"ذا إنترسبت": بعد انهيار النظام التعليمي.. أهالي غزّة يدرّسون أطفالهم بأنفسهم

الخميس 14 نوفمبر 2024 - 08:47 بتوقيت غرينتش
"ذا إنترسبت": بعد انهيار النظام التعليمي.. أهالي غزّة يدرّسون أطفالهم بأنفسهم

أطفال غزة بلا مدارس منذ 13 شهراً والأهالي يبحثون عن المعلمين والمتطوعين العاطلين عن العمل لسد الفجوات.

الكوثر_صحافة

حين وصلت عائلة شريفة الدريملي إلى رفح في كانون الأول/ديسمبر الفائت، كان أطفالها بلا مدرسة منذ نحو ثلاثة أشهر.

وكان  كيان الاحتلال قصف منزلهم في مدينة غزة بعد يومين من الهجوم العسكري على القطاع المحاصر، وهو ما أجبرهم على الاحتماء في المستشفى مدة شهر قاس. وعند تعرض المستشفى للحصار، غادرته العائلة كما فعل الأطباء والمرضى والنازحون. وأدّى قصف المبنى السكني المزدحم في مخيم النصيرات، والذي أعقبته أوامر إخلاء إسرائيلية، إلى فرار العائلة مرة أخرى.

وفي النصيرات، كافحت الدريملي للعثور على مدرسة لأطفالها. وبعد أن وجدت عائلتها الأمان النسبي في رفح، وهي الجزء الجنوبي من قطاع غزة، قررت أن تتولى زمام الأمور بنفسها.

اقرأ أيضا:

وصرحت لموقع "ذا إنترسبت" قائلةً: "لقد كنت أمضي ما لا يقل عن ثلاث ساعات يومياً في تعليم أطفالي"، حيث كانت تتنقل بين تدريسهم والقيام بالمهمات المنزلية، مثل الطهو وتسخين المياه، والتي أصبحت أكثر إرهاقاً في خضم الحرب. "لقد كان الأمر صعباً للغاية". 

وخلال تلك الفترة، كانت المدارس في جميع أنحاء غزة تحولت إلى ملاجئ للنازحين. وعلى مدى الأشهر الـ13 الماضية، دمر "الجيش" الإسرائيلي 93% من المدارس والمؤسسات التعليمية في غزة، وعلق التعليم الرسمي لجيل كامل فيما أطلق عليه خبراء الأمم المتحدة "إبادة المدارس". وتشير تقارير وزارة التربية والتعليم في غزة إلى أن نحو 650 ألف طالب في سن الدراسة، و200 ألف طالب في مرحلة التعليم العالي، و35 ألف طفل مسجل في رياض الأطفال، تعطلت دراستهم، في حين قتلت "إسرائيل" 11600 طفل في سن الدراسة وأصابت عشرات الآلاف غيرهم.

وفي أيلول/سبتمبر، أطلقت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في الضفة الغربية مدارس إلكترونية للطلاب في غزة للسماح لهم بمواصلة تعليمهم عبر الإنترنت. إلا أنّ الانقطاع المتكرر للإنترنت والكهرباء جعل هذا الأمر مستحيلاً بالنسبة إلى عدد لا يحصى من الناس في غزة؛ وحتى أولئك الذين فروا إلى مصر ما زالوا يعانون صعوبة الحصول على التعليم.

ويلجأ الأهالي مثل عائلة الدريملي، العازمون على الحفاظ على ما يشبه التعليم لأطفالهم الصغار، إلى الصفوف غير الرسمية التي يقدمها المعلمون والمتطوعون العاطلون من العمل بدلاً من ذلك.

وذكرت أنّ يوسف الدريملي، البالغ من العمر 9 سنوات، كان من الطلاب المتفوقين، إلا أنه بعد مرور شهرين على الحرب، كان يكافح من أجل كتابة اسمه. وقالت والدتهما إن الحرب أثرت سلباً على نفسيته وعلى نفسية شقيقته فاتنة البالغة من العمر 11 عاماً. وأضافت الدريملي: "لقد تأثر تركيزهما بشدة. وتسبب بمشكلة نفسية". 

ملاجئ النازحين مدارسهم

لقد عانى يوسف وفاتنة الأمرّين. فعندما أطلق جنود الصهاينة قذائف مدفعية على بنايتهم في النصيرات في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أصيبت ساق الدريملي بينما استشهد اثنان من أقارب زوجها. وبعد عدة أشهر في رفح، أجبر الغزو الإسرائيلي للمنطقة، التي يعيش فيها أكثر من مليون فلسطيني، الأسرة على حمل أمتعتها والمغادرة مرة أخرى. وفي شهر أيار/مايو، عادت إلى النصيرات، إلى نفس الغرفة في نفس المبنى الذي أقامت فيه العام الفائت.

وفي ظل استمرار إغلاق المدارس الرسمية، أطلق عدد من المتطوعين والمنظمات غير الربحية عدّة مبادرات تعليمية للطلاب النازحين. إلا أنّه لم يكن من السهل على الدريملي أن تجد مكاناً لأطفالها في النصيرات.

وقالت: "لقد عثرت على بعض المبادرات التعليمية التي تديرها المنظمات غير الحكومية والناشطون الذين يدرّسون الطلاب في خيام، إلا أنّ هذه الخيام كانت ممتلئة ولم يتمكنوا من استقبال أطفالي".

وفي النهاية، عثرت الدريملي على آية حسن، وهي معلمة لغة إنكليزية نازحة كانت تعيش في مكان قريب وتقدم دروساً للعائلات في المنطقة.

وقالت آية حسن لموقع "ذا إنترسبت" إنها بدأت بتعليم أطفالها، عماد الدين البالغ من العمر 10 سنوات ونادية البالغة من العمر 7 سنوات وآدم البالغ من العمر 5 سنوات، بعد فرارهم من مدينة غزة. وفي وقت لاحق، طلبت منها الكثير من العائلات النازحة تعليم أطفالها. 

في البداية، كانت آية حسن تزور خيام العائلات لإعطاء الدروس. ثم عرضت صاحبة المبنى المؤلف من 35 شقة وهي من آل الدريملي على حسن مساحة صغيرة مجاناً، ما سمح لها بتعليم الأطفال النازحين في المنطقة مقابل رسوم زهيدة جداً.

وقالت حسن إنها فقدت وظيفتها كمعلمة ومترجمة بسبب الحرب، وكانت الفصول الدراسية مصدر الدخل الوحيد لأسرتها المكونة من خمسة أفراد. وكانت تتقاضى من الطلاب شيكلين (0.54 دولار أميركي) عن كل صف، وتكسب نحو 700 شيكل شهرياً.

وأردفت: "لقد درّست اللغة الإنكليزية والعربية والرياضيات لـ 30 طالباً باستخدام أساليب ممتعة. وكان الأمر بمثابة وسيلة لتخفيف التوتر بالنسبة لهم أكثر من مجرد تجربة تعليمية، في ظل غياب الكتب والمذكرات". 

تصنيف :