الفتنة الخمينية.. فأرتقبهم وأصطبر!

السبت 3 يونيو 2017 - 10:41 بتوقيت غرينتش
الفتنة الخمينية.. فأرتقبهم وأصطبر!

خاص الکوثر- سبعينيات القرن المنصرم.. إيران الشاه تعتبر جزيرة استقرار وثبات بالنسبة للغرب، المستشارون الأميركان يملأون البلاد والسلاح يتدفق على شرطي الخليج الفارسي، أحد الدعامتين الأميركيتين في المنطقة الى جانب السعودية.

الصهاينة الذين يحتلون فلسطين منذ 1948 والذين طردوا اهلها منها وخاضوا مع العرب أربعة حروب، إنتصروا بشكل ساحق في ثلاث منها وفي الرابعة لم يحصد العرب اي انتصار عليهم، بدو مقبولين من قبل البلدان العربية المفجوعة بحكامها.. ومصر "أم الدنيا" توقع معاهدة التسوية والخيانة مع القتلة، بمباركة عرب الردّة الذين كشفت الأيام لاحقاً أنهم لم يعادوا اللقيطة "إسرائيل" يوماً!

الأنظمة الخليجية ومع الطفرة النفطية عززت "استقلالها" عن المستعمر البريطاني، الذي حولها من قبائل الى حكومات، فتحولت الى سوق لا مثيل لها للبضائع الغربية، وصار لها بفعل البترودولار مكانة بين الدول العربية، حتى أضحت تشارك مصر والعراق وسوريا والجزائر... القرار العربي!

العالم الاسلامي يهرول نحو أميركا والناتو والانتماء الى حركة عدم الانحياز مجرد غطاء للانحياز التام نحو الغرب الرأسمالي.. باكستان أميركية، تركيا أميركية، إيران الشاه أميركية، السعودية أميركية، وهكذا ماليزيا وإندونيسيا... فماذا بعد ذلك؟!

كل الاشياء توحي بأن العقدين الباقيين، بل القرن القادم برمته أميركي بكل معاني الأمركة.. بقوته السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، خاصة مع مؤشرات كبيرة على قرب انهيار المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي (السابق) الذي لم يسعفه ميخائيل غورباتشوف في الثمانينيات سوى ست او سبع سنين فقط رغم البيريسترويكا والغلاسنوست!

وفجأة انطلقت الرصاصة الثورة وفار بركان التغيير القادمة حممه من زمن الرسالة وبقوة جبارة تحمل معها تعجيل 1400 عام من القهر والإستضعاف على يد حكام الجور.. رصاصة وبركان كان هدفهما امريكا واذنابها في إيران والمنطقة.. رصاصة في سرعة انطلاقتها، وبركان في جماهيريتها، وزلزال في تأثيراتها الإقليمية والعالمية وحتى الروحية.

كانت تباشير الثورة الخمينية قد اعادت للاسلام بريقه، وللشعب الإيراني صدارته في التاريخ، وللمستضعفين الأمل بالنصر، وللتشيع قدرته على إدارة المعركة مع أعتى جبابرة الأرض وملك الملوك!

ثورة الخميني أو كما سماها هو (رضوان الله عليه) ثورة الحفاة ضد المستكبرين، وثورة الإسلام المحمدي العلوي الأصيل الناصع في وجه الإسلام الأميركي الكالح والاسلام المتقاعس المترهل.. أعادة الأمور الى المربع الأول وبددت كل أحلام الغرب والمتصهينين في المنطقة وقضّت مضاجع الحكام الرجعيين الذين كانوا يراهنون على قصف عقول الشعوب وغسيل أدمغتها...

فأزداد وهج الإنتفاضة العراقية والمصرية والبحرينية، وعاد الأمل لفلسطين وشعبها من البحر الى النهر بوجود الناصر، وان هذه الأمة لن تموت وفيها قرآن ينبض بالحياة...

حتى أحرار ايرلندا واتباع لاهوت التحرير في أميركا الوسطى والجنوبية وجدوا في ثورة الخميني نسمة حياة ومتنفس في زمن الإطباق الاستعماري الاستكباري الرأسمالي.. الذي يستهدف قيم الانسانية بغض النظر عن انتماءاتها الدينية او العقدية...

ومنذ ثورة الخميني (رضوان الله عليه) الى اليوم كانت السعودية في مقدمة المؤامرة على الثورة الاسلامية، خوفاً من ان تكشف الثورة ما تبقى من زيف إدعائها بالاسلام والعروبة.. فناهضت الثورة منذ انطلاقتها بحجة دعم الشرعية البهلوية التي كان ملوك الرياض يرقصون العرضة أمام مليكها حتى أكثر حماساً مما رقصوه أمام بوش وترامب، ان لم تصدقوني شاهدوا الاشرطة المصورة على اليوتيوب!.. بالضبط كما دعمت الرياض نظام الامامة في اليمن سابقاً وشرعية الرئيس اليمني الهارب عبد ربه منصور هادي اليوم، والذي قتلت واصابت من أجل اعادته الى كرسي الحكم عشرات الآلاف من اليمنيين بعد سنتين ونيف من العدوان البربري...

كانت السعودية ولاتزال بؤرة التآمر والحقد على الثورة وعلى كل القيم النبيلة في الأمة، فهي من دفعت صدام الأرعن للحرب مع إيران وانفقت وشقيقاتها أكثر من 200 مليار دولار على عدوانه، وهي من وقفت بجانب نظام كامب ديفيد خوفاً من القوميين الناصريين والاخوان المسلمين، وهي من كانت تدعم التمرد الكردي في شمال العراق مع نظام الشاه و"إسرائيل"، وهي من دعمت نظام الانقلابي ضياء الحق في باكستان، وهي من أنشأت القاعدة والتطرف في أفغانستان ومنه نشرته في كل العالم، وهي من جيشت الجيوش ضد العراق في حرب عاصفة الصحراء عام 1991، وهي من شاركت في الغزو الأميركي على افغانستان 2001 والعراق 2003 ودفعتالأموال خوفاً من كشف أمرها في حادثة 11 سبتمبر 2001 التي افتعلتها مع الاستخبارات الأميركية لتغزو امريكا المنطقة بذريعتها...

وبأموالها وفتاوى كهنتها عمل المتطرفون التكفيريون الوهابيون قتلاً في الشعب العراقي.. كما لا يخفى دورها في عدوان تموز 2006 ضد المقاومة الاسلامية (حزب الله) وتحريكها أذنابها في لبنان للتآمر حتى في غمرة الحرب والمعارك مع الصهيوني، ثم تزعمها وشقيقاتها الخليجيات لمشروع تدمير ليبيا وسوريا واليمن ومصر...الخ.

 

هستيريا المشروع الأميركي الذي تنفذ بعض فصوله السعودية في المنطقة بدى محبطاً بعد الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني (رض) فاضطر للاعتماد على "قراد الافراس" والتعبير لصديقي الشاعر مدين الموسوي عندما كان يكتب للثورة!.. فاصبحت قطر والامارات وجبهة النصرة وتيار المستقبل جزءاً من أدواته!

 

وكما اننا نعتقد بأن انهيار المشروع الأميركي في المنطقة يعتمد على تدمير مشروع الخيانة والارتهان والتبعية الذي تتزعمه السعودية وان السبيل اليه يكمن في تغيير نظامها.. فأن المشاركين بـ"العرس" الترامبي على ما تبقى من كرامة عربية واسلامية في الرياض، هدفه القضاء على فخر الأمة ومجدها وسبب عزتها، وهو الاسلام المحمدي العلوي الاصيل الذي يتجلى في جبهة المقاومة الخمينية الممتدة من طهران الى غزة...

لقد بددت "الفتنة الخمينية" حلمهم ودمرت مخططاتهم وكشفت زيف ادعاءاتهم وأزاحة ورقة التوت عن عوراتهم.. قارنوا خطاباتهم قبل الثورة وبعدها وكيف اصبحوا مضطرين الى الافصاح عن حقيقتهم المتصهينة شيئاً فشيئاً.. فمن حقهم ان يسعوا الى عقر الناقة وقتل الكبرياء والشرف.

هي عقدة الوضاعة التي لا تريد ان يكون هناك في الأمة من يتمسك بالشرف الذي فقده هؤلاء الحكام ابناء السفاح الاستعماري مع القبائل المتقاتلة كالعناكب!

تحية لصانع مجد الأمة في زمن التبعية، ولقائد الكرامة في زمن الوضاعة، ولروح الأمة وملهم قيامتها، روح الله الموسوي الخميني في ذكرى رحيله.. وفي الرسالات لا يموت الرسول.

بقلم: علاء الرضائي