الجزائر ويوم القدس العالمي

الخميس 22 يونيو 2017 - 08:09 بتوقيت غرينتش
الجزائر ويوم القدس العالمي

في ثمانينات القرن الماضي تم ترسيخ قضية القدس في الوسط العربي و الإسلامي وذلك من طرف زعيم الثورة الايرانية (الثورة الاسلامية في إيران) بإعلانه آخر جمعة من شهر رمضان كيوم للقدس العالمي...

الذي يخرج فيه الملايين من المسلمين للتعبير عن قضيتهم والإعلان أمام العالم أن القدس هو قضية كل المسلمين، بل وقضيّة المستضعفين في العالم أجمع.

ولما كانت قضية القدس بين قوسين أو أدنى من الإنقراض الفكري عند الناس، أقام (الامام) الخميني آنذاك أول احتفال بهذا اليوم الذي أصبح فيما بعد يوما عظيما يخرج فيه ملايين المسلمين في جميع بلدان العالم لقول كلمتهم : القدس للفلسطينيين. ولن نتنازل عن حبة واحدة من تراب فلسطين. فصارت آخر جمعة من شهر رمضان يوما عالميا للقدس.

وقضية القدس في الأصل هي قضية المستضعفين وليست قضية خاصة بالعرب أو المسلمين. وذلك لأن أصحاب هذه الأرض  المحتلة هم من الفئة المستضعفة. ثمّ لو لاحظنا البلدان والشعوب التي باتت تدافع عن هذه القضية نراها بلدانا وشعوبا مقهورة مظلومة. ولا أحد يستطيع أن يزايد على الآخرين حبه للقدس إلا إذا كان قد وضع هذه القضية على رأس قضاياه ومبادءه التي لا يمكن التنازل عنها أو المساومة عليها.

ومثل هؤلاء اليوم مثل بلدان الخليج "الفارسي" التي كانت تلهج بادّعاءها الإسلام والدفاع عن المسلمين في العالم، وأيّ إسلام هذا الذي يضع يده في يد اليهود والغرب لضرب بلد عربي مسلم أعني اليمن الشقيق. ثم إن حرب غزة الأخيرة فضحت نفاق هؤلاء الأعراب الذين باعوا بلدا عربيا مسلما للصهاينة المحتلين. فحينما بدأت "إسرائيل" حربها على هذا الشعب الأعزل لم تقم هذه البلدان النفطية حتى بإرسال رصاصة واحدة للجهاديين في غزة. وكأنه شعب خرج عن كونه عربيا مسلما. ولم تحرّك هذه البلدان ساكنا جرّاء ما ارتكبته "إسرائيل" من جرائم مروّعة بحق المدنيين الأبرياء. هذا في وقت سارعت بعض الدول غير العربية إلى دعم هذا الشعب المظلوم، فقد أرسلت إيران أسلحة وصواريخ للجهاديين في غزة. كما ودعمتهم بمختلف الأدوية والأغذية التي منع دخولها إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب والحصار. ومن شكّ في هذه المساعدات الإيرانية فما عليه إلا بسماع اعترافات حركة الجهاد الاسلامي في غزة الذين أكّدوا دعم إيران لهم بالسلاح والذخيرة والغذاء في وقت عجز فيه الأعراب عن دعمهم حتى بأكياس الحليب للأطفال واليتامى في فلسطين. ولا يفوتني هنا ذكر موقف الجزائر التي أرسلت سفنا مملوءة بالأدوية ومختلف الأغذية إلى شعب غزة المحاصر.

والجزائر كعادتها رفضت رفضا قاطعا هذه الحرب غير المتكافئة، وأعلنت موقفها الصارم تجاه قضية القدس وتحرير فلسطين. فلا ننسى قبل عامين كيف خرج الشعب الجزائري في العاصمة وغيرها من مناطق الوطن تنديدا بحصار غزة وتعاطفا مع إخوانهم الفلسطينيين الذين جمعتهم الإنسانية والعروبة والإسلام. فخرج الكبير والصغير والمرأة والرجل لإحياء هذا اليوم العالمي المقدّس رافعين شعارات: الموت "لإسرائيل"….يا يهود يا يهود جيش محمد سوف يعود.

إنها هتافات شعب يرى في قضية فلسطين القضية الأولى، ويرى في الصهاينة المحتلين العدو الأول. هذا هو مبدأ الجزائر شعبا وحكومة. هذا موقف بلد المليون ونصف المليون شهيد تجاه بلد الشهداء فلسطين الأبية.

قضية فلسطين عند الجزائريين قضية لا تقبل النقاش فمن تعدّاها يكون قد تعدّى الخطوط الحمراء. وقد قامت قناة جزائرية مؤخّرا ببثّ حصة تلفزيونية تبيّن آراء الشعب الجزائري مع قضية فلسطين، وقد كانت ردود الفعل واحدة حينما قال الجزائريون: نحن نعشق فلسطين والقدس وإننا ننتظر فتح الحدود حتى نذهب للجهاد هناك ولتحرير فلسطين من الصهاينة المحتلين. كما لا يفوتني هنا ذكر ما قاله أحد الجزائريين يوما حينما رأى كلمة "إسرائيل" في الخريطة بدلا من فلسطين، فقال بالحرف الواحد: متى كان "لإسرائيل" بلد؟ أكتبوا فلسطين المحتلّة ولا تكتبوا "إسرائيل"، لأن الغاصب يبقى غاصبا ولا يمكنه بمجرد غصبه لأرض غيره أن يصبح هو صاحب الارض.

أما حكومة، فإن دولة الجزائر كانت منذ استقلالها ولا تزال ترعى قضية فلسطين وتدافع عن القدس وتعلن للعالم مساندتها لكل الحركات المقاومة والجهادية المستضعفة والمظلومة. وأبت أن تصطفّ في صف الأعراب الذين باعوا دينهم بدنياهم قبل بيعهم لقضية فلسطين.

فلسطين للفلسطينيي، ولا مكان فيها للصهاينة المحتلين. وقضية القدس قضية إنسانية قبل كونها إسلامية. وإسلامية قبل كونها عربية. فالقدس لا يدافع عنها إلا الشرفاء، ولا يساوم عليها إلا الخونة التعساء.

هاف برست