الكوثر - ايران
قاليباف الذي يزور باكستان بدعوة من أياز صادق رئيس الجمعية الوطنية الباكستانية، التقى مع علماء الدين وأساتذة الجامعات والنخب السياسية والثقافية والاجتماعية الباكستانية في مقر السفارة الإيرانية في إسلام آباد.
وقال قاليباف في هذا اللقاء: "عندما سمعت رسالة شعب وحكومة وبرلمان باكستان خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا معلنة التضامن مع الشعب الإيراني، قررت أن أخصص أول زيارة خارجية لي بعد الحرب لهذا البلد؛ لقد كان روح المطالبة بالحق والعدالة والشجاعة الذي تتمتع به باكستان هو ما دفعها لدعم الشعب الإيراني بشكل كامل وشجاع أثناء العدوان الجبان للكيان الصهيوني الذي حصل بدعم وتدخل مباشر من أمريكا".
اقرأ ايضاً
وأضاف رئيس السلطة التشريعية الإيرانية: "يجب التركيز على جذور هذا العدوان والنتيجة النهائية لهذه الحرب، لأنها ستكون ذات فائدة كبيرة للأمة الإسلامية. ومن ناحية أخرى، يجب التحدث لساعات حول هذا الموضوع حتى نتمكن من خلال تحليل صحيح أن نُظهر الطريق للشباب".
وتابع: "إذا ألقينا نظرة على العقيدة العسكرية للكيان الصهيوني، نجد أن هذا الكيان لم يسمح أبدًا بوجود تهديد له. إما أن يقضي عليه في مهده أو لا يترك أي أثر للتهديد، لأنه ادعى ذلك من خلال ما يسمى بـ'القبة الحديدية'. هذا الكيان يقول إن حدودنا لم تكن أبدًا عرضة للاختراق، وأي عمل ضد حدودنا سنواجهه برد. هذا هو أساس عمل الكيان".
'طوفان الأقصى' كانت انفجارًا لغضب الشعب الفلسطيني
واستطرد قاليباف: "عملية 'طوفان الأقصى' كانت في الحقيقة انفجارًا لغضب الشعب الفلسطيني المظلوم المكبوت الذي عانى لما يقرب من 80 عامًا من أشد وأقسى إجراءات الكيان الصهيوني، وقد أدت هذه الإجراءات إلى استشهاد العديد من الأطفال والنساء والرجال وكبار السن وأثرت على هوية هذا الشعب المسلم".
وأضاف رئيس مجلس الشورى الإسلامي: "البعض في العالم قال إن فلسطين هي التي بدأت الحرب في عملية السابع من أكتوبر، بينما هذا كذب وخيانة عظمى للشعب الفلسطيني. من لا يعلم أن الشعب الفلسطيني عانى من 80 عامًا من الجرح والقتل والتشريد، وقرروا مرة أن يقوموا بحركة ضد جرائم الكيان الصهيوني؟ ومن ناحية أخرى، فإن الدول الإسلامية في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، لم تدم أي حركة عسكرية قامت بها ضد الكيان الصهيوني لأكثر من 5 أو 6 أيام وهُزمت أمام هذا الكيان".
وتابع رئيس مجلس الشورى الإسلامي: "حماس والشعب الفلسطيني في غزة، التي يُشار إليها على أنها أكبر سجن مفتوح في العالم، وهم ما يقرب من مليوني شخص محاصرين بنسبة 100% من قبل الكيان الصهيوني، قرروا مرة في السابع من أكتوبر القيام بعملية قلبوا فيها كل العقيدة العسكرية لهذا الكيان ليتحقق ما أشار إليه الشهيد نصر الله من 'بيت العنكبوت'".
وأضاف قاليباف: "هاجمت حماس الكيان الصهيوني في ظل وجود عوائق في هذه الأرض من سطح الأرض حتى عمق 20 إلى 30 مترًا، وحتى وجود جدران على بعد أمتار ووسائل إلكترونية وطائرات تجسس بدون طيار وأقمار صناعية. ومع ذلك، كان هؤلاء الشباب الفلسطينيون هم من تجاوزوا هذه العوائق وهاجموا في السابع من أكتوبر وكسروا الخطوط. حتى الصورة التي شوهدت لسحب طائرة F-15 على شاحنة، أظهرت ذروة الإذلال والهوان لهذا الكيان".
وأضاف: "كل القوى الاستكبارية وعلى رأسها أمريكا تدعم الكيان الصهيوني، وقد قلت للشعب والشباب الإيراني خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا أنه لو كان الكيان الصهيوني وحده بدون دعم أمريكا لهُزم هزيمة نكراء في أقل من 7 أيام وقد ثبت ذلك. حتى أن وزير الخارجية الأمريكي في الأيام الأولى للحرب والذي سافر إلى تل أبيب، قال لأحد وزراء خارجية دول المنطقة عند رؤية وضع هذا الكيان: 'كل شيء في تل أبيب مدمر وحتى القوات العسكرية والقيادة انهارت'. لقد كانت أمريكا هي التي سيطرت على القيادة وأعادت إحياءها بمستشاريها وقادتها، وعندما سافر رئيس الولايات المتحدة إلى إسرائيل قال: 'لو لم نكن قد أنشأنا إسرائيل في الماضي، لكنا اليوم سننشئ إسرائيل أخرى في المنطقة'. هذا المنظور الاستكباري لأمريكا يظهر لنا المسلمين أنهم يخططون لضربنا".
تعلمنا من الامام الخميني (ره) والثورة والقرآن الكريم الوقوف في وجه الظلم
وأوضح قاليباف: "لقد تعلمنا دائمًا من الإمام الخميني (ره) والثورة ومن مبادئ القرآن الكريم والأحاديث والروايات ومدرسة أهل البيت أن علينا الوقوف في وجه الظلم. يجب على المسلمين أن يكونوا دولاً مستقلة وقوية وذات قدرة، وفي مختلف المجالات العلمية والمعرفية والتقدم خاصة في عصرنا الحالي الذي هو عصر التكنولوجيات المتقدمة والحديثة، أن نصل إلى أعلى المستويات ونستفيد من الفرص، ويجب أن نعوض تخلف القرون الماضية. بينما سبب هذا التخلف هو النظرة الاستكبارية التي يجب تعويضها".
وقال رئيس مجلس الشورى الإسلامي: "إيران الإسلامية بعد الثورة كانت دائمًا ضحية للمؤامرات والاغتيالات والحرب المفروضة والضغوط الداخلية والمنافقين والجماعات المناوئة، حيث أن هذه الجماعات المناوئة للثورة من خلال اغتيال الشخصيات السياسية بما في ذلك الرئيس ورئيس السلطة القضائية وأعضاء البرلمان والشخصيات العلمية والثقافية والأشخاص العاديين، قدّمت حوالي 26 ألف شهيد. حتى أن القوى الاستكبارية بدعم من حزب البعث فرضت الحرب على شعبنا، وهكذا وقف الشعب الإيراني في وجه الظلم وصمد في وجه العقوبات وقفز في المجال العلمي".
وأضاف رئيس مجلس الشورى الإسلامي: "أحدي مجالات التقدم العلمي في الجمهورية الإسلامية الايرانية كان في المجال النووي، حيث لدينا في هذا المجال العديد من العلماء والنخب، وقد أعلنا منذ البداية أننا لا نسعى نحو امتلاك السلاح النووي، حتى بعد هجوم أمريكا والكيان الصهيوني على إيران، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه لا توجد أي وثيقة تثبت أن إيران تتجه نحو السلاح النووي. ومع ذلك، فإن بلدنا هو أحد أكثر الدول تقدمًا في المجال النووي، وحتى أكثر أجهزة الطرد المركزي تطورًا موجودة في إيران. ومن ناحية أخرى، نحن في مجال النانو ضمن أفضل خمس دول في العالم، وفي مجال الفضاء والطب ضمن أفضل دول العالم، بينما فرضت أمريكا خلال العشرين سنة الماضية عقوبات غير عادلة على بلدنا. لأنهم لا يريدون وجود أي دولة مستقلة في العالم ولا يريدون أي تقدم للدول الإسلامية".
وأشار قاليباف إلى أن ايران كان في الجولة السادسة من المفاوضات مع أمريكا، وقبل 48 ساعة من استمرار المفاوضات في عُمان، في فجر 13 يونيو، هاجم الكيان الصهيوني بلدنا على نطاق واسع قائلاً: "كانوا واثقين من أن إيران لا تستطيع الصمود لأكثر من يومين؛ بينما نحن قمنا بالرد بأقوى الردود في أقل من 16 ساعة. حتى أننا في اليوم الرابع من الحرب استطعنا الرد بصواريخ من على بعد 2000 كيلومتر. هذه السيرة جعلت أمريكا تدخل الحرب مباشرة وقمنا باستهداف مقر قيادة السنتكوم في الشرق الأوسط بـ 14 صاروخًا أصابت منها 7 صواريخ الهدف".
وتابع: "هذا الوضع جعلهم يبحثون عن وقف إطلاق النار، وأعلنا أن وقف إطلاق النار سيحصل عندما نوجه نحن الضربة الأخيرة".
وشدد قاليباف على ضرورة تقوية النفس في مواجهة العدو، مذكرًا: "على الدول الإسلامية استخدام القوة في مواجهة الكيان الصهيوني، فقوتنا هي منطقنا، ولكن عندما لا يكون هناك فهم، يجب مواجهة القوة بالقوة، وهذا الكيان لا يفهم لغة أخرى".
وأضاف: "كان الكيان الصهيوني يسعى إلى محو اسم فلسطين. بينما بعد مرور عدة أجيال من 1948 حتى الآن، الجميع يبحث عن فلسطين. ليس فقط الدول الإسلامية بل كل العالم يطالب بحقوق الفلسطينيين، ويجب علينا في الدول الإسلامية معالجة هذا الموضوع والتقارب من بعضنا البعض لتوفير أسباب دمار هذا الكيان. بينما الكيان الصهيوني بدعم من أمريكا يسعى لضرب العالم الإسلامي، وهو الآن يقصف لبنان وسوريا وغيرهما من الدول الإسلامية".
وقال قاليباف: "أمريكا تضع الأمة الإسلامية على طرفين. طرف يجب مهاجمته واحتلاله، وطرف آخر يجب أن يقبل 'اتفاقية إبراهيم' ويقيم علاقات مع الكيان الصهيوني. لا يجوز لأي دولة مسلمة أن تسمح لنفسها بإقامة علاقات مع عدو الإسلام والمسلمين. السلام المفروض والحرب المفروضة سيمنعان وجود اي دولة في العالم الإسلامي كدولة قوية ومستقلة. إذا كانوا يحاربون إيران، فذلك لأنهم لا يريدون إيران مستقلة وقوية، بل يريدون إيران ضعيفة لتتفكك. يمكنكم رؤية هذا الوضع في سوريا وليبيا ولبنان وسوريا، وكان 'داعش'، الذي كان من صنع أيديهم، يسعى إلى إدخال دول المنطقة في الهاوية".
على الدول الاسلامية ان تتحد وتقف في وجه الكيان الصهيوني
وأكد: "يجب على الدول الإسلامية أن تتحد وتقف في وجه الكيان الصهيوني. لذلك إذا تعرضت دولة إسلامية للاعتداء من قبل الكيان الصهيوني، يجب على جميع المسلمين مواجهته".
واختتم رئيس مجلس الشورى الإسلامي قائلاً: "يجب توحيد الاتصالات السياسية والثقافية والجامعية والعلمية والاجتماعية والبيئية في العالم الإسلامي، وإذا أردنا أن نكون مستقلين ونخلق نظامًا جديدًا في العالم، يجب أن يكون لدينا وحدة وتماسك. نحن لا نسعى للتوسع الجغرافي، بل نبحث عن السلام والأمن للجميع".
وفي بداية هذا اللقاء، أشار علماء الدين وأساتذة الجامعات والنخب السياسية والثقافية والاجتماعية الباكستانية إلى نقاط حول التقارب الثقافي بين البلدين وقضية فلسطين ووحدة العالم الإسلامي وخاصة تأثير الثورة الإسلامية في الدول الإسلامية في المنطقة.
وقد زار قاليباف باكستان بدعوة من رئيس الجمعية الوطنية الباكستانية، والتقى خلال هذه الزيارة برئيس الجمعية الوطنية ورئيس الوزراء وبعض المسؤولين الآخرين في باكستان.