نفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وجود أي اتفاق بين المشاركين في محادثات فيينا حول إبعاد الأسد عن التسوية في سوريا، معربا عن أمله في إطلاق العملية السياسية في يناير المقبل/كانون الثاني المقبل.
وقال لافروف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره اللبناني جبران باسيل في موسكو الأربعاء: "لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حول عدم مشاركة الرئيس الأسد في مرحلة من مراحل العملية السياسية". وأوضح أن بعض الشركاء قدموا أفكارا بشأن إبعاد الأسد، لكن تلك الأفكار لم تحظ بالاجماع خلال محادثات فيينا.
وأشار الوزير الروسي في هذا السياق إلى تعديل موقف "بعض شركائنا الغربيين"، مضيفا أن هذا التطور جاء للأسف الشديد بثمن باهظ ناتج عن هجمات إرهابية مروعة.
وأعرب عن أمله في أن يتبنى الشركاء الغربيون الآخرون هذا الموقف أيضا. وفيما يخص الموقف القائل إنه من المستحيل إطلاق حرب حقيقية ضد "داعش" وأمثاله إلا بعد توضيح مصير الأسد، قال لافروف إنه يعول على وضع هذه المسألة جانبا.
وأردف لافروف قائلا: "إننا بحثنا هذا الموضوع بالتفاصيل مع الشركاء الأميركيين الذين سبق لهم أن دافعوا عن هذا المنطق بإصرار. ويبدو لي أنه لم تعد هناك أي شكوك في أن طرح شروط مسبقة لتوحيد الصفوف في محاربة "داعش" يعد أمرا غير مقبول على الإطلاق".
وأضاف: "ليست "الدولة الإسلامية" دولة، طبعا، ويكمن واجبنا المشترك في عدم السماح لها بالتحول إلى دولة، على الرغم من محاولاتها لإقامة خلافة".
وتابع أن موسكو تأمل في أن يتم إطلاق العملية السياسية للتسوية في سوريا في الموعد المحدد أي في يناير/كانون الثاني عام 2016. وعلى الرغم من إشارته إلى كون هذا الموعد قابلا للتعديل، قال لافروف: "كلما أجلنا إطلاق العملية السياسية بين الحكومة السورية والمعارضة، يزداد الوضع سوءا بالنسبة للشعب السوري".
وفي الوقت نفسه أكد لافروف أن إطلاق العملية السياسية في سوريا يتطلب مشاركة وفد للمعارضة ذي تمثيل واسع. وأعاد إلى الأذهان أن وقتا طويلا مر حتى أدرك جميع الأطراف هذه الضرورة، وأعرب عن أمله في أن تستغرق عملية تشكيل مثل هذا الوفد وقتا أقصر بكثير.
وبشان الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء قال وزير الخارجية الروسي إن إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء ومقتل ركابها وأفراد طاقمها يعد اعتداء على روسيا، مؤكدا أن موسكو ستستخدم جميع الوسائل المتاحة للدفاع عن نفسها
وكشف أن الاستخبارات الروسية قد تلقت بعض ردود الأفعال من دول معينة بعد أن توجهت موسكو إلى جميع دول العالم بطلب المساعدة في ملاحقة المسؤولين عن إسقاط الطائرة الروسية يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول ومعاقبتهم.
وأعاد لافروف إلى الأذهان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن أن روسيا في إجراءاتها للرد على الهجوم الإرهابي في سيناء ستعتمد على المادة 51 في ميثاق الأمم المتحدة والتي تؤكد على حق كل دولة في الدفاع عن النفس في حال تعرضها لاعتداء. وشدد قائلا: "سنستخدم حقنا في الدفاع عن النفس بجميع الوسائل المتاحة بما في ذلك الوسائل السياسية والعسكرية وبواسطة الأجهزة الخاصة والاستخبارات".
وأكد وزير الخارجية الروسي إن تشكيل جبهة واسعة لمواجهة الإرهاب يمثل مهمة ذات اولوية، وذلك بموازاة دفع العملية السياسية في سوريا إلى الأمام بمراعاة المبادئ التي اتفق عليها المشاركون في المجموعة الدولية لدعم سوريا يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني في فيينا.
وأشار في هذا السياق إلى أن جميع المشاركين في محادثات فيينا وافقوا على مبادرة موسكو الخاصة بوضع قائمة موحدة للتنظيمات الإرهابية في سوريا. وأكد أن الجانب الروسي تلقى منذ أسبوعين قوائم بأسماء التنظيمات الإرهابية من الشركاء الأميركيين وبعض الدول الأخرى. وقال: "هناك تفهم مشترك في صفوف أعضاء مجموعة دعم سوريا أنه بعد توصلنا إلى توافق، يجب إدراج تنظيمات أخرى، بالإضافة إلى "داعش" و"النصرة" على قائمة المنظمات الإرهابية الخاصة بمجلس الأمن".
وفي الوقت نفسه، قال لافروف إن هذه المهمة تعد صعبة إلى درجة كبيرة، لأن بعض التنظيمات الإرهابية "تغير لونها" وتحاول تصوير نفسها في عيون المجتمع الدولي كأنها جزء من المعارضة المعتدلة. كما أعرب الوزير الروسي عن أمله في إطلاق دول العشرين عملا مشتركا لقطع التمويل عن تنظيم "داعش"، وضمان أن هذا التعاون لن يتأثر بأي طموحات جيوسياسية آنية.
وشدد على ضرورة أن يركز الجميع على "الهدف الرئيسي وهو وضع حد لطموحات "داعش" التوسعية، وزعزعة قاعدته المالية والمادية والقضاء على هذا التنظيم الإرهابي في نهاية المطاف". وأكد لافروف على التضامن الروسي مع لبنان التي يتأثر بجميع عواقب الأزمة السورية والنزعات المسلحة الأخرى في المنطقة. ورحب بالجولة الأخيرة من الحوار الوطني اللبناني التي جرت الثلاثاء.
بدوره دعا وزير الخارجية اللبناني المجتمع الدولي إلى تشكيل جبهة واسعة وتبني موقف موحد لمحاربة "داعش". وتابع باسيل أن "لبنانا ضعيفا" سيصبح بيئة حاضنة للإرهاب، أما "لبنان قوي" فسيمثل أفضل رد لتصدي الخطر الإرهابي. وأكد أن القضاء على الإرهاب يتطلب اتخاذ خطوات عسكرية بالإضافة إلى قطع التمويل عن التنظيمات الإرهابي ومحاربة أيديولوجيتها".
كما شدد على ضرورة حل قضية اللاجئين السوريين كأحد المقدمات الضرورية لتسوية الأزمة السورية.