وعلى إثر استلام دونالد ترامب سلطة الرئاسة في أميركا قام محمد بن سلمان ولي العهد السعودي بزيارة ترامب لتهنئته بالمنصب الجديد ووعده بصرف 200 مليار دولار لترميم البنية التحتية في أميركا.
وبتاريخ 8.5.2017 أعلنت وكالات الأنباء الدولية والصحف الكبرى ومن بينها رأي اليوم مايلي: "وزير الدفاع الإيراني يهدد بتدمير السعودية بالكامل رداً على تصريحات الأمير بن سلمان حول نقل المعركة إلى العمق الإيراني.. هل إيران قادرة على التنفيذ فعلاً؟ وما الذي اثار غضب القيادة الإيرانية؟ وكيف سيكون الرد السعودي؟"
كل هذا يؤكد دور السعودية في توظيف مواردها البترولية التي تقدر بآلاف البلايين من الدولارات لتحفيز الغرب الانصياع لرغبات آل سعود وذلك على رأي الحكمة الشعبية "طعمي الفم تستحي العين!"
في الأيام الماضية التقيت بأحد أصدقائي السعوديين هنا في ألمانيا الذي يقوم برحلة صيفية مع عائلته في ربوع أوروبا. حين ذكرت لصديقي العقيد عبد الرحمن (طبعا لا أريد ذكر كنيته أي اسمه بالكامل حتى لا يتعرض للضرر بعد عودته إلى السعودية) الأخبار أعلاه بدأ يضحك، وقال: إن آل سعود يشترون كل شيء من ولاء ودعم وتأييد الآخرين والكف عن انتقادهم بمليارات الدولارات التي يسيطرون عليها بدون أي مانع. فهم وكما الكل يعلم "هم الآمر الناهي!!!!!!"
وأضاف العقيد المتقاعد عبد الرحمن (خذ مثلاً آلاف ملايين الدولارات التي صرفها بندر بن سلطان على العديد من الإعلاميين والسياسيين في أميركا والغرب بشكل عام كرشاوى لنهيهم عن توجيه النقد إلى السعودية).
والآن لنعود إلى موضوع الأسلحة التي اشترتها السعودية ولاتزال تشتريها من أميركا، وبريطانيا، وفرنسا وألمانيا.
قال العقيد عبد الرحمن (صحيح أنه لدينا أكثر من مليون سعودي موظفين في الجيش السعودي، إلا أن كل هذه الأسلحة الباهظة الثمن والمعقدة تكنولوجيا التي يصعب على عسكري سعودي، نصف أمي، أن يتعامل معها ويستخدمها بالشكل المطلوب، تبقى في صناديقها ولا يتم التدرب على استخدامها!!)
وماذا عن الحرب التي تشنها السعودية على اليمن؟
أجاب العقيد عبد الرحمن (إن معظم الطيارين الذين يقومون بشن هجومات صاروخية على مواقع المقاتلين الحوثيين هم ليسوا بسعوديين، بل هم إما من بعض الدول العربية أو الصديقة في إفريقيا أو آسيا!!)
العقيد عبد الرحمن وافقني الرأي بأن شراء آل سعود لتلك الأسلحة الباهظة الثمن ما هو إلا وسيلة لابتزاز أميركا والضغط عليها وغيرها من دول الغرب للوقوف مع السعودية إذا تعرضت لأي هجوم إيراني.، وهذا هو بيت القصيد!!
فلا السعودية ولاغيرها من دويلات الخليج {الفارسي} تستطيع الهجوم على إيران ولا حتى صد أي هجوم إيراني اذا ما اقتضى الأمر ذلك.
فلا السعودية ولا قطر ولا البحرين تملك الطاقة البشرية سواء كانت عسكرية أو بنيوية للوقوف أو صد أي هجوم إيراني.
وكل هذه الدول الخليجية تدرك ذلك تماماً وستعتمد على حلفائها في الغرب ولاسيما أميركا التي ستهرع للدفاع عن هذه الدويلات، علماً بأنه لدى أميركا قواعد عسكرية في المياه الإقليمية الخليجية.
رغم أن العديد من السياسيين والمحللين السياسيين في كل أنحاء العالم يؤكدون على أن السعودية وقطر هي من الدول الأكثر دعماً للإرهاب، سواء كان ذلك في أفغانستان والصومال ونايجيريا وسوريا والعراق وليبيا وغيرها من دول العالم، إلا أن الدول الغربية وعلى رأسها أميركا تغض الطرف عن ذلك بسبب مليارات الدولارات التي تحصل عليها من دول الخليج {الفارسي} سواء كان ذلك عن طريق بيع الأسلحة لهذه الدول أو المليارات التي تستثمرها هذه الدول في البنوك والشركات التجارية الغربية.
ولكن لماذ تدعم السعودية وقطر الإرهاب في العالم بالمال والعتاد؟
الإجابة بسيطة: لشغل العالم عن التفكير ونقد النظام السلطوي غير الإنساني الذي تمارسه هذه الدول، دول الخليج {الفارسي}، في مجتمعاتها. ففي السعودية وقطر ودول الخليج {الفارسي} الأخرى تعامل اليد العاملة غير المحلية وكأنهم عبيد، يعملون ليل نهار لقاء أجر بسيط، وفي كثير من الأحيان لايحصلون على ذلك الدخل البسيط!!!!
في نفس الوقت تعرض قطر على العالم دور الوسيط بين إرهابيي الطالبان والحكومة الأفغانية!!!!
ولكن من يدري؟ إذ قد يرتكب أمراء السعودية أصحاب القرار السياسي حماقة سياسية تستند إلى معادلات خيالية لاتعتمد على أي واقع عملي سيدفع بهم إلى الدمار على المدى المتوسط والبعيد.
تجارب الجيوش الغربية في أفغانستان والعراق أكبر دليل على ذلك. علماً بأن محاربة إيران ستكون أصعب بكثير من القتال الذي واجهته ضد هاتين الدولتين.
في الوقت الذي يبلغ عدد سكان كل من أفغانستان والعراق 20 و 30 مليون نسمة، يبلغ عدد سكان إيران أكثر من 80 مليون نسمة. هذا بالإضافة إلى أن إيران تملك موارد بشرية وطبيعية وبنى تحتية وفوقية تفوق تلك التي تملكها أفغانستان والعراق.
والأهم من كل ذلك هو القوى البشرية المتحمسة والمستعدة للدفاع عن الثورة الإيرانية الإسلامية مهما بلغت التضحيات ثمنا. أكبر مثال على ذلك هو حلفاء إيران خارج الحدود الإيرانية. والمعني هنا حزب الله.
حزب الله، وليد الثورة الإيرانية، إستطاع بأبسط المعدات العسكرية دحر الجيش الإسرائيلي وطرده من جنوب لبنان. اذ أن الأهم في القتال والتحرير ليس فقط المعدات العسكرية المتوفرة بل الإرادة البشرية وتصميمها على دحر الغزاة والمعتدين. ما لم تستطع الجيوش العربية تحقيقه ضد العدو الصهيوني، استطاعت مليشيات حزب الله تحقيقه، وهذا مالاتزال "إسرائيل" تخشاه.
* د. سامي الرباع ـ رأي اليوم