الرئيس الامريكي دونالد ترامب كان اشجع من الزعماء المسلمين، فقد كان شفافا وواضحا في دفاعه عن حليفته ”اسرائيل” خلال كلمته امام “الزعماء” العرب والمسلمين، عندما وضع حركات المقاومة الاسلامية التي حاربت “اسرائيل” والحقت الهزيمة بها مثل حزب الله وحماس، في خانة الجماعات الارهابية والمتطرفة والتي يجب على الدول العربية والاسلامية محاربتها والقضاء عليها بالنيابة عن “اسرائيل” لانها تهدد الامن والسلام في منطقة الشرق الاوسط!!.
البيان الختامي للقمة والذي اطلق عليه “اعلان الرياض” تبنى بالكامل تصنيف ترامب للارهاب والارهابيين، فقد جاء في جانب من الاعلان، ان الزعماء اكدوا “رفضهم الكامل لممارسات النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ولاستمرار دعمه للإرهاب والتطرف”، ومن الواضح ان “الارهاب والتطرف” الذي تدعمه ايران ، ليس بالقطع “داعش” و “النصرة” والجماعات التكفيرية الاخرى، فلهذه الجماعات داعمين وحواضن معروفة ومكشوفة.
الاعلان تبنى بالكامل موقف “اسرائيل” من البرنامج الصاروخي الردعي لايران عندما اكد “على خطورة برنامج إيران للصورايخ الباليستية”، بينما لم ينبس اي زعيم عربي او اسلامي ببنت شفه عن خطر الترسانة النووية “الاسرائيلية” وصواريخها البالستية واسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها”اسرائيل”، خوفا من اثارة غضب “الضيف الكبير”.
اغرب ما جاء في اعلان الرياض هو :”أن هذه القمة تمثل منعطفاً تاريخياً في علاقة العالمين العربي والإسلامي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأنها ستفتح آفاقاً أرحب لمستقبل العلاقات بينهم”، ولا ندري كيف ستفتح عقلية عنصرية معادية للمسلمين مثل ترامب، مازال يرفض دخول المسلمين الى امريكا ويخطط لنقل سفارة بلاده الى القدس، آفاقا رحبة امام العلاقات بين امريكا والبلدان العربية والاسلامية.
الملفت ان اعلان الرياض اكد على ترحيب “الزعماء بما تم تحقيقه من تقدم على الأرض في محاربة داعش وخاصة في سوريا والعراق”، بينما القاصي والداني بات يعرف ان الجهات التي حاربت “داعش” حقا وبشهادة الدول المنكوبة بها مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، هي ايران وحزب الله وحركات المقاومة الاسلامية في هذه البلدان، وقدموا على هذا الطريق الالاف من الشهداء وعشرات الالاف من الجرحى.
الزعماء المشاركون في قمة الرياض رحبوا “باستعداد عدد من الدول الإسلامية المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة”، ولسنا بحاجة للتذكير بان الارهاب الذي ستطارده هذه القوة لن تكون “اسرائيل” قطعا، كما لن تكون القاعدة وشقيقاتها لانها معتدلة، ولن تكون “داعش” ايضا، فهذه المهمة تقوم بها “المنظمات الارهابية” التي تمولها ايران في العراق وسوريا!!.
اعلان الرياض اكد ايضا على “التزام زعماء الدول المشاركة في القمة بمحاربة الإرهاب بكافة أشكاله والتصدي لجذوره الفكرية وتجفيف مصادر تمويله”.. وشدد على ” أهمية تجديد الخطابات الفكرية وترشيدها لتكون متوافقة مع منهج الإٍسلام الوسطي المعتدل الذي يدعو إلى التسامح والمحبة والرحمة والسلام” .. ، كما أشاد “بالخطوة الرائدة بإعلان النوايا بتأسيس (تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في مدينة الرياض)، والذي ستشارك فيه العديد من الدول للإسهام في تحقيق السلم والأمن في المنطقة والعالم، وسوف يتم استكمال التأسيس وإعلان انضمام الدول المشاركة خلال عام 2018 ” ، ولكن لا ندري كيف ستكون آلية محاربة “داعش” والقاعدة والجماعات التكفيرية “فكريا” بينما الفكر الذي تحمله هذه الجماعات قاطبة ودون استثناء هو الفكر الوهابي، وهذا يعرفه كل الزعماء الذين وقّعوا على البيان الختامي لقمة الرياض؟.
اخيرا، ورغم كل الضجيج الاعلامي الذي صاحب زيارة ترامب للسعودية، والقمم السعودية الامريكية، والخليجية الامريكية، والعربية الاسلامية الامريكية التي عقدت خلال تلك الزيارة، ورغم كل الذي قيل عن التحشيد والتجييش ضد ايران ومحور المقاومة، الا اننا لا نرى في ما جرى الا عملية سطو على اموال البلدان العربية الغنية، قام بها ترامب جهارا نهارا، دون ان يعطي في المقابل اي التزام لهذه البلدان بالدفاع عنها ضد اي “عدوان”، عندما قال ان على هذه البلدان الا تنتظر من امريكا ان تحارب نيابة عنها، والسبب، يعرفه ترامب قبل غيره، وهو ان لا ايران ولا اي بلد اسلامي آخر يهدد هذه البلدان، التي تعرضت لعملية نصب واحتيال بمئات المليارات من الدولارات وفي وضح النهار.
ماجد حاتمي / شفقنا