الكوثر - صحافة
في مدينة ديربورن ذات الأغلبية العربية الأميركية في ميشيغان، والتي دعمت جو بايدن في عام 2020، تظهر النتائج أنّ دونالد ترامب تغلب على كامالا هاريس بنحو ست نقاط مئوية.
على مدار العام الماضي، أدّت مذبحة "إسرائيل" وتجويع الفلسطينيين بتمويل من دافعي الضرائب الأميركيين وبث مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى إشعال واحدة من أعظم موجات النشاط التقدمي في جيل كامل. والنظر إلى التداعيات السياسية لغزة من خلال عدسة الهوية فقط يغفل شيئاً أساسياً. فالعديد من الأميركيين الذين حفّزهم تواطؤ حكومتهم في تدمير غزة على التحرك ليس لديهم أي صلة شخصية بفلسطين أو "إسرائيل". ومثل العديد من الأميركيين الذين احتجّوا على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أو حرب فيتنام، فإن دوافعهم ليست عرقية أو دينية بل أخلاقية.
كان الغضب شديداً بشكل خاص بين الأميركيين ذوي البشرة السمراء والشباب. وكانت قد أقيمت مخيمات تضامنية مع الشعب الفلسطيني في أكثر من 100 حرم جامعي. وفي شباط/فبراير، وصف مجلس أساقفة الكنيسة الأسقفية الميثودية الأفريقية، إحدى أبرز الجماعات السوداء في البلاد، الحرب في غزة بأنّها "إبادة جماعية" وطالب إدارة بايدن-هاريس بالتوقف عن تمويلها.
"أداء كامالا هاريس في الانتخابات الأمريكية: تراجع الدعم بين الناخبين الشباب والسود"
قد تفسّر أرقام استطلاعات الرأي قبل الانتخابات . كامالا هاريس أصغر سناً بكثير من جو بايدن. ومع ذلك، تشير استطلاعات الرأي المبكرة من "سي إن إن" و"واشنطن بوست" و"فوكس نيوز" ووكالة "أسوشيتد برس"، إلى أنّها عانت من انخفاض حاد بين الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 29 عاماً مقارنة بنتيجة بايدن في عام 2020. السيدة هاريس سوداء، ومع ذلك، وفقاً لشبكة "سي إن إن" و"واشنطن بوست"، فقد كان أداؤها أسوأ قليلاً من بايدن بين الناخبين السود. يشير أحد استطلاعات الرأي، من "فوكس نيوز" ووكالة "أسوشيتد برس"، إلى أنّها كانت أسوأ بكثير.
من المؤكد أنّ العديد من الناخبين الشباب والسود كانوا غير راضين عن الاقتصاد. ربما انجذب البعض إلى رسالة ترامب بشأن الهجرة. ربما كان آخرون مترددين في التصويت لامرأة.
لكن هذه الديناميكيات الأوسع لا تفسر بشكل كامل ضعف أداء هاريس، لأنّها يبدو أنها فقدت أرضية أقل بكثير بين الناخبين الأكبر سناً والبيض. حصتها من الناخبين البيض تعادل حصة بايدن. لقد اكتسبت هاريس شعبية كبيرة بين الناخبين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً. وهذا يعيدنا إلى دعم هاريس للحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على غزة.
اقرا ايضاً
"مواقف كامالا هاريس من القضية الفلسطينية ودورها في الانتخابات الأمريكية"
وعلى الرغم من الأدلة الساحقة على أنّ أكثر الناخبين تفانياً في الحزب الديمقراطي أرادوا إنهاء مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل"، استمرت إدارة بايدن في إرسالها، حتى بعد أن وسع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب إلى لبنان. ولم تكتف هاريس بعدم كسر سياسة بايدن، بل بذلت قصارى جهدها لجعل الناخبين المهتمين بحقوق الفلسطينيين يشعرون بعدم الترحيب. وعندما قاطع ناشطون مناهضون للحرب خطاباً لها في آب/أغسطس، قالت هاريس بحدّة: "إذا كنت تريد فوز دونالد ترامب، فقل ذلك". وفي المؤتمر الوطني الديمقراطي، رفضت حملتها نداءً من الناشطين للسماح لأميركي فلسطيني بالتحدث من على المنصة الرئيسية.
إن الديمقراطيين الذين يزعمون احترام المساواة بين البشر والقانون الدولي لا بد أن يبدأوا في مواءمة سياساتهم بشأن الكيان الصهيوني وفلسطين مع هذه المبادئ الأوسع نطاقاً. وفي هذا العصر الجديد، حيث أصبح دعم الحرية الفلسطينية يشكل أهمية مركزية لما يعنيه أن تكون تقدمياً، فإن الاستثناء الفلسطيني ليس غير أخلاقي فحسب، بل إنه كارثي سياسياً.
لفترة طويلة، كان الفلسطينيون في غزة وخارجها يدفعون ثمن هذا الاستثناء بحياتهم. والآن يدفع الأميركيون الثمن أيضاً، وقد يكلفنا ذلك حريتنا.