معادلة «سوخوي ـ فيينا» تكتسب زخماً

الثلاثاء 26 يونيو 2018 - 09:39 بتوقيت غرينتش

استمر زخم «عاصفة السوخوي» و«فيينا السوري» على الصعيدين العسكري والسياسي.

استمر زخم «عاصفة السوخوي» و«فيينا السوري» على الصعيدين العسكري والسياسي. وفيما يحط وزير الخارجية السوري وليد المعلم في موسكو خلال أيام، تجمع السعودية في الأسبوع المقبل شخصيات من المعارضة السورية في محاولة لتشكيل وفد مشترك تمهيدا للمفاوضات التي يفترض ان تبدأ مع الحكومة السورية خلال الاسابيع المقبلة، وذلك في وقت كثفت روسيا ضرباتها الجوية والصاروخية على مواقع الجماعات الارهابية في الرقة ودير الزور وادلب وحلب، مع تركيز واضح على صهاريج النفط المهرب التي جرى تدمير المئات منها.
وفي ظل تقارير عن احتمال إعلان وقف لإطلاق النار لمدة أسبوعين في مناطق غوطة دمشق، جرى نفيها من جانب مسؤول سوري، كان بارزاً إشادة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد يومين من اجتماعه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بالدور الذي تؤديه موسكو في المحادثات الهادفة إلى وضع حد للأزمة في سوريا، برغم مواصلته انتقادها لمواصلتها دعم بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيزور موسكو الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بشأن الأزمة السورية ومحاربة الإرهاب.
وقال بوغدانوف «ننتظر الآن تأكيداً. نأمل أن تجري في الأسبوع المقبل مشاورات معمقة ومثمرة للغاية بين الوزيرين»، مشيراً إلى أنه خلال المشاورات سيتم بحث نتائج وآفاق «العمل المشترك في المجالين الرئيسيين: مكافحة الإرهاب والمضي بالعملية السياسية على أساس إعلان جنيف واتفاقات فيينا».
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن «المعارضة السورية ستعقد لقاء جماعياً في السعودية الأسبوع المقبل»، وذلك في محاولة لتوحيد وفد المعارضة للتفاوض مع السلطات السورية.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلة مع قناة «راي» الايطالية بثت أمس، إن «الإرهابيين ليست لهم حاضنة في سوريا ويمكنهم أن يكونوا أقوياء ما داموا يتمتعون بدعم دول مختلفة، سواء في الشرق الأوسط أو الغرب، وأن تدريبهم يتم بدعم من تركيا وقطر والسعودية». وكرر أن «الغرب يتحمل المسؤولية الرئيسية لأنه دعم الإرهابيين الذين أسسوا داعش في سوريا وجبهة النصرة بمنحهم المظلة لحماية المنظمات الإرهابية».
وأشار إلى أن «الإرهابيين هم العقبة الرئيسية في وجه أي تقدم سياسي في سوريا، ومن غير المجدي تحديد أي جدول زمني للحل السياسي قبل إلحاق الهزيمة بالإرهاب».
وواصلت القوات الروسية، لليوم الثاني على التوالي، توجيه ضربات مكثفة لمواقع «داعش» في سوريا، والصهاريج التي تنقل النفط. وقال المتحدث باسم قيادة العمليات العسكرية الروسية في سوريا الجنرال اندريه كارتابولوف «صدر قرار بأن تقوم الطائرات القتالية الروسية بعملية صيد حر للصهاريج التي تحمل منتجات النفط العائدة للإرهابيين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية».
وأوضح أن الطيران الروسي دمر نحو 500 صهريج نفط خلال «الأيام القليلة الماضية» تنقل النفط من سوريا إلى مصافي نفط في العراق، مشيراً إلى أن «هذا قلل كثيرا من قدرة المقاتلين على تصدير منتجات الطاقة بشكل غير قانوني، كما قلل دخلها من عائدات النفط المهرب». وتشكل عائدات تهريب النفط جزءاً رئيسياً من تمويل التنظيم التكفيري.
وأرسلت روسيا لليوم الثاني على التوالي قاذفات بعيدة المدى لمهاجمة أهداف تابعة إلى «داعش» في الرقة ودير الزور، كما أطلقت قاذفات استراتيجية محلقة فوق الأراضي الروسية 12 صاروخاً مجنحاً على محافظتي ادلب وحلب. وأغارت طائرات «سوخوي» انطلقت من قاعدة حميميم على نحو 150 هدفاً. وأعلن كارتابولوف أن موسكو كثفت كل أشكال جمع المعلومات في الشرق الأوسط، بما في ذلك الاستطلاع بالأقمار الاصطناعية.
وأعلن كارتابلوف أن الجيش الروسي يضع خططاً حول كيفية القيام بعمليات عسكرية مشتركة مع فرنسا. وقال «عندما تصل (حاملة الطائرات) شارل ديغول إلى شواطئ سوريا، فسيتم تنسيق العمل العسكري»، فيما أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان أن «شارل ديغول» ستكون في «نهاية الأسبوع» في منطقة انتشارها ومستعدة لإرسال طائراتها فوق سوريا. وسيصبح لدى الجيش الفرنسي في المنطقة 26 مطاردة على متن حاملة الطائرات، إضافة إلى 12 طائرة متمركزة في الإمارات والأردن.
وعرض التلفزيون الروسي الرسمي خريطة للجيش الروسي تشير على ما يبدو إلى أن بعض كتائب المدفعية الروسية ربما تنشط على الأرض في منطقة صدد في ريف حمص، لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف كرر نفي موسكو المتواصل نشر قوات برية في سوريا.
وظهرت الخريطة المفصلة في صور خلال مؤتمر لوزارة الدفاع مع بوتين أمس الأول. وتظهر مختصرات لأسماء كتائب روسية بالقرب من مناطق تشن فيها القوات السورية هجوماً ضد «داعش».
ونفى وزير المصالحة السوري علي حيدر، في تصريح لـ «الميادين»، صحة ما نشره «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن قرب إعلان هدنة ووقف إطلاق النار في غوطة دمشق لمدة 15 يوماً.
وأعلن وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أوغلو، لوكالة «الأناضول»، أن أنقرة وواشنطن ستكثفان عملياتهما «خلال الأيام المقبلة» لطرد عناصر «داعش» الموجودين على الحدود التركية في شمال سوريا. وقال «لدينا بعض الخطط لإنهاء السيطرة التي يمارسها داعش في منطقة على حدودنا. عندما تصبح هذه الخطط جاهزة، فإن عملياتنا ستستمر بكثافة متزايدة». وأضاف «لن نسمح لداعش بإبقاء وجوده على حدودنا. سترون في الأيام المقبلة».
أوباما
وأشاد أوباما، على هامش قمة المنتدى الاقتصادي في الفليبين، بالدور الذي تؤديه روسيا في المحادثات الهادفة إلى وضع حد للأزمة في سوريا، لكنه أشار إلى أن موسكو ما زالت ترغب ببقاء الأسد في السلطة خلافاً للغربيين.
وقال «روسيا شريك بنّاء في فيينا من خلال محاولتها خلق مرحلة انتقالية سياسية» في سوريا، مضيفاً «لكن من المحتم أن هناك فخاً، وهو أن موسكو دائماً مهتمة بأن يبقى الأسد في السلطة». وأوضح «هذه الخلافات لم تمنعنا من بحث كيفية التوصل إلى وقف لإطلاق النار» في سوريا.
وبعد ساعات من تعهد بوتين ملاحقة المسؤولين عن تفجير طائرة روسية وتكثيف الضربات الجوية ضد عناصر «داعش» في سوريا، قال أوباما إن ذلك هو الرد المناسب.
وأعرب عن الأمل أن تركز روسيا ضرباتها الجوية على تنظيم «داعش» بدل الدفاع عن النظام السوري. وقال «سوف ننتظر ونرى ما إذا كانت روسيا ستولي اهتماماً أكثر بمواقع تنظيم الدولة الإسلامية. إذا حصل ذلك فهو شيء نشيد به». وأضاف «المشكلة أن تدخلهم العسكري الأولي في سوريا ربما أكثر تركيزاً على دعم الأسد واستهداف المعارضة المعتدلة بدلاً من استهداف الذين يهددوننا نحن وأوروبا وروسيا أيضاً».
وقال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، من جهته، إن روسيا يمكنها هزيمة الإرهاب بمفردها لكن الخيار الأفضل لموسكو وللغرب هو تنحية الخلافات وخوض القتال سوياً، معتبراً أن مقاطعة الغرب لروسيا تبدو «غريبة» في ضوء الهجمات التي وقعت في باريس الأسبوع الماضي وإسقاط الطائرة الروسية في مصر. وتابع «شحذ العمل الإرهابي مع طائرتنا والهجوم الإرهابي في باريس جدول الأعمال السياسي العالمي».
وقال «الحرب قد أعلنت على كل العالم المتحضر. التهديد عالمي وللأسف حقيقي. ولذا يبدو موقف بعض الدول الغربية تجاه روسيا غريباً»، معتبراً أن موقف الغرب تجاه موسكو قصير النظر. وتابع «أعتقد أننا يجب أن نكون سوياً في هذه المعركة».
واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال لقائه نظيره اللبناني جبران باسيل في موسكو، أن على القوى العالمية بعد اعتداءات باريس أن توحد جهودها ضد «داعش» من دون فرض أية شروط مسبقة حول مصير الأسد.
ونفى التوصل إلى اتفاق حول مصير الأسد في فيينا الأسبوع الماضي. وأعرب عن أمله أن يتم إطلاق العملية السياسية للتسوية في سوريا في كانون الثاني المقبل. وقال «كلما أجّلنا إطلاق العملية السياسية بين الحكومة السورية والمعارضة، يزداد الوضع سوءاً بالنسبة للشعب السوري»، مكرراً الدعوة إلى تشكيل وفد للمعارضة ذي تمثيل واسع.
وأعرب عن الأمل أن تحذو القوى الغربية الأخرى حذو فرنسا، وتبدي انفتاحا أكثر على التعاون مع موسكو في سوريا. وقال «آمل أن يكون التغيير في موقف زملائنا الغربيين، ويأتي للأسف على حساب الاعتداءات الإرهابية الفظيعة، مرئيا من جانب الشركاء الغربيين الآخرين». وأضاف انه من أجل المساعدة في «حشد تحالف دولي حقيقي»، ينبغي على مجلس الأمن الدولي وضع «أساس قانوني» حازم من شأنه أن يمكن القوى العالمية من محاربة التنظيم التكفيري معاً.
واعتبر رئيس النمسا هاينز فيشر، بعد اجتماعه مع الملك الأردني عبد الله الثاني في فيينا، أن النمسا والأردن تعتبران أن «من السابق لأوانه» إشاعة الأمل بانتقال سياسي سريع في سوريا كما فعل وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
وقال فيشر «أعتقد انه لا ملك الأردن ولا أنا نجرؤ على إثارة آمال بأن الأمر سيحسم في أسابيع قليلة. نحن على الدرب الصحيح لكن من السابق لأوانه تحديد آجال بشأن المدة اللازمة لتسوية المشاكل».
وأعلن وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغايو، لقناة «تي في أي» الحكومية، أن الاتفاق مع الأسد يبقى «أهون الشرور» في مواجهة التهديدات الإرهابية في أوروبا. وقال «يجب تغيير جدلية مع بشار أو من دونه بالسلام أو الحرب. إذا كنتم تريدون السلام، فيجب التوصل إلى اتفاق مع الأسد أقله مرحليا».

 

المصدر: السفير

تصنيف :