الكوثر- مقالات
إن فهم الفرق بين اليهود والصهاينة أمر ضروري للحصول على منظور دقيق بشأن المسائل المتعلقة بالهوية اليهودية، والكيان الصهيوني المحتل ، والعدوان الإسرائيلي علي فلسطين ولبنان .
اليهودية: الدين والهوية الثقافية
اليهودية هي واحدة من أقدم الديانات التوحيدية في العالم، ولها تاريخ غني يعود إلى آلاف السنين، وهي تشمل مجموعة من المعتقدات والممارسات والتقاليد الدينية التي يتبعها الشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم.
تتميز اليهودية بالتركيز القوي على عبادة إله واحد، ومراعاة الشرائع الدينية، والالتزام بمجموعة واسعة من العادات والتقاليد التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من الثقافة اليهودية.
اقرأ أيضاً
تشمل الجوانب الرئيسية لليهودية ما يلي:
التوحيد: الإيمان بإله واحد، كما ورد في صلاة الشيما، وهي صلاة يهودية مركزية.
النصوص المقدسة: يتمتع الكتاب المقدس العبري، بما في ذلك التوراة (الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس)، والتلمود، ونصوص أخرى، بسلطة دينية وأخلاقية كبيرة.
عبادة الكنيس: غالبًا ما تتم الخدمات الدينية اليهودية في المعابد، حيث يقود الحاخامات الجماعة في الصلاة ودراسة النصوص المقدسة.
التقاليد الثقافية: تشمل اليهودية نسيجًا غنيًا من التقاليد الثقافية، بما في ذلك الطقوس والأعياد (مثل عيد الفصح والحانوكا ويوم الغفران) وقوانين الطعام (كوشر).
تأتى “يهودي” بعد التسميتين عبرى وإسرائيلى فى الترتيب التاريخي والاستخدام، ولهذه التسمية أيضا دلالة عامة وخاصة. أما الدلالة العامة فتطلق على كل من يعتقد فى الشرائع اليهودية ويؤمن بها ويمارس طقوسها وشعائرها. إذن فهذه الدلالة دلالة دينية خالصة. أما الدلالة الخاصة فتشير إلى الانتماء إلى الكيان الجغرافى السياسى ’يهوذا’ فى الجنوب والذى تأسس بعد انقسام مملكة داود وسليمان عام 932 ق.م. وعاصمتها أورشليم.
يعود أصل الاسم ’يهودى’ إلى أحد أبناء يعقوب عليه السلام وهو يهوذا وله أهمية كبيرة فى قصة يوسف عليه السلام والذى ينال البركة من أبيه يعقوب عليه السلام.
ولقد استمرت التسمية ’يهودى’ تسمية خاصة حتى سقوط مملكة يهوذا فى الجنوب على أيدى البابليين بزعامة نبوخذ نصر فى عام 582 ق.م.
ولقد كان التوسع فى استخدام التسمية “يهوذى”على كل الإسرائيليين فى الشمال والجنوب لغرضين: الأول، اكتساب معنى سياسى أوسع للتسمية يهودى ليشمل كل الإسرائيليين فى الشمال واليهوذيين فى الجنوب لإعطاء تبعية الشماليين للجنوبيين.
والثانى؛ فهو محاولة اكتساب معنى دينى للتسمية والتى كانت خالية من أى دلالة دينية وتشير فقط الى الدلالة الجغرافية السياسية. ولقد نجح اليهوذيون فى تحقيق قدر من النجاح فى هذا على المستوىين السياسى والدينى. كما أدت الاصلاحات الدينية التى قام بها ملوك يهوذا بعد انقسام المملكة الى تقوية المفهوم الدينى للتسمية “يهودى”.
الصهيونية: حركة سياسية وقومية
من ناحية أخرى، فإن الصهيونية هي حركة سياسية وقومية ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر، في المقام الأول ردًا على الاضطهاد والتمييز الذي واجهته المجتمعات اليهودية في أوروبا.
والمبدأ الأساسي للصهيونية هو الإيمان بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
تشمل الجوانب الرئيسية للصهيونية ما يلي:
البحث عن وطن لليهود: دعا الصهاينة إلى إنشاء وطن لليهود في فلسطين التي كانت تحت السيطرة العثمانية آنذاك.
مصطلح "صهيون" هو إشارة إلى القدس في التاريخ اليهودي.
المتغيرات العلمانية والدينية: تشمل الصهيونية سلالات مختلفة، من الصهيونية العلمانية، التي تؤكد على الدولة اليهودية، إلى الصهيونية الدينية، التي ترى إنشاء دولة يهودية كضرورة دينية.
يرجع المدلول الديني لكلمة “صهيون”إلى عصر الملك داود والتي جعلها سليمان عاصمة له. ولقد انتهى هذا المدلول مع السبي البابلي وظهر كمصطلح سياسي مع المؤتمر الصهيوني الأول .
وتطلق كلمة “صهاينة” على الأفراد الذين يعملون من أجل تحقيق أهداف الحركة الصهيونية والتى تدعو إلى : إقامة وطن قومى لليهود وإحياء اللغة العبرية. فكل من يساعد على تحقيق هذين الهدفين فهو صهيوني حتى ولو لم يكن يهوديا.
والأدب الصهيوني هو الأدب الذي يعبر عن أفكار الصهيونية سواء كتب باللغة العبرية أو بغيرها من اللغات الأخرى.
قيام الكيان الصهيوني : كان ذروة التطلعات الصهيونية هو إعلان مايسمى ب" دولة إسرائيل " عام 1948، بعد موافقة الأمم المتحدة على خطة تقسيم فلسطين .
شاع استخدام الألفاظ أو المسميات الأربعة “عبري إسرائيلي وصهيوني ويهودي” في الأوساط العربية دون معرفة لأصل كل منها وهو ما يوجب علينا إيضاح الفرق بينهما ببساطة إذا أردنا الحقيقة العلمية.
العبرية أو العبرانية
وردت التسمية “عبري” و”عبراني” منسوبة إلى إبراهيم عليه السلام حيث تسميه التوراة “أبرام العبراني” مأخوذة من الفعل الثلاثي “عبر” وهو في العربية بنفس المعنى والعبراني يقابله في العربية “المرتحل” أو “المتنقل”.
وهناك من نسبها الى “عابر” جد إبراهيم عليه السلام. بينما يرجعها آخرون الى قبائل “العبيرو” أو”الخبيرو”والتي تواجدت فى شبه الجزيرة العربية والشام فى الألف الثاني قبل الميلاد. من الدلالات الأخرى للفظ “عبرى” الدلالة على الغربة؛ وقد ورد اللفظ فى مواضع كثيرة بالتوراة بمعنى الغريب أو الأجنبي.
كما تستخدم أيضا الكلمة “عبرى” للدلالة على اللغة التى تحدثت بها هذه الجماعات وهى اللغة العبرية القديمة، كما تطلق على الأدب الذى تم إنتاجه بهذه اللغة باختلاف العصور – قديم ووسيط وحديث.
الاسرائيلية
كلمة “إسرائيلي” لها دلالتان: عامة وخاصة. العامة، ترجع الى قصة التوراة حول تغيير اسم ’يعقوب’ عليه السلام إلى ’إســـــرائيل’ بمعنى المجاهد مع الرب او الذي صارع الله فصرعه ( وحاش لله ذلك) وهي قصة لاتخلو من عناصر أسطورية ودلالات عنصرية هدفت الى الفصل بين نسل إسحق عليه السلام ونسل إسماعيل المشتركين فى أبوة إبراهيم عليه السلام. من أجل تخصيص ذرية يعقوب عليه السلام وتسميتهم بالإسرائيليين وجعل النبوة والوحى محصورتين فى نسل إسحق فقط دون أبناء اسماعيل عليه السلام.
كما انتجت هذه الأسطورة العنصرية عدة مفاهيم توراتية تؤكد على معاني مثل الاختيار الإلهي لهذا الشعب وقصر الوعود والمواثيق الإلهية عليه، وكذلك مفهوم الخلاص. ولقد تغير منذ ذلك الحين مسمى أرض فلسطين أو كنعان إلى أرض كيان الاحتلال.
الدلالة الثانية “خاصة” وتشير إلى الانتماء السياسي الجغرافى لمملكة "إسرائيل" الشمالية. ويؤرخ لها فى عام 932 ق.م. عام موت سليمان عليه السلام وانقسام المملكة الى مملكتين إسرائيل فى الشمال ويهوذا فى الجنوب.
ولقد استخدمت الصهيونية هذه التسمية كمسمى للدولة الجديدة التى أنشأت على أرض فلسطين كدلالة سياسية جغرافية. هذا مع استمرار الدلالة العامة للتسمية ’’إسرائيل’’أى المنتسب إلى بني "إسرائيل".