العنف ضد المرأة.. بين التمييز داخل الأسرة والعادات السلبية للمجتمع

الخميس 12 يناير 2017 - 04:53 بتوقيت غرينتش
العنف ضد المرأة.. بين التمييز داخل الأسرة والعادات السلبية للمجتمع

بات العنف ضد المرأة يمثل واحدا من أهم التحديات التي تواجه الجهود الرامية لتحسين واقع المرأة في العالم، فقد ارتفعت نسبة العنف الواقع على المرأة بأشكاله المختلفة إلى الحد الذي أصبح معه مشكلة معترفاً بها على مستوى حقوق الانسان العالمية، إذ تتعرض النساء بمختلف الفئات العمرية للعنف سواء كان نفسياً أو جسدياً أو لفظاً وللعنف الجنسي وللسيطرة والتحكم من قبل أزواجهن، فضلا عن سلطة المجتمع الذكوري في معظم بلدان العالم، يضاف اليها بعض التشريعيات والقوانين التي تبخس حقوق المرأة وتمييزها عن الرجل.

يرى الكثير من الحقوقيين والمتخصصين في شؤون المرأة أن العنف يرتبط بعلاقة عكسية مع التمكين الأسري وتحديدا مؤشر قدرة المرأة على اتخاذ القرارات العائلية بمعنى أنه كلما زاد تمكين المرأة قل احتمال تعرضها للعنف وبكل أشكاله.

 

كما ان ضعف إدراك المرأة للعنف الذى يمارس عليها واعتبار ذلك حقاً من حقوق الرجل مما يشكل عائقا أمام الجهود الرامية لمناهضته، ويؤدي إلى تعزيز وإعادة إنتاج القيم الثقافية التي تبرر العنف من خلال التنشئة الأسرية.

 

وقد أصبح معروفا الآن أن العنف هو فعل متعدد الأبعاد وله محيطه الاقتصادي والقانوني والاجتماعي والثقافي، وان بعض العوامل المرتبطة بالعنف تتعلق بالخصائص الشخصية للمرأة المعنفة والبعض الآخر يتعلق بالخصائص الشخصية للفاعل. وفي كلتا الحالتين فإن ثقافة المجتمع هي المسؤولة عن تشكيل هذه الشخصيات وتحديد استجابتها على وفق منظومة من المعايير والقيم والمعتقدات التي تقرها الثقافة وتحددها.

 

فيما اظهرت دراسات متخصص بشؤون المرأة إن مبدأ الاعتداء على الأنثى هو حصيلة لمجموعة من المواقف والعادات والقيم الراسخة في المجتمع وعلى نطاق واسع حول طبيعة

 

العلاقة بين المرأة والرجل وطبيعة دورها في الحياة، وطبيعة قدرتها مقارنة بقدرات الرجل. وتعمل هذه القيم والمواقف على توفير الأساس الإدراكي للتوجه نحو العنف فالمواقف التقليدية التي تعد المرأة تابعة للرجل أو ذات دور نمطي تعمل على تكريس الممارسات الشائعة التي تنطوي على العنف والإكراه والتي تبرره بوصفه شكلاً من أشكال حماية المرأة أو التحكم فيها، كما تعمل هذه القوالب النمطية على تعزيز مركز المرأة غير المتكافئ لمركز الرجل ويمثل العنف مظهرا من مظاهر القوى غير المتكافئة بين الرجل والمرأة سواء في الحياة العامة أو الخاصة.

 

وقد أشارت الدراسات الحديثة إلى دور هذه الأفكار والقوالب النمطية في زيادة تعرض المرأة للعنف وتوصلت إلى أن أغلب المعتدين يحملون اتجاهات سلبية عن المرأة، وإن موقفهم منها كان محافظا وتقليديا.

 

لذا يرى الكثير من المهتمين بهذا الشأن يمثل وعي المرأة بالعنف ومفهومها عنه واحدا من أهم القضايا التي يجب الوقوف عليها عند دراسة هذه الظاهرة ذلك أن تعريف المرأة

 

للعنف أي مقدار ما تدركه وتعيه من إساءة موجهة لها سواء كانت نفسية أو جسدية أو جنسية هو الذي يحدد درجة تأثر المرأة بالعنف، كما يشكل هذا الوعي واحدا من أهم المعوقات والتحديات التي تواجه الجهود الرامية للقضاء عليه.

 

لذا اختلفت الدراسات في تعريفها للعنف ومع إن معظم الدراسات تعتمد على تعريف إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 والذي ينص على انه «أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو من المحتمل

 

أن ينجم عنه أي أذى أو معاناة جسدية، أو جنسية، أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل، أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة. إلا إنها لم تتحدد بما ينطوي عليه هذا التعريف من طائفة واسعة من

 

الأفعال عدتها بعض هذه الدراسات عنفاً في حين لم تعدها دراسات أخرى كذلك مثل سلوك السيطرة والتحكم تعامل معه مسح صحة الأسرة، الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء بوصفه موضوعاً قائماً بحد ذاته دون أن يسميه عنفا رغم أن معظم فقراته تؤشر أنواعا من

 

العنف النفسي استناداً إلى التصنيف الذي وضعته منظمة الصحة العالمية.