هكذا جنّد «داعش» أعضاء شبكة تفجير البرج

الأربعاء 27 يونيو 2018 - 06:35 بتوقيت غرينتش

مع تلاحق التوقيفات الأمنية في منطقة الشمال اللبناني، وآخرها تلك التي طالت أمين مستودع المتفجرات، الى جانب 4 أشخاص منخرطين في الشبكة الإرهابية المسؤولة عن التفجير المزدوج في برج البراجنة،

مع تلاحق التوقيفات الأمنية في منطقة الشمال، وآخرها تلك التي طالت أمين مستودع المتفجرات المدعو أحمد م. الملقب بـ «أبي عثمان»، الى جانب أربعة أشخاص منخرطين في الشبكة الإرهابية المسؤولة عن التفجير المزدوج في برج البراجنة، وما كان يخطط لجبل محسن، بدا أن «داعش» قد تسلل الى فئات شبابية مهمشة في البيئة الشمالية.
وتشير المضبوطات المصادرة من مستودع القبة «المركزي» للمتفجرات والأحزمة الناسفة والمواد المستخدمة في تصنيعها، إضافة الى ما تم ضبطه في منزل عائلة زوجة الموقوف خالد ش. في إحدى البلدات العكارية من مواد أساسية في تصنيع الأحزمة الناسفة.. الى أن «داعش»، بعد نجاح الجيش اللبناني في إقفال حدود منطقة البقاع الشمالي الى حد كبير، قد عمل على نقل الخبرات التفجيرية الى عدد من المتعاملين معه في الداخل اللبناني، من خلال إخضاعهم لدورات في هذا المجال، أو تزويدهم بأقراص مدمجة تشرح بالتفصيل عملية التصنيع، وقد عُثر على بعض منها مع عدد ممن تم توقيفهم سابقا، وفي مقدمهم محمد ص. وعبد الرزاق أ. اللذان أوقفهما الأمن العام واعترفا بتصنيع العشرات من الأحزمة.
وأبلغت مصادر أمنية واسعة الاطلاع «السفير» أنه تبين من خلال اعترافات بعض الموقوفين أن «داعش» يملك هيكليات فاعلة دينية وأمنية، تقوم الأولى بعمليات غسل أدمغة للشبان وأغلبهم في سن المراهقة، لتحويلهم الى متشددين إرهابيين خلال شهرين.
وما يعزز هذه المعلومات التحولات المفاجئة لكثير من الشبان الذين فاجأوا عائلاتهم بانقلابهم من أشخاص عاديين يمارسون حياتهم الطبيعية الى قمة التشدد، حيث أشار عدد من أقارب الانتحاري الموقوف إبراهيم الجمل الى أنه غاب عن أنظار عائلته في عيد الفطر الماضي، وعاد قبل عيد الأضحى موهماً عائلته بأنه يعمل في بيروت، ولكن لدى عودته بدأ يطالب شقيقاته بارتداء الحجاب، ويعترض على كثير من ممارسات والده وأشقائه الذين شعروا بأن إبراهيم أصبح شخصاً ثانياً، قبل أن يختفي مجدداً، ليفاجأوا بأنه تم توقيفه وهو مزنر بحزام ناسف.
وكذلك الأمر بالنسبة الى «أبي عثمان» الذي يعمل في كاراج أحد المطاعم الفخمة في «منطقة الضم والفرز» في طرابلس، وتربطه علاقات مع كثير من الزبائن والقيادات الأمنية والشخصيات السياسية والاجتماعية الذين كانوا يترددون على المطعم تردداً شبه يومي، فيما يقول العاملون معه إنهم لم يشعروا بأي تبدلات في سلوكه سوى مزيد من التشدد في الآونة الأخيرة.
وأفادت مصادر أمنية أن «أبا عثمان» لم يأبه لتوقيف الانتحاري إبراهيم الجمل، بل استمر يعمل طبيعياً لأنه عندما سلّمه الحزام الناسف كان ملثماً، وبالتالي فإن الجمل لم يتعرف على شخصيته، لكن «شعبة المعلومات» نجحت بالتعرف عليه من خلال تحليل فرعها الفني لداتا الاتصالات.
ويشير ذلك بوضوح الى أن «داعش» يحرص على إنشاء العديد من الخلايا العنقودية، بحيث تنحصر صلة كل عنصر بآخر لا يعرف هويته، بواسطة شيفرة معينة.
وترجح المعلومات أن يكون «أبو عثمان» مرتبطاً مع قيادة «داعش» في مدينة الرقة السورية (عن طريق أحد «الأمراء» في جرود عرسال) وتحديداً مع «أبي البراء اللبناني» وهو من طرابلس، ويهتم مباشرة بمجموعات «داعش» في شمال لبنان. وقد عُثر في منزله الخاص في محلة البقار على أسلحة مختلفة خفيفة ومتوسطة وأجهزة، كما داهمت منزل عائلة زوجته في عكار وعثرت أيضا على بعض المضبوطات.
وتشير المعلومات الى أن شوقي س. (العنصر في جهاز أمني) كانت مهمته استلام المتفجرات والصواعق والمواد الأخرى الآتية من جرود عرسال في مكان خدمته في بعبدا، ونقلها الى طرابلس مستعيناً ببدلته العسكرية التي لا يمكن أن تثير الشبهات، وذلك مقابل مبالغ مالية كان يتقضاها، في حين أن الموقوف خالد ش. كان يخزّن المواد الأولية التي تستخدم في تصنيع الأحزمة في منزل عمه عبد القادر ش. (أوقف لاحقا) في إحدى البلدات العكارية التي قام «فرع المعلومات» بمداهمتها وصادر منها 150 كيلوغراماً من الكلل الحديدية، وأسلاكاً وأشرطة لاصقة، إضافة الى قذائف ب 7، ورشاش حربي وبنادق من نوع «كلاشنيكوف» وأسلحة وذخيرة مختلفة.
ووفق المعلومات، فإن جهود «فرع المعلومات» تتركز على رصد شخصين هما ب. ب.، وح. ب.، اللذان تربطهما علاقة بـ «أبي عثمان» والمجموعة الإرهابية، ولهما باع طويل في تصنيع المتفجرات، وربما ساهما في تصنيع الأحزمة الناسفة التي عُثر عليها، بعدما تدربا على ذلك في القلمون السورية، علما أنهما كانا أيضا على تواصل مع الشيخ الموقوف أحمد الأسير.
وترجح مصادر أمنية أن يكون ح. ب. قد غادر لبنان عبر مراكب الهجرة غير الشرعية بعدما علم بتوقيف الانتحاري إبراهيم الجمل، فيما يتوارى ب. ب عن الأنظار منذ فترة (ترددت معلومات أنه صار في تركيا لكن المصادر الأمنية لم تؤكد ذلك).
قوى الأمن
وكانت مديرية قوى الأمن الداخلي قد أصدرت بياناً أعلنت فيه أن «شعبة المعلومات نفذت أمس الأول، على خلفية متفجرتي البرج، مداهمات عدّة في محلتي الضم والفرز والقبة في طرابلس، أدّت إلى توقيف كل من اللبنانيين: أ. م، ش. س، ع. خ، ع. ك، ومن خلال التحقيقات تم ضبط حوالي 180 كلغ من المتفجرات والكرات الحديدية وعدد كبير من الصواعق وكمية كبيرة من فتيل التفجير وعتلات تفجير تستعمل جميعها في تصنيع أحزمة ناسفة (وهي كمية كافية لصنع أكثر من 50 حزاماً ناسفاً) بالإضافة الى ضبط ثلاثة أحزمة ناسفة أحدها يبلغ وزنه 10 كلغ من المواد المتفجرة والكرات الحديدية، كما تم ضبط كمية من الأسلحة الفردية والمتوسطة مع الذخائر العائدة لها».
وأعلنت أن «شعبة المعلومات تمكنت، أمس، من ضبط /150/ كلغ من الكرات الحديدية ومواد وأدوات تستخدم في تصنيع الأحزمة الناسفة، وأسلحة حربية. كما تم توقيف خ. ش. (لبناني) وهو على ارتباط مع الشبكة الإرهابية المذكورة».
وفي سياق متصل، نفذت مخابرات الجيش أمس مداهمات عدة في مناطق الجميزة والحمرا في بيروت والبوابة الفوقا في صيدا، حيث أوقفت عدداً من الأشخاص المشتبه بهم.
الأمن البيئي
على صعيد «الأمن البيئي»، يُفترض أن يبدأ اليوم البحث المعمق والتفصيلي في العروض المقدمة من بعض الشركات الأوروبية لترحيل النفايات الى الخارج، استنادا الى حصيلة نقاشات أعضاء اللجنة التقنية التي اجتمعت أمس برئاسة الرئيس تمام سلام.
وقال وزير الزراعة أكرم شهيب لـ «السفير» إن المفاوضات ستنطلق مع أربع شركات قدمت عروضاً جدية لترحيل النفايات، لافتا الانتباه الى أن المفاوضات تنطوي على الكثير من الحسابات الدقيقة والتفاصيل التقنية الحساسة، «ونحن سنسعى الى الحصول على أرخص سعر بأفضل الشروط».
واعتبر أن بعض الأسعار التي يتم تداولها في الإعلام غير دقيقة، «بل هي أسعار تعطيلية وتحريضية تهدف للتشويش على الجهد المبذول لترحيل النفايات».
وأشار الى أن تصدير النفايات يجب أن يراعي القوانين الدولية المرعية الإجراء التي يلتزم بها لبنان، موضحا أن هناك الكثير من الجزئيات التي يجب التفاهم عليها قبل حسم خيار الترحيل، «ومنها ما يتعلق بالوزن والنوعية وكيفية نقل النفايات الى الباخرة وتخزينها ووجهة سيرها».
وأكد شهيب أن خيار التصدير يشمل النفايات الواقعة ضمن نطاق «سوكلين»، أي بيروت وجبل لبنان، وذلك على مدى سنة وستة أشهر، يُفترض أن يليها البدء بتنفيذ الشق المستدام من خطة المعالجة التي سبق أن وضعناها، لافتا الانتباه الى من بين الأمور التي يجب البت بها تحديد ما إذا كان تمويل الترحيل سيتم من مالية الدولة أم من الصندوق البلدي، وقال: «أنا شخصيا من دعاة أن تتولى الدولة تمويل العملية حتى تستطيع البلديات تحمل أعباء الحل المستدام في المرحلة المقبلة».

 

المصدر: السفير

تصنيف :