مقبرتا حافظ وسعدي الشيرازيين معلمان تأريخيان في قلب مدينة شيراز وتستضيفان سنوياً أعداداً هائلةً من السائحين الإيرانيين والأجانب، ومنذ سالف العصور كانتا محط رحال الشعراء والأدباء من شتى أرجاء البلاد.
- مقبرة الشاعر سعدي الشيرازي
شمال شرق شيراز وعلى سفح جبل فهندج وفي نهاية شارع بوستان المجاور لحديقة دلكشا التي تقع على مسافة أربعة كيلومترات من مركز مدينة شيراز، يزدحم السائحون الوافدون من كل مكان طوال أيام السنة لزيارة مقبرة أبي محمد مصلح بن عبد الله المعروف بسعدي الشيرازي.
في سنة 998 هـ وبأمر من حاكم إقليم فارس يعقوب ذو القدر هدمت صومعة الشاعر سعدي الشيرازي ولم يبق لها أثر، ولكن حينما تولى كريم خان زند مقاليد الأمور في سنة 1187 هـ أمر بتشييدها من جديد في بناية عرفت باسم "عمارتي ملوكانه" وبقي هذا البناء على هيئته المعمارية حتى عام 1327 هـ حيث تم بعد ذلك بناؤها بأسلوب جديد بواسطة مؤسسة الآثار الوطنية وبجهود علي أصغر حكمت وبتصميم المعمار محسن فروغي، وما زال هذا المبنى قائماً حتى يومنا هذا، إذ استوحي ظاهره من قصر "جهل ستون" وفن عمارته تقليدي تمتزج فيه العمارة الإيرانية التراثية مع الحديثة.
وهذه المقبرة تعكس فن العمارة الإيراني حيث تم تشييدها بشكل مكعب من الخارج لكنها من الداخل على هيئة ثمانية أضلاع وجدرانها مشيدة من حجر الرخام تعلوها قبة لازوردية، ومساحتها الإجمالية تبلغ تقريباً 10395 متراً مربعاً والمساحة المخصّصة للبناء يبلغ تقريباً 257 متراً مربعاً وفيه رواقان يقع قبر الشاعر سعدي في زاويتيهما ضمن بناء هندسي ثماني الأضلاع يعلوه سقف من الفسيفساء الزرقاء.
أسفل هذه المقبرة بعشرة أمتار هناك قناة ماؤها ملوث بالكبريت والزئبق، حيث يجري تحت الأرض في بئر ارتوازي ثم يصب في بحيرة مليئة بالأسماك، وهذه البحيرة بدورها محفوفة بمدرجات تشمل 28 درجة توصل إلى باحة المقبرة، وقد تم تزيين حوض البحيرة بالفسيفساء وفق فن العمارة السلجوقي ففي عام 1993م تم تصميمها بواسطة السيد تيرانداز الذي هو مهندس معماري متخصص بفن الفسيفساء وقامت مؤسسة الآثار بالإشراف على عمليات البناء والتزيين.
القبو الموجود في مقبرة الشاعر سعدي الشيرازي كان لفترة من الزمن مقهى يرتاده الناس لشرب الشاي.
في عام 1974 م تم إدراج هذه المقبرة ضمن قائمة الآثار الوطنية الإيرانية وتسلسلها هو 1010٫3 من بين سائر الآثار الوطنية.
- مقبرة الشاعر حافظ الشيرازي
حاكم إقليم فارس الميرزا أبو القاسم كوكاني هو أول من أمر بتشييد مقبرة الشاعر حافظ الشيرازي وذلك في سنة 865 هـ حيث أمر وزيره شمس الدين محمد يغمائي الذي شيد بناء ذا قبة على القبر وحفر إلى جانبه بركة ماء.
وفي عهد الشاه عباس الصفوي تم ترميم المقبرة ثم جاء كريم خان زند ليشيد بناء جميلاً جديداً على طراز العمارة المتعارفة آنذاك، وبعد ذلك بنيت صالة بأربعة أعمدة حجرية نقشت عليها رسوم طبيعية، وقد أمر كريم خان زند بوضع حجر من الرخام النفيس على القبر حيث نقشت عليه بعض أشعاره بشكل يشابه خطه.
في سنة 1295 هـ وضع والي فارس معتمد الدولة فرهاد ميرزا سياجاً معدنياً حول المقبرة وأعاد ترميمها، وفي سنة 1317 هـ قرر الحاكم شاه جهان زردشتي هدم المبنى القديم وتشييد بناء جديد بدلاً عنه لكن أحد الأشراف في مدينة شيراز عارض ذلك لكون الحاكم زرادشتيا، ولكن مع ذلك تم تخريب المقبرة مما أدى إلى حدوث شق كبير في حجر القبر، ومن ثم بقيت المقبرة نصف مهدمة حتى سنة 1319 هـ وفي عهد منصور ميرزا الذي تولى مقاليد الحكم في إقليم فارس أجريت تغييرات وترميمات عليها بأمر من الملك مظفر الدين شاه.
وفي سنة 1942 م أمر الحاكم شمسي فرج الله بهرامي بترميم المقبرة والجدران المحيطة بها، وفي سنة 1947 م تم القيام بترميمات أخرى وأوكل الأمر إلى الخبير في فن العمارة الفرنسي أندريه غودار حيث حافظت على طرازها القديم المشيد بأربعة أعمدة وهذه هي هيئة المقبرة حتى يومنا هذا، لكن أضيف حولها وعلى مسافة قليلة 16 عموداً ورواقاً كبيراً. جنوبي مقبرة الشاعر حافظ الشيرازي هناك حديقة جميلة فيها حوضان مستطيلا الشكل، مقبرة الخواجة شمس الدين محمد حافظ الشيرازي تم إدراجها ضمن قائمة الآثار الوطنية الإيرانية في عام 1974 م بواسطة وزارة الفنون والثقافة.