إنشاء بوابة حدودية مشتركة بين إيران وباكستان: خطوة نحو تعزيز العلاقات الثنائية والإقليمية

الإثنين 4 أغسطس 2025 - 12:42 بتوقيت غرينتش
 إنشاء بوابة حدودية مشتركة بين إيران وباكستان: خطوة نحو تعزيز العلاقات الثنائية والإقليمية

تعتزم سلطات الجمارك في إيران وباكستان إنشاء بوابة حدودية مشتركة، خطوة من شأنها أن تسهّل التبادل التجاري بين البلدين وتفتح المجال أمام دور إيراني أكثر فعالية في مشاريع إقليمية كبرى مثل ممر الصين-باكستان وممر الترانزيت الأوراسي.

الكوثر_ايران

تم التوقيع على اتفاقية إنشاء هذه البوابة خلال زيارة رئيس الجمهورية الدكتور مسعود بزشكيان، إلى باكستان، وذلك بين حكومتي الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية باكستان الإسلامية.

اتفاق جمركي جديد لتعزيز التبادل وتقليص التوقفات الحدودية

خلال هذه الزيارة الرسمية، وُقّعت اتفاقية مهمة في مجال التجارة الخارجية والتعاون الحدودي، تقضي بإنشاء نقطة حدودية جمركية مشتركة بهدف تسهيل حركة البضائع، تقليص زمن الانتظار عند المعابر، وتعزيز التعاون الثنائي.

اقرأ أيضا:

 

وقال فرود عسكري، مساعد وزير الاقتصاد ورئيس مصلحة الجمارك الإيرانية، والذي رافق الرئيس في الزيارة، إن هذه الاتفاقية تهدف إلى فرض رقابة جمركية مشتركة، وتبادل التصريحات الجمركية إلكترونيًا، وتحسين الإجراءات الحدودية.

ميرجاوه–تفتان: نقطة الانطلاق

وفقًا للاتفاق، ستكون بوابة "ميرجاوه–تفتان" الحدودية الواقعة في محافظة سيستان وبلوشستان أول نقطة لتفعيل هذا التعاون، حيث تُعد من أكثر المعابر نشاطًا في التبادل التجاري بين البلدين.

وأوضح عسكري أن "تنفيذ هذه الخطة سيؤدي بوضوح إلى تقليص طوابير الشاحنات والبضائع، والحد من عمليات التهريب والمخالفات الجمركية."

يُشار إلى أن أكثر من 70٪ من التبادل الرسمي بين إيران وباكستان يتم عبر معبر ميرجاوه، لكن التحديات اللوجستية ونقص التنسيق بين الإجراءات الجمركية شكّلت دائمًا عائقًا أمام انسياب التجارة.

زيادة الشفافية وتقليل الفساد

من أبرز نقاط الاتفاق التركيز على الشفافية ومكافحة الفساد في المعابر الحدودية. ويتضمن الاتفاق أيضًا التعاون الإداري المتبادل، وإنشاء بنية تحتية رقمية لتبادل البيانات التجارية، بالإضافة إلى تنظيم دورات تدريبية وزيارات مشتركة لتعزيز التنسيق بين الجمارك.

تاريخ من التعاون الحدودي

يبلغ طول الحدود المشتركة بين إيران وباكستان أكثر من 900 كيلومتر، وقد شهدت السنوات الأخيرة سلسلة من المبادرات لتقوية التعاون، منها إنشاء الأسواق الحدودية، واتفاقيات التجارة التفضيلية، ومساعي لربط موانئ گوادر الباكستانية وتشابهار الإيرانية ضمن ممرات نقل إقليمية.

في عام 2023، بلغ حجم التبادل التجاري الرسمي بين البلدين نحو 2.3 مليار دولار، شملت صادرات إيرانية من مواد بناء، مواد غذائية، وقود وسلع استهلاكية، في مقابل واردات من باكستان مثل الفواكه، الأرز، الأدوية، والملابس.

آفاق مستقبلية: طريق الحرير الجديد وربط إيران بالصين

اللافت في توقيت هذا الاتفاق هو تزامنه مع مشروع "الحزام والطريق" الصيني الطموح. وتعمل بكين على تطوير شبكة نقل تمتد من ميناء كوادر الباكستاني إلى آسيا الوسطى والشرق الأوسط. وهنا، يمكن لإيران أن تلعب دورًا محوريًا كممر ترانزيت رئيسي عبر الحدود المشتركة مع باكستان.

وقد أشار الرئيس الإيراني في تصريح له من إسلام‌ آباد إلى: "إمكانية الانضمام إلى مشروع طريق الحرير الجديد الذي يربط الصين بباكستان، وتوسيع الربط من إيران إلى أوروبا."

ويرى الخبراء أنه إذا نجحت إيران في مواءمة بنيتها التحتية الجمركية والمعايير الفنية مع الدول المجاورة، فإن موقعها الجغرافي سيتيح لها الاستفادة من هذه الفرص الاستراتيجية، لا سيما مع جوارها لكل من باكستان، أفغانستان، آسيا الوسطى، والصين.

التحديات: من البنية التحتية إلى السياسة النقدية

رغم أهمية هذه الخطوة، إلا أن تنفيذها الفعّال يتطلب تلبية عدة شروط: تحسين البنية التحتية الجمركية والنقل البري في سيستان وبلوشستان، التي تعاني من نقص في التمويل. وتوحيد المعايير والإجراءات الجمركية بين البلدين، وهو ما يتطلب لجان فنية مشتركة. وتوفير الموارد المالية لتحديث التجهيزات وتسهيل أنشطة القطاع الخاص الإيراني. وحل مشكلات التسويات البنكية والقيود المالية، وهي من أبرز معوقات التجارة الثنائية.

خطوة إلى الأمام في التجارة الإقليمية

يمكن اعتبار توقيع هذه الاتفاقية إنجازًا بارزًا ضمن مساعي الحكومة الإيرانية لتفعيل دبلوماسيتها الاقتصادية، بما يتيح لإيران دورًا أكبر في المبادرات الإقليمية الحيوية مثل ممر الصين–باكستان والترانزيت الأوراسي.

لكن لضمان نجاح هذه الخطوة، لا بد من تنفيذ الاتفاقات بشكل دقيق، ومواصلة المتابعة، وتمكين القطاع الخاص، والالتزام المتبادل ببنود التعاون المشترك.