة الجوية  العسكرية قبل ظهيرة الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني، واجتازت السيارات الأربعة البوابة الخارجية للقاعدة، ثم مرّت السيارة الرئيسية عبر البوابة الداخلية تاركةً ورائها ثلاثة سيارات خلفها بين البوابة الخارجية والداخلية.

وأشار الشهود أن المتهم كان في ذلك الوقت يقف في مركز حراسة قرب البوابة الداخلية. وذكروا أنهم سمعوا ما بدا وكأنه صوت إطلاق رصاصة من مسدس قادم من ناحية المركبات الثلاثة ووفقاً لقواعد الاشتباك فإنه يحق لهم الرد على إطلاق النار لكنهم لم يفعلوا ذلك لأنهم لم يتمكنوا من تحديد مصدر اطلاق النار المزعوم.

ووفقاً لأحد الشهود قام المتهم في هذه المرحلة بإطلاق النار على القافلة. وذكر الشهود أنهم سمعوا بعدها تبادل لإطلاق النار استمر لعدة دقائق. وشهد محقق في مسرح الجريمة هذا الأسبوع أن 78 طلقة أطلقت من بنادق من طراز إم-16 التي استخدمتها القوات الأردنية و19 طلقة من مسدسات استخدمتها القوات الأمريكية.

ووفقا للوكالة الامريكية، فان اهالي الضحايا الامريكيين يطالبون بنشر فيديو الاشتباك، وارفاقه في التحقيقات، بينما يؤكد اقرباء ابو تايه ان الفيديو “لن يدين” ابنهم، خصوصا وقد اجمع الشهود على وجود “تمرّد في ساحة القاعدة ذاتها” نجم عنها اوامر بتطبيق صارم لقواعد الاشتباك.

خيوط غامضة بانتظار اجابات..

ووصلت معلومات لـ “رأي اليوم” تؤكد ظهور اشخاص غير أردنيين في اشرطة الفيديو، وبالاخص شاب ملتحٍ يقال انه سوري، ما يتناسب مع رواية التمرد المذكورة في شهادة الجنود، كما قد يوضح ذلك التباين العددي الهائل في الطلقات من الاسلحة المحلية مقابل نظيرتها الامريكية.

في المقابل أيضا، تؤكد شهادات “شهود النيابة” التي وصلت لـ “رأي اليوم” أن الجندي أبو تايه كان داخل المركز قبل أن يخرج على صوت اطلاق النار، ما ينفي على الاقل عنه تهمة التخطيط للحادث، وهو ما يمكن اساسا استنباطه حتى من حديث اهالي الضحايا التي نشرتها وكالة اسوشيتد برس.

شهود النيابة الذين استمعت اليهم المحكمة، بالنسبة لمقربين من المتهم يكادوا يكونون كفيلين بتخفيف التهمة عن الشاب أبو تايه أصلا، الا ان “شهود الاثبات” قد يظهروا بالطبع في الجلسة المقرر في 4 تموز الجاري.

ونشرت “رأي اليوم” سابقا رواية محتملة للحادث (لقراءتها انقر هنا) وفقا لما وصل اليها من معلومات من خبراء ومطلعين على التحقيق.

معهد واشنطن..

من جانبه، أطلق الباحث ديفيد شنيكر في معهد واشنطن تحليلا يمكن وصفه بـ “الشرس″ ضد الأردن حول الحادثة فور انتهاء المحكمة من الاستماع لشهود النيابة خلال شهر رمضان.

تحليل معهد واشنطن يتحدث عن 3 سيارات تابعة للامريكان في الحادث وعن تفاصيل مختلفة ايضا عما ورد في تقرير اسوشيتد برس، ما يزيد الغموض غموضا ويمنع الجميع من معرفة ما جرى تلك الليلة بدقة، وهو ما يزيد فرصة اتهام اهل “ابو تايه” لمسؤولين سابقين في الدولة الاردنية في التآمر لتوريط ابنهم في الحادثة لمصلحتهم الخاصة.

معهد واشنطن يتهم الاردن بوضوح في تقريره، بالتستّر على الحادث، لا بل وينظر لاتهام ابو تايه الجندي حتى اللحظة بالقتل القصد (وهي جريمة عقوبتها السجن المؤبد) على ان الاتهام المذكور ما هو الا وسيلة “القصر” لتجنب رد فعل قاسٍ من “قبيلة الحويطات” (التي ينتمي لها الشاب المتهم).

وختم التحليل المذكور الحديث عن حادثة الجفر بذكر ما اسماه “تكاليف الشراكة الاردنية الامريكية” معتبرا ان ثمنها باهظ بالنسبة للاخيرة، ومطالبا بزيادة الاجراءات المسموح بها للجنود الامريكيين في الاردن للدفاع عن انفسهم.

بكل الاحوال، يتعقد المشهد أكثر إذا ما تم النظر للتقارير الامريكية على انها ضغوطات تمارس على الاردن باتفاق امريكي مع بعض الرجالات في البلاد، كما يؤكد مطلعون لـ “رأي اليوم”، كما يزداد المشهد تعقيدا اذا ظلّ الاردن مفضّلا الصمت امام كل هذه الضغوط.

ما سبق لا يعني بالطبع ان “ابو تايه” قد يكون بريئا كما انه لا يعني انه مدان حتى اللحظة، وهذا حصرا شأن قضائي بحت، الا ان اللغط الذي حاولت “رأي اليوم” إبرازه في هذا التقرير يؤكد بصورة كبيرة وجود ما لا يزال خفيّا في الحادثة التي ظهرت ملتبسة منذ يومها الاول.
المصدر: رأي اليوم