والقاهرة، اسم أطلق على العاصمة، في عهد المعز لدين الله الفاطمي (932 ميلادية: 976 ميلادية)، وهو أول خليفة لدولة الفاطميين بمصر، وعرفت عاصمته كثيرا باسمه قاهرة المعز.
علم وذكر
ويتميز الحضور في الجامع الأزهر بمميزات دينية وعلمية، حيث يؤم المصلين عدد من علماء الأزهر يتبادلون الأدوار فيما بينهم.
ولا يقتصر الجانب الديني على رواد الجامع الأزهر فقط، ففي الجهة المقابلة له يقع مسجد الإمام الحسين، والذي يقصده بشكل لافت متصوفون (يقدر أتباع الطرق الصوفية في مصر بنحو 15 مليون شخص، وفق تقديرات صوفية غير رسمية) يمارسون شعائر الصلاة بالمسجد، الذي يحمل موقعا خاصا بنفوسهم.
محمد رمضان أحد أتباع الطريقة العزمية (طريقة صوفية مصرية) يقول إنه يأتي للحسين لصلاة العشاء والتراويح كل ليالي رمضان؛ ليتمتع بالروحانيات الموجودة بالمسجد، ويشارك في تلاوة الأذكار الخاصة بهم من خلال الحضرة (جلسة ذكر يعقدها الصوفية عقب صلاة العشاء) أو سماع المنشدين.
رقص وسمر
على مدخل شارع المعز لدين الله الفاطمي، أشهر شوارع القاهرة التاريخية، قررت مجموعة من الشباب المصريين الاحتفال على طريقتهم الخاصة، وعلى ضربات الدفّ الذي أحضروه معهم، شرعوا في ترديد أغانٍ خاصة بهم، في حلقات دائرية تزينها حركات الأرجل التي تتناغم مع الدف، لتخرج مشهدا كرنفاليا راقصا.
لكن الأجواء أمام سبيل مؤسس الدولة المصرية الحديثة محمد علي باشا، والذي يرجع تاريخ بنائه لعام 1829 ميلادية، كانت أكثر هدوءا، تناسبا مع الأضواء الخافتة التي زينت المكان ليلاً، فرواده يبدؤون ليلتهم عادة بالتقاط الصور والسمر غير الصاخب.
الاحتفالات في قاهرة المعز لا تتوقف عند المداحين أو حلقات الغناء، فعلى هامش أحد الممرات يقف مجدي رشوان 35 عاما (بائع متجول) يستأجر منه المارة “الطربوش (قبعة حمراء تاريخية بالبلاد) والملس (زي نسائي قديم سابل)” ليلتقطوا صورا بهما، نظير 10 جنيهات “نحو نصف دولار أمريكي”.
ويقول رشوان لـ”الأناضول” أنه يبدأ عمله هنا في المكان كل ليلة منذ عام تقريبا، إلا أن نسبة الزبائن الذين يتعامل معهم في رمضان أكثر بكثير من غيره من الشهور، أو كما يعبر عنها بلهجته المصرية “رمضان شهر الخير”.
تحتفظ المنطقة بطابعها كقبلة للسمار إلى جانب المصلين، يفد إليها المصريون من أنحاء العاصمة، فهدى مصطفى (25 عاما) تحضر في بداية الليل للصلاة بمسجد الحاكم بأمر الله الذي يقع بشارع المعز، ثم تتجول هي وصديقاتها بالمكان قبل أن تعود لمحل سكنها بمنطقة حلوان جنوب القاهرة.
وتقول لـ”الأناضول” إنها أول مرة تجرب فيها ارتداء زي “الملس″، مؤكدة أن ذلك ليس رغبة في عودة الزمن القديم ولكن لتجربة أزياء المرأة المصرية قديمًا.
وبالعودة لمجدي رشوان الذي يستأجر زوار المعز منه “الطربوش والملس″ يقول إن الفتيات هن أكثر حضورا لطلب “الملس″ من راغبي الطربوش من الرجال.
سحور وتقاليد
محمود سليمان (21 عاما) طالب بأحد الجامعات المصرية الخاصة، يحرص هو وأصدقاؤه على الحضور لمنطقة الحسين في الليالي الأولى من شهر رمضان، ضمن طقس سنوي اعتادوا عليه منذ سنوات، ينتهى بالسحور على إحدى عربات الفول المجاورة لمسجد الحسين.
يقول سليمان لـ”الأناضول” إنه وأصدقاءه قادمون من مدينة الرحاب (شرقي القاهرة) للاستمتاع بمظاهر رمضان بشارع المعز، والاستماع لبعض المنشدين الهواة أو حتى الفرق الموسيقية التي تحضر هنا كل ليلة.
ومع اقتراب ساعات الفجر بسماء منطقة الحسين، تبدأ المجموعات الوافدة على الحي في التجمع حول عربات الفول المنتشرة حول المسجد وتقدم وجبات مصرية تقليدية.
“سحورك عندنا فول وطعمية (فلافل)” جملة يحاول راشد علام، صاحب عربة فول، أن يجذب بها القادمين لتناول السحور، ويبدأ عمله منذ الثانية عشر منتصف الليل بالتوقيت المحلي (22:00 بتوقيت غرينتش) حتى قبل الفجر (نحو الثالثة صباحا بتوقيت القاهرة، الواحدة بعد منتصف الليل بالتوقيت العالمي) ، لتبدأ الأعداد في التزاحم من حوله.
راشد جاء بعربته وبعض صبيانه، كما يسمي مساعديه، من منطقة دار السلام (جنوبي القاهرة) لحضور شهر رمضان في رحاب الحسين، حيث الرزق والعبادة، مع الأعداد الزائرة الكبيرة للمنطقة، كما يقول الرجل الأربعيني للأناضول.
ويعرف المصريون بحرصهم على تناول الفول في السحور ضمن أطعمة أخرى تعينهم على الصيام، وهو تقليد يحافظون عليه منذ سنين بعيدة.
(الأناضول)