الآن تشيع الديبلوماسية التركية في اكثر من عاصمة في المنطقة بأن الاميرمحمد بن سلمان كان يزمع احتلال قطر، وهو افتعل تلك المشكلة من اجل تنفيذ خطته، فالحصار الذي حصل لم يكن بالحصار العادي وغايته التمهيد الميداني، والسياسي، والسيكولوجي، للقيام بعملية عسكرية صاعقة...
الاتراك ليسوا وحدهم الذين يرددون ذلك. اوساط سياسية واعلامية خليجية تؤكد ان الخطة هكذا فعلاً، وان ولي ولي العهد السعودي عرض هذه المسألة على بعض الشخصيات الاميركية الفاعلة، ومن بينها جاريد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره.
ويبدو من ذلك الكلام الذي يتردد بقوة، وراء الضوء، ان الخطة كانت تلحظ الحاق بلدان مجلس التعاون الخمسة بالمملكة، حتى اذا ما تحقق ذلك قام «السلام الكبير»، سلام اسحق واسماعيل، بين العرب واسرائيل، ولتتعانق الكعبة وهيكل سليمان كما يرى اللواء انور عشقي..
للتوضيح اكثر... السلام الاستراتيجي الكبير، ومثل هذا الاتجاه لابد ان يحظى بدعم المؤسسة اليهودية التي يعنيها اكثر منطق الصفقة، والمشاركة في ادارة ثروات المنطقة (وبما تمثل اقليمياً ودولياً).
في هذه الحال لابد ان تتلاشى الاشباح الايرانية في المنطقة، ولا مناص من ان يخلع الرئيس التركي قبعة السلطان، ودعونا هنا نستعيد ما تقوله الاوساط الخليجية اياها من ان السعوديين، وبعدما تبينوا المدى الذي يمكن ان يبلغه التعاون الاستراتيجي بين انقرة والدوحة،رأوا ان الحالة التركية لا تقل خطراً عن الحالة الايرانية...
السعوديون اعتبروا ان هاجس السلطة الذي يتحكم باردوغان يجعله يوجه افكاره (وخيوله) نحو مكة لاستعادة لقب... خادم الحرمين الشريفين.
وفي الكلام الذي يشاع الآن ان الامير محمد بن سلمان الذي لاحظ انه بتقهقر اسعار النفط، وبنتائج «البلوى اليمنية» التي زج بلاده فيها، فإن تنفيذ رؤيته لعام 2030 سيكون مستحيلاً...
الامير الشاب يدرك تماماً ان داخل المملكة،بل وداخل العائلة المالكة، من يتربص به من خلال فشل «الرؤية» اياها، ودون ان يبقى سراً ان هناك داخل العائلة من عارض الانزلاق الى المتاهة اليمنية، وترك الحوثيين ومعهم علي عبدالله صالح اما يواجهون بعضهم البعض حين يقتربون من السلطة او يتساقطون تدريجياً بفعل التعقيدات القبلية والاهم بفعل الضائقة المالية والاقتصادية...
الغاز القطري هو الذي ينقذ ولي ولي العهد وينقذ رؤيته بطبيعة الحال. الرهان على النفط دونه الواقع المرير الذي يواجهه هذا القطاع حالياً دون ان يدرك اولياء الامر في المنطقة ان لعبة الاسعار هي جزء لا يتجزأ من لعبة الامم....
الاوساط الخليجية تشير الى ان خطة محمد بن سلمان ارتطمت بعوائق بالغة الحساسية، لعل ابرزها موقف دول خليجية حذرت من انه سيكون لها موقف حازم وحاسم اذا ما تم غزو قطر،حتى ولو اقتضى الامر طلب المساعدة العسكرية من... الشيطان.
اذاً، انه الحصار،ولكن الى اين يمكن ان يصل ما دامت القوى الدولية والقوى الاقليمية بدأت تلعب على ضفتي الصراع؟
الغزو تراجع. الحصار يتراجع. الكلام للكبار....
*نبيه البرجي - الديار