سارعت المملكة المستنسخة الحكم على طريقة الإنجليز إلى التهويل لخبر إسقاط طائرة استطلاع مسيرة على الحدود السورية، واعتبرت الأمر نصراً مؤزراً، وقبل ذلك ظهر ملك الأردن عبر مناورات أجراها الجيش الأردني بطريقة استعراضية لم يكن ينقصها سوى موسيقا تصويرية.
على مايبدو فإن محاولات نظام الأردن في رفع أسهمه وصنع منزلة إقليمية شبه مستحيلة قد فشلت تماماً، فلا الأسد تأهب ولا تم اعتبار إسقاط طائرة الاستطلاع حدثاً ذا قيمة، وهو ما جعل الملك عبد الله يطلب من الإدارة الأمريكية توجيه ضربة عسكرية في العمق السوري تستهدف الجيش أو القوات الرديفة له لا يهم طالما أن الضربة تنطلق من أراضي الأردن وتصيب جيش الدولة السورية.
مع كل تلك الضوضاء الإعلامية والفيديوهات الاستعراضية لبطولات الملك الورقي فإن عمّان لم تتجرأ على إرسال مقاتلاتها لتنفيذ الضربة، كالعادة فإن الأعرابي دائماً ما يكون خلف ظهر الأجنبي بصوت جهوري وفرائص ترتعد.
أما وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون فقد زعمت إن القصف كان في إطار حماية شركاء الولايات المتحدة في الحرب على تنظيم داعش، والسؤال الهام هنا من هو الذي يحتاج للحماية من الجيش السوري؟ ألا يُفترض به أن يكون داعش وبقية الإرهابيون هم محل التهديد؟ ألم يكن النظام الأردني قبل أيام يجري استعراضاً لمناورات جيشه بوجود قزم بدماء ملكية! ألم تكن عمّان تتباهى بطيرانها وأنها قادرة على إرسال رسائل عبر المتحدث باسم حكومتها محمد المومني بأن بلاده ستتخذ كافة الإجراءات لما أسمته حماية العمق الأردني من الجانب السوري.
لم تطل مدة التصريحات تلك حتى تلقى الخد الأردني صفعةً مذلة من القفاز السوري تمثل باستهداف الطيران الحربي السوري لجماعات الإرهابيين المتواجدة على الحدود والمدعومة من عمّان.
بالعودة للعدوان الأمريكي على قافلة عسكرية بالقرب من قاعدة جوية في التنف، فإنها تعود لسببين، الأول هو حرص الإدارة الأمريكية الترامبية على السير قدماً في سياسة استعراض العضلات أمام الروسي أولاً وأما المجتمع الدولي ثانياً فضلاً عن شبق ترامب بترسيخ فكرة تميزه عن سلفه باراك أوباما، أما السبب الثاني فهو تطييباً لخاطر الأردن المكسور الذي لم تكن تهديداته ضد سوريا سوى مجرد تجشؤ صادر عن البطن الملكي المغتاظ من دمشق والذي لا يملك أن يكون في موضع المنفذ لتلك التهديدات.
لقد أعلن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، تعليقا على الضربات الأخيرة لقوات بلاده على قافلة عسكرية سورية أن واشنطن لا تنوي توسيع مشاركتها في الأزمة السورية، مدّعياً أن تلك الغارة كانت دفاعاً عن القوات الأمريكية في حال اتخاذ خطوات معادية ضد جيش واشنطن وحلفائها، بالتالي فإن الأمريكي قد استشعر خطر التحرك السوري نحو الحدود الأردنية والمعلومات المسربة حول إرسال الجيش السوري كتيبتي دبابات إلى ردعا ومن ثم التحرك العسكري السوري الحاصل في التنف، ما يعني أن واشنطن متيقنة تماماً من ضعف الأردن وعدم قدرته على الوقوف في وجه سوريا، فسارعت للتدخل عبر طيران تحالفها الدولي لكبح جماح الجيش السوري عن التوجه إلى الحدود الأردنية.
علي مخلوف - شام تايمز