مفاوضات بين قطر وأوكرانيا حول شراء الدوحة من كييف صواريخ مضادة للطائرات، تظهر للعلن من خلال تسريب معلومات حصلت عليها مجموعة من "الهاكرز" تطلق على نفسها اسم "سايبر بيركوت".
مفاوضات بين قطر وأوكرانيا حول شراء الدوحة من كييف صواريخ مضادة للطائرات، تظهر للعلن من خلال تسريب معلومات حصلت عليها مجموعة من "الهاكرز" تطلق على نفسها اسم "سايبر بيركوت"، بعد وصولها إلى مجموعة من الرسائل الصادرة عن الحكومة الإلكترونية.
وبرغم إن الحكومة القطرية كانت بدأت مفاوضاتها مع كييف للحصول على صواريخ من "بيتشورا – T2" للدفاع الجوي آواخر شهر أيلول/ سبتمبر الماضية، أي قبل بدء العمليات الجوية الروسية في سوريا ضد مواقع الميليشيات المسلحة، إلا أن هذه التسريبات تؤكد على جدية النظام القطري بتسليح الميليشيات المسلحة بصواريخ مضادة للطيران، وهو أمر لم يخجل من التصريح به وزير خارجية القطري "خالد العطية"، معتبرا إن الرد القطري على الضربات الجوية الروسية في سوريا سيكون من خلال تسليح ميليشيا "حركة أحرار الشام" بصواريخ من هذا النوع.
أن تبحث قطر عن تسليح الميليشيات فإن المسألة ليست بالجديدة على حكومة عمدت إلى تأجيج نار الإرهاب في سوريا مع بداية الأزمة خدمة لمشروع أمريكي، إلا أن الجديد هو أن تدخل أوكرانيا على الخط السوري من خلال تسليمها صواريخ من هذا الطراز إلى جهة لها مواقف سلبية واضحة في ملف الإرهاب، ولعل "كييف" التي تمتلك مشكلة مع الحكومة الروسية فيما يخص السياسات الأوكرانية تجاه مناطق شرق وجنوب شرق أوكرانيا بعد أن طالبت هذه المناطق بالفدرلة الأوكرانية، وحينما صبت النيران الأوكرانية حميم الغضب الأمريكي على تلك المناطق التي تعتبرها "كييف" موالية لروسيا بكون أغلب سكانها من المنحدرين من أصول روسيا، إلا ان الأمريكيين كان لديهم رغبة واضحة باستغلال ملف الصراع في أوكرانيا، لنشر قواعد أمريكية ملاصقة للحدود مع روسيا في خطوة تسعى من خلالها واشنطن للحد من القوة الروسية المتزايدة على المستويين العسكري والسياسي، لذا يمكن القول إن "كييف" تحاول الانتقام من الروس في الأراضي السورية من خلال هذه العمل مع الحكومة القطرية على تسليم إيصال هذه الصواريخ إلى الميليشيات المسلحة في سوريا.
وقد تكون "كييف" لم تسلم إي صاروخ للحكومة القطرية، إلا أن التفاوض على هذه الصواريخ مع قطر التي "ستغدق" بأموالها على الحكومة الأوكرانية التي تعاني من ضائقة اقتصادية كبرى من بينها الديون المتراكمة على الحكومة الأوكرانية لشركات الغاز الروسية، وسيكون ذلك مقابل "كييف" بملف تسليح التنظيمات الإرهابية في سوريا، وليس لدى الحكومة الأوكرانية حرج من التعامل مع التنظيمات المتطرفة، ففي حربها المعلنة على المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية في سبيل منعها من الذهاب نحو الاستقلال أو حتى الفدرلة، استعملت الشركات الأمريكية الأمنية ذات السمعة السيئة كـ "بلاك ووتر" وإن دخلت هذه الشركات إلى أوكرانيا بأسماء مستعارة، ناهيك عن توظيف "كييف" لمنظمة "القطاع الأيمن" المتطرفة ضد المدنيين في كل من "دانتيسك، ولوغانسيك"، اللتين أعلنتا نفسيهما كجمهوريتين شعبيتين مستقلتين، وليس مستبعدا أن تكون العاصمة القطرية قد طرحت جملة من الملفات الاقتصادية الكبرى على الحكومة الأوكرانية، مقابل الحصول على صفقات أسلحة "رخصية"، وذات فاعلية كبيرة.
ولا يمكن القبول بوجود مثل هذه المفاوضات بين دولتين تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية القدرة الكاملة على التحكم بمسار قرارهما السياسي والعسكري والاقتصادي، دون أن يكون ثمة مباركة أمريكية لمثل هذه المفاوضات، وإن كان المقصود منها الحصول على سلاح للجيش القطري المفترض، فإن الأمريكيين سيكونون أول الموردين ولن يسمحوا بمثل هذه الصفقات القطرية مع أي جهة غير أمريكية، إلا أن الصمت الأمريكي حيال هذه المفاوضات يفضي إلى أن واشنطن تبارك التسليح القطري للميليشيات المسلحة في سوريا بالمضادات الأرضية المتطورة للطيران الحربي، وإذا ما حصل وأسقطت أي طائرة روسية من قبل الميليشيات في سوريا، فإن ذلك سيؤكد التصريحات الأمريكية التي نقلت عبر وسائل الإعلام مع بداية الضربات الروسية لمواقع الميليشيات في سوريا، بأن موسكو ستتعرض لخسائر بشرية، ما ينفي تماماً الجهل الأمريكي بمثل هذه الصفقات العسكرية، والتي إن كانت كشفت فيما يخص الجانب القطري، فإن ذلك لا يعني إن النظام السعودي لا يسعى لمثلها، وقد تكون باكستان أولى الدول المرشحة لتزويد السعودية بمثل هذه الصواريخ، وذلك لأن الأزمة السورية شهدت عدة صفقات بين الحكومة السعودية وباكستان وسلمت خلال صيف العام 2013، وأوائل العام 2014، عبر الأراضي الشمالية للأردن للمليشيات العاملة في الجنوب السوري.
إن عدم شراء الحكومة القطرية أو السعودية لصواريخ أمريكية من هذا الطراز على غرار صواريخ "التاو" المضادة للدروع التي يمتلك الإرهابيون في سوريا كما كبيرا منها، قد يكون مستبعداً في محاولة من أمريكا تجنب خلق أزمة مع روسيا، إلا أن قد يتم عبر وسيط في السوق السوداء، أو من خلال دولة أخرى يكون لديها مخزون من هذه الأسلحة، وعلى ما يبدو إن الذهاب نحو حل سياسي سوري من خلال العملية السياسية التي يجب أن تطلق قبل نهاية العام الحالي بين الأطراف السورية "حكومة ومعارضة" وبرعاية أممية، لا يعجب الخليجيين الذين يعتبرون الآن هم "المقامر الخاسر" على الطاولة السورية، لأن مسار هذا العمل السياسي سيأتي وفق المزاج السوري المتحكم حالياً بمعظم مفاصل الميدان القتالي، في حين إن الميليشيات المسلحة تنهار أمام تقدم الجيش السريع المستفيد من الدعم الجوي الروسي، ولا تخجل دمشق من شكر الروس على مساندتهم للجيش السوري في مكافحة الإرهاب، لأن هذه المساندة جاءت وفق القوانين والأنظمة الدولية.
وصول مثل هذه المنظومة من الصواريخ المضادة للطائرات إلى يد الميليشيات المسلحة إن حصل سيكون لعب قطري أوكراني بفتيل حرب عالمية ثالثة في المنطقة، فالرد الروسي على مثل هذه الخطوة سيكون قاسيا وفقا لتصريحات الرئيس الروسية فلاديمير بوتين حينما أعلن وزير خارجية قطر نية الدوحة بتسليح "أحرار الشام" بدفاعات جوية صاروخية، ويعرف الأمريكيون إن مثل هذه الخطوة القطرية على الرغم من إنها ستصب في المصلحة الأمريكية بشكل كبير، إلا أنها ستشعل المنطقة بنيران حرب لن تقوى فيها واشنطن على تجنيب الكيان الإسرائيلي نيرانها، وكنتيجة طبيعية لمعرفة واشنطن بحجم الترسانة الصاروخية السورية، وما أظهرته الصواريخ الروسية المجنحة من قدرات بعد التشكيك الأمريكي الطويل بذلك، فإن قيام حرب كبرى في المنطقة سيعني إن المصالح الأمريكية في كل دول الخليج ستكون مستهدفة، ناهيك عن إن قطر وإن كانت مغامرة لحد "جنون العظمى" الذي يحس به أميرها "تميم بن حمد" لن تجرؤا على أكثر من إرسال صواريخ إعلامية، من قبيل التسريب لمثل هذا الخبر الذي قد يكون متعمداً لإرسال "شبه تهديد" لموسكو في محاولة لوقف عملياتها في سوريا، أما التورط بمثل هذه الخطوة بالنسبة لأوكرانية، سيعني استجلاب المزيد من المواجهة مع روسيا، ومن الأكيد إن "كييف" ستفكر طويلا قبل الموافقة حتى لو دفعت أمريكيا إلى ارتكاب مثل هذه الحماقة.
ما هي منظومة "بيتشورا – T2"
نظام صواريخ دفاع جوي يستخم الصواريخ المتوسطة المدى من طراز S-125 المزودة برأس حربي شديد الانفجار، يستخدم ايضاً ضد الأهداف الجوية المنخفضة و الاهداف البرية و البحرية الواضحة للرادار، كما تعمل هذة المنظومة ضد الأهداف الجوية المعقدة ضمن بيئة شديدة التشويش، وهي مجهزة بنظام تحديد المواقع و الملاحة العالمي.
تحتاج هذه المنظومة لـ 25 دقيقة فقط يحتاج للتركيب و البدء بقتل الطائرات، كما يمكن لبيتشورا t2 ضرب أكثر من هدف جوي بوقت واحد و بسرعة قياسية، كما تبلغ سرعة الصاروخ 900 م بالثانية، في حين إن مداه يصل إلى 35 كم، وتضرب أهداف يتراوح ارتفاعها بين 200م - 25 كم، وهي مزودة برادار دوبلر للكشف و الرصد و الملاحقة و الاستهداف SNR-125-2TM، إضافة لكاميرات بصرية حرارية و أجهزة تتبع تلقائي للأهداف و نظام عرض عالي الدقة للمعلومات، ويمكن لرادار هذه المنظومة إكتشاف و ملاحقة الأهداف من مسافة 100 كم، ويمكن لنظام الدفاع الجوي بيتشورا 2TM يعمل بشكل مستقل أو ضمن نظام الدفاع الجوي للدولة.
المصدر: عربي برس