الكوثر - سوريا
مجالس عاشورائية محدودة وكسر للتقليد
تزامنت ذكرى عاشوراء هذا العام مع ظروف أمنية معقدة في سوريا الجديدة، حيث تعيش الأقليات، ومنها الشيعة، تحت وطأة هواجس غير واضحة المصدر، في ظل غياب عدو محدد أو إجراءات وقائية فعّالة.
وقد زادت حدة التوتر بعد مجازر الساحل، والمواجهات بين الأمن العام والدروز، والغارات الصهيونية المتكررة، وانتهت بتفجير إرهابي استهدف كنيسة مار إلياس في دمشق وأسفر عن استشهاد 25 مسيحياً، في هجوم تبناه تنظيم داعش الإرهابي.
جاء التفجير قبل عاشوراء بثلاثة أيام فقط، مترافقاً مع تهديدات عبر مواقع التواصل واستفزازات طالت المقامات الدينية، ما دفع الحكومة إلى فرض قيود صارمة على الإحياء، فحصرته في مراكز محددة، ومنعت إقامة المجالس في المنازل أو الحارات، مبررة ذلك بعدم استتباب الأمن وارتفاع خطر الهجمات الانتقامية، رغم مرور أكثر من ستة أشهر على تسلم إدارة الرئيس الانتقالي، أبومحمد الجولاني، السلطة.
وعليه أدت الإجراءات الأمنية والمخاوف المتصاعدة إلى تراجع كبير في الإقبال على المجالس، فلم تحيَ عاشوراء بهذا القدر من الغياب في دمشق من قبل.
حتى خلال سنوات الحرب لم تتوقف المجالس، رغم القصف والانفجارات وقذائف الهاون. كانت الأحياء تعج بالحركة والمجالس تقام في المنازل، بمشاركة الأهالي، إضافة إلى توزيع الطعام وإقامة الأنشطة للأطفال. أما هذا العام، فلم يتجاوز الإقبال على المجالس 15%، وسط مخاوف أمنية كبيرة دفعت كثيرين إلى متابعتها عبر التلفاز، وبعضهم لجأ إلى الفتوى لتخفيف شعور الذنب عن الغياب.
إقرأ أيضاً:
استفزاز بلا اعتداء.. وخطر بلا وجه محدد
رغم عدم تسجيل أي اعتداء مباشر على المشاركين في المجالس أو على أماكن الإحياء، حتى لحظة إعداد التقرير، إلا أن ذلك لم يُطمئن الأهالي، إذ تم كل شيء تحت رقابة مشددة وبالتنسيق الكامل مع الأمن العام. لكن في المقابل، لا تتوقف الاستفزازات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل تتصاعد بنبرة تهديد وتحريض، تنذر بمزيد من الانقسام والكراهية.
في المجمل، يعيش شيعة دمشق، كغيرهم من الأقليات، حالة من القلق المتصاعد في ظل خطاب طائفي متجدد وخطر غير مرئي يهدد الجميع. إنه الخطر المجهول ـ المعلوم، المنظم والعشوائي، الذي يتغذى من الفوضى ويختبئ خلف شعارات المساواة ونبذ الطائفية، ليصبح أشد أنواع التهديد فتكاً... لأنه بلا ملامح ولا عنوان.
حيّ الأمين: الطائفة الشيعية في العاصمة دمشق
ويعتبر حي الأمين التاريخي، مركزاً للمسلمين الشيعة في دمشق. وهو يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من دمشق القديمة، متفرعاً من حي الشاغور، ويُعد من الأحياء التي ارتبطت بذاكرة دمشق الدينية والثقافية، لا سيما في سياق الحضور الشيعي في المدينة، إذ يُعتبر اليوم أحد أبرز المراكز الدينية للطائفة الشيعية في العاصمة السورية دمشق.
تعود نشأة الحي إلى مطلع القرن العشرين، حين بدأت عائلات شيعية لبنانية، معظمها من جبل عامل في جنوب لبنان، الاستقرار في دمشق، هرباً من الاضطرابات السياسية والاضطهاد المذهبي اللذين كانت تشهدهما مناطقهم. وكان في طليعة هؤلاء السيد محسن الأمين العاملي، الذي استقر في دمشق بعد سنوات من الدراسة والتنقل، وسُمي الحي لاحقاً باسمه تكريماً له.
وفي ما يتعلق بما تم تداوله عن إغلاق مقام السيدة زينب (ع)، تبيّن أن المقام لم يُغلق، بل جرى تمديد ساعات فتحه بالتزامن مع إحياء مجالس عاشوراء، ليُفتح يومياً لمدة 12 ساعة.