هذا يعني أن هناك هدفاً يجب أن تبلغه الأزمة، هو أحد ثلاث فرضيات، تواصل التصعيد واستمرار الأزمة وتحوّلها حرباً إعلامية متبادلة، وهو أمر لا يناسب السعودية بحجم ما بلغته من خطوات وحشد وصل استجلاب دول كجزر المالديف وجزر مورشيوس لإعلان قطع علاقاتها مع قطر، بعدما اتخذت السعودية والإمارات ومصر والبحرين قرارات موحّدة بقطع العلاقات وإغلاق الأجواء والمياه وطرد الرعايا وسحب الاستثمارات، ما يجعل الطريق بين اثنين إما تسوية تنتهي بتنحّي الأمير الحاكم في قطر وتسليم الحكم لمن ترتضيه الرياض أو غزو قطر عسكرياً بعد تدبير انقلاب يعلن إطاحة الأمير الحاكم ويستنجد بالسعودية خشية ما يسمّيه خطر التدخل الإيراني.
ضمن السعوديون خلال زيارة ترامب حياد قاعدة العديد العسكرية الأميركية على الأقل، وهي الحاكم الفعلي عسكرياً لقطر، وضمنوا أنهم إذا نجحوا في استدراج إيران لتدخل عسكري، فالمعركة ستدور في بلد خليجي تجد واشنطن نفسها ملزمة بدعم السعودية في هذه الحرب، واستطراداً ما يحققه الصراع على تراب دولة خليجية عربية من غطاء للسعودية يتيح توفير تفهّم دولي. إذا وقعت مواجهة مع إيران، وهو ما تريده السعودية لتظهير المعركة مع قطر كجزء من المواجهة مع إيران، مع ضمان الفوز بها، وتظهير إيران أضعف من حجم ما توحي به قوتها، وللتورط الإيراني طريق استنجاد أمير قطر بطهران لصدّ غزو سعودي، يريد السعوديون أن يقوم به الأمير القطري.
قطر والسعودية تقاسمتا مراحل الحرب ضد سوريا والمقاومة، كما تقاسمتا تمويلها. وسقف ما يمكن لإيران تقديمه هو تسهيل انتقال وحدات تركية برية عبر أراضيها للانتقال بحراً إلى قطر. وعندما تقرّر إيران المواجهة مع السعودية في الخليج الفارسي فاليمن والبحرين أحقّ بالإسناد من قطر.
وإذا كانت السعودية بحاجة لهذه المعركة المرسومة مع الأميركيين، فلن تمنحهم إياها طهران، وعلى قطر وتركيا أن تفكّرا بكيف تواجهان الأخطار من حلفائهما، أو أن تنتقلا كلياً من حلف إلى حلف مقابل هو حلف إيران وروسيا والعراق وسورية والمقاومة. وبداية الانتساب إليه مراجعة علنية لما ارتكب من جرائم بحق سوريا والسير بتفكيك الجماعات المسلحة التي ترعاها الدوحة وأنقرة ومساعدة الجيش السوري على بسط سيطرته فوق ترابه الوطني تكفيراً عن بعض كثير من الجرائم التي ارتكبت بحق سورية ومحور المقاومة.
ما لم يحدث ذلك فليس بعيداً اليوم الذي تغزو فيه السعودية قطر .
ناصر قنديل - البناء