وقد دعا إبراهيم عليه السّلام ربّه حين همّ بالمغادرة بأن يرزقهم الله تعالى بالرّزق الطّيب وأن يجعل أفئدة النّاس تهوي إليهم وتسكن معهم حتّى تزيل وحشتهم ، قال تعالى على لسان نبيه ( ربّنا إنّي أسكنت من ذرّيتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم ربّنا ليقيموا الصّلاة فاجعل أفئدةً من النّاس تهوي إليهم وارزقهم من الثّمرات لعلّهم يشكرون ) ، فجاء الغوث من ربّ العالمين لهاجر وابنها فينزل الملك جبريل عليه السّلام ليضرب بجناحه الأرض فيتفجّر منها ينبوعٌ من الماء فتسارع هاجر إليه فتغرف منه الماء من بعد أن أعياها الجهد والتّعب وهي تسعى بين الصّفا والمروة تبحث عن بارقة أملٍ تدلّها على الماء ، فكان ماء زمزم هو الفرج لهذه الأمّ الرّؤوم الحنون التي كانت مثالاً في القوّة والتّضحية من أجل الولد ، وقد بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم فضل ماء زمزم.
وقد أثبت علميّاً وبعد إجراء التّحاليل على ماء زمزم أنّه يحتوي على نسبةٍ عاليةٍ من الكالسيوم والمغنيسيوم والأملاح المعدنيّة ، وعلى الرّغم من ذلك فإن طعمه حلو ، كما أثبت أنّ ماء زمزم بتركيبته الكيميائيّة يجعل من خواصّه أنّه لا يتأثّر بعوامل البيئة ولا تنشط فيه الفطريّات والبكتيريا والجراثيم وبالتّالي لا يتغيّر طعمه أو رائحته أو لونه ، كما بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم فائدة ماء زمزم لمن تصيبه الحمّى حيث قال ( الحمّى من فيح جهنّم ، فأبردوا عليها من ماء زمزم ) ، كما ثبت صحيّاً فائدة ماء زمزم للأمّ الحامل حيث يحتوي على مركبات توجد في السّائل الأمينوسي الذي يحيط بالجنين .
أمّا عن الطّريقة التي يتم فيها استخدام ماء زمزم للعلاج فهي أن يستحضر الإنسان نيّة الشّفاء من المرض عند شربه وأن يدرك إدراكاً يقينيّاً بأنّ الله تعالى وحده هو الشّافي المعافي من هذه الأمراض ، وإنّما كان ماء زمزم وسيلةٌ مباركةٌ لتحقيق الشّفاء بإذن الله تعالى .