...ثم بمن يستغيث الملك؟
هذا ليس تعليقاً ساخراً من زميل فلسطيني مقيم في عمان «اذا اراد عبدالله الثاني راحة البال ليلجأ في الحال الى دمشق».
التقارير التي ترد من الاردن تؤكد ان الملك يشعر كأنه يجلس على كرسي فيها ازمة حقيقية.
الشعب في الاردن ليس نصفين بالمعنى الكلاسيكي للمسألة، اي نصف اردني ونصف فلسطيني. هنا نصف مع النظام السوري ونصف موزع بين السعودية وقطر وتركيا...
لا اغفال للتيارات الاسلامية التي يتم تمويلها، كما تتم ادارتها، من الخارج, وان كانت قيادات اسلامية تعترف بأن الرؤية في سوريا ضبابية للغاية. انشقاقات عن « الاخوان المسلمين»، وانشقاقات داخل الانشقاقات، ودون ان تتمكن الاستخبارات الاردنية التي كانت لها نشاطات لوجيستية مؤثرة، من استقطاب فصائل اسلامية تعمل، بصورة مباشرة، لحسابها.
الاجهزة اياها لا تمتلك الموارد المالية بطبيعة الحال. وصلت مبالغ طائلة من الرياض او من الدوحة لقاء خدمات محددة، فضلاً عن مسائل اخرى تتعلق باللعب على المسرح السوري. هذه الاموال اما انها كانت تذهب الى بارونات الفساد او انها كانت توظف لاغراض اخرى «اكثر حساسية» بالنسبة الى الوضع الداخلي..
التقارير اياها تشير الى ان العاهل الاردني تلقى نصائح من جهات مختلفة بأن يكون شديد الحذر في هذه المرحلة مهما مورست عليه الضغوط ....
لا بل ان احد التقارير اشار الى ان ضباطا من الجيش الاردني، ومن رتب مختلفة، حذروا من التورط في الخطة الخاصة بالجنوب السوري. التحذيرات اخذت منحى دراماتيكيا، بحيث ان عدداً كبيراً من ضباط المدرعات ابلغوا القصر الملكي، بطريقة او بأخرى، انهم لن يتركوا دباباتهم تذهب الى .... المذبحة.
هذه التطورات استدعت اجتماعات عسكرية على مستوى عال. تردد انها او بعضها كان برئاسة الملك الذي عرض للضغوط التي يتعرض لها للمشاركة في عملية الجنوب وهي تلحظ في ما تلحظ انشاء حكومة بنيامن نتنياهو شريطا على طول الحدود مع مرتفعات الجولان بحجة اقامة منطقة عازلة في وجه «حزب الله» وايران.
كما تردد ان الملك بدا حائراً، وان مع ميل الى الذهاب بعيدا مع الحلفاء، في حين ان ضباطا قالوا علنا انهم لا يمكن ان يعملوا لحساب "اسرائيل"، في حين ان ضباطا آخرين رفضوا ان يكون افيغدور ليبرمان عند ابواب دمشق..
هؤلاء الضباط قالوا انهم سيواجهون حتماً، بقوات النظام وحلفائه الذين احترفوا خوض المعارك المعقدة، والى حد ابداء المخاوف من مقاتلي «حزب الله» الذين حولوا وادي الحجير الى مقبرة لدبابات الميركافا بمواصفاتها التقنية العالية.
مبدئياً، اتفاق على طلعات جوية ولاغراض محددة غير ان ما يتسرب من معلومات يشير الى ان من يدفعون المال ليحولوا دون المملكة والاختناق (الدين الخارجي 34 مليار دولار، وهو رقم هائل لدولة من دون موارد اساسية), يريدون تدخلاً مباشراً وواسعاً من الجيش الاردني....
بعد التهديد بالضرب في العمق السوري، تراجع القصر اخيراً الى الحدود. الحدود فقط ....
الملك في وضع المأزق. البعض يقول «صاحب الجلالة على صفيح ساحن». الازمة الاقتصادية قاتلة، امام الملأ دعا قاضي القضاء احمد هليل (الذي دفع الى الاستقالة) باغاثة المملكة وحمايتها من الانهيار. التصدع السياسي مريع «هل نقتل سوريا من اجل اسرائيل».
هذا ليس وقت المجازفة. الملك، وبتلك الكمية من الدم الانكليزي، لاحظ كيف ان الاطراف الاقليمية والعربية التي اضرمت النار في سوريا اخفقت في التنسيق الاوركسترالي ما بينها ان لطرح النظام البديل، او، على الاقل، لانتاج قيادة معارضة بعيدة عن الايقاع الفولكلوري الذي جعل السوريين لا يعرفون من هو رئيس الائتلاف، ومن يقود المفاوضات ان في آستانا او في جنيف...
الفوضى السورية لابد ان تمتد الى المملكة التي انتجت قيادات راديكالية بعضها قاتل في الشيشان وبعضها كان وراء نشوء ظواهر ايديولوجية لا تقل همجية عن تنظيم الدولة الاسلامية...
نأخذ مثالاً «ابو قتادة» الذي افتى من لندن بقتل رجال الشرطة في الجزائر (ابان مرحلة المواجهة) وذريتهم واقربائهم وحتى معارفهم قبل ان يتجاوزه كثيرون فيعود بجلباب ابيض الى بلاده...
الملك الاردني في مأزق، بمن يستغيث؟!
*نبيه البرجي - الديار