الألفاظ الفارسية في القرآن الكريم

الأربعاء 14 يونيو 2017 - 11:31 بتوقيت غرينتش
الألفاظ الفارسية في القرآن الكريم

أختلف علماء اللغة العربية والباحثون في وجود المعرب في القرآن الكريم فكانو ثلاثة فرقاء : الفريق الأول ذهب الى إقرار المعرب في القرآن الكريم حيث يقولون ان ما وقع في القران ألفاظ يسيرة ، إذ بلغت مائة وعشرين كلمة ، وهذا عدد لايخرجه عن عربيته ، أما الفريق الثاني فقد منع وقوع المعرب في القران الكريم محتجا بقوله تعالى ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ، وأما الفريق الثالث فقد توسط بين الرأيين ، فقد تأولوا المعرب بانه أعجمي في الاصل فعربته العرب بألسنتها فصارت عربية الحال ، أعجمية الاصل ... والواقع أن ما وقع في القرآن الكريم من ألفاظ غير عربية ، وخصوصا الألفاظ الفارسية انما هو التوافق اللفظي بين لغة العرب ولغة بلاد فارس ، فالعربية لغة تؤثر وتتأثر ، شأنها في ذلك شأن كل لغة حية ، وهذا يدل على عظمة هذه اللغة وحيويتها .

الألفاظ المعربة الفارسية في القرآن الكريم هي :

1 / أباريق : (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ) .

والإبريق هو وعاء له أذن وخرطوم ينصبُّ منه الماء او السائل ، جمعه أباريق والكلمة موجودة بالفارسية ( آبريز ) وتتألف من ( آب ) بمعنى الماء و ( ريز ) من جذر ( ريختن ) بمعنى سكب .

2 /أرائك : (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ ) .

الأرائك جمع أريكة ، وهي السرير المنجَّد أي الفرش الجميل ، والكلمة فارسية مركبة .

3 / أساور : (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ) .

أساور جمع إسوار : أي ما تتزين به المرأة ذراعيها ، والكلمة فارسية .

4 / إستبرق : (وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ) .

الإستبرق هو الحرير المنسوج من خيوط الذهب ، أصلها فارسي ( إستبره ) فحولت الهاء الى قاف .

5 / جُناح : (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ ) .

الجناح بمعنى الإثم والذنب من ( گناه ) بالفارسية .

6 / دينار :  (وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ) .

الدينار  فارسي معرب ، واصله دَنّار .

7 / رَهواً : (وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ) .

أي سهلاً دمثاً بلغة النبط ، وساكناً بالسريانية ، ويرجح المؤرخون ان تكون فارسية من ( راهوار ) بمعنى المعتدل في سيره .

8 / زَرابيّ : (وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ) .

الزرابيّ هي الطنافس الفاخرة ، واحدها زريبة وهي فارسية مركب من ( زر يعني ذهب ) و  ( بافته يعني منسوج ) .

9 / زمهرير : (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا ) .

الزمهرير تعني شدة البرد من الفارسية ( زَم يعني برد ) و ( هرير يعني فاعل موجب ) .

10 / سجيل : (تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ) .

قال ابن منظور : حجارة كالمدر .. وقيل هو حجر من طين .

من الفارسية : ( سنک ) أي حجر ، و ( گل ) أي طين .

انفردت العلاقات العربية الفارسية بميزات فاقت غيرها من الأمم المجاورة والبعيدة قبل الاسلام وما بعده ، بحكم تجاورهما واتساع حدودهما على طول شرقي نهر دجلة في العراق وطرفي الخليج الفارسي ، وبسبب سيطرة الأكاسرة على المناذرة في العراق ، وبسبب مشاركة الفرس بتجارتهم في معظم أسواق العرب ، ووفود فئات منهم للحج وزيارة مكة ، ازداد تبادل المفردات بين الأمتين في العصور الاسلامية وانقلبت الآية ، فبينما كان التعريب بالجاهلية أكثر من اقتراض الفرس للمفردات العربية ، غدا نقل الفرس للمرفدات العربية واسعاً جداً بعد دخولهم الاسلام ، وتحويل ألف بائهم البهلوية الى ألف باء عربية ، وحاجة الفرس الى المفردات العربية الاسلامية والعلمية ، فما من لفظة مرتبطة بالدين وشعائره إلا كانت عربية ، وحين باشروا بالتاليف والتصنيف بلغتهم ، استعاروا من العربية جميع المصطلحات اللازمة في الشريعة والقانون والادب والشعر والبلاغة والعروض .. والامر نفسه عند العرب ، فما من لفظ احتاجوا اليه إلا كانت الفارسية مَعينهم الثريّ ، ولاسيما الألفاظ الحضارية والأبنية والأزهار والاطعمة والملابس ، ومازالت المعربات الفارسية تحتل مكانها في المعجم العربي وفي العامية ، وازداد تسرب المفردات الفارسية في عصر المماليك ، ويقول المؤرخون ان التعريب عن الفارسية قديماً ، كان يفوق المفردات المعربة عن سائر اللغات .

 

واستمراراً في ذكر الألفاظ المعربة الفارسية في القرآن الكريم نذكر الكلمات التالية :

1 / سراب : (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ) .

السراب هو مايشاهد نصف النهار من اشتداد الحرّ كأنه ماء . والكلمة فارسية مركبة من ( سر تعني رأس ) و ( آب تعني ماء ) .

2 / سُرادق : (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ) .

السرادق اصلها فارسي وتعني الدهليز او الرواق .

3 / سَّرد : (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ  فِي السَّرْدِ ) .

السرد : الدرع من الفارسية ( زره ) .

4 / سندس : ( وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ) .

السندس كلمة فارسية وتعني نوعاً من الثياب الخضر من الخز .

5 / ضنك : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) .

الضنك : هو الضيق من كل شيء من الفارسية ( تنک ) .

6 / كأس : (يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ ) .

الكأس : فارسية أصلها ( كاسه ) وهو الأناء مادام فيه السائل ، وإلا فهو قدح .

7 / كنز : (لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ ) .

الكنز كلمة فارسية تلفظ ( گنج ) .

8 / كورت : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) .

أي غورت : الكلمة فارسية من ( كور  تعني الأعمى ) .

9 / نمارق : (وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ) .

مفردها : نُمرقة ، بمعنى الوسادة وهي فارسية معربة .

10 / وردة : (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) .

الكلمة أصلها فارسي وتعني بالعربية الحوجم وهي الورد الاحمر .

يجري التبادل اللغوي بين اللغات المختلفة في العالم كقانون إجتماعي ولاتستثنى اللغة العربية من هذا القانون ، بحيث امتزجت العربية باللغتين الفارسية واليونانية ودخلت هذه اللغة ألفاظ كثيرة من هاتين اللغتين ، وورد بعض هذه الألفاظ في القرآن الكريم ، ولكن لم تحافظ تلك الالفاظ في معظم الاحوال على حالاتها ، بل صيغت في قالب عربي جديد ، أثر في شكل التركيب وقوام البناء ، حتى وافقت تلك الألفاظ الأبنية العربية .

من مظاهر تأثير اللغة الفارسية في العربية دخول مفردات والفاظ فارسية في اللغة العربية ، إلا ان العرب لم ينطقوا تلك الألفاظ كما هي ، بل عربوها بطرائق مختلفة وربما أبقوا اللفظ على حاله ان كان موافقاً لبناء الكلمة العربية وأصواتها وهكذا صارت تلك الألفاظ عربية ، وكان من الطبيعي أن تدخل تلك الكلمات المعربة في نص القرآن الكريم بعد أن أصبحت من مقومات اللفظ العربي  .