السيد حسن نصرالله.. الوردة لاتستقيل من عطرها

الأربعاء 6 نوفمبر 2024 - 08:23 بتوقيت غرينتش
السيد حسن نصرالله.. الوردة لاتستقيل من عطرها

يا سيدي، ومما تعلمناه في مدرسة الصبر والمقاومة، أن الورود لا تستقيل من عطرها، وأن الشهيد لا يذهب إلى الفناء، وأن النصر الأكيد الذي بشرتنا به قادم لا محالة،

الكوثر - الصحافة

هناك كثير مما نعرفه عن نظرة سيد شهداء طريق القدس السيد حسن نصرالله بشأن فلسطين، وقضيتها، ومسجدها الأقصى المبارك، والكثير أيضاً مما فعله من أجل الدفاع عنها وحمايتها من بطش الاحتلال، لكن لضرورات معينة لا يمكننا ذكر إلا القليل جدا من هذه المعرفة، والتي نعتقد أنها يجب أن تُذكر في وقت ما، ليعرف الجميع، ولاسيّما من المضلَّلين والمخدوعين، ماذا قدّم هذا الشهيد الكبير إلى فلسطين، وكيف ساهم في نهضة مقاومتها لتصبح كما رآها كل العالم في معركة طوفان الأقصى وما تلاها، وكيف تحوّلت بفعل مساهمات الشهيد إلى قوة مَهيبة الجانب، بعد أن كانت تفتقر إلى الكثير من مقوّمات القتال، سواء على صعيد الإمكانات العسكرية، او على صعيد الخبرات والقدرات البشرية. فكيف لا يحب الفلسطينيون الشهيد السعيد أبا هادي؟

السيد حسن نصرالله.. الداعم الأول لفلسطين

أما في فلسطين على وجه الخصوص، فحظي سماحته بمكانة خاصة يكاد لا يضاهيه فيها أحد، كيف لا وهو الذي كان على الدوام ركنها الشديد، وسندها القريب، وداعمها الأول، والمدافع عنها في كل الميادين. كيف لا وقد عُرض عليه رغد الدنيا، وزخرفها، في مقابل أن يتخلّى عن فلسطين، أو أن يتركها وشأنها لتواجه العدوان الظالم الذي يُشن عليها صباح مساء، ليقتل أهلها، ويدمّر بنيتها، ويحوّلها إلى أرض ينعق فوق ركامها البوم.

كان الشهيد، رضوان الله عليه، ينظر إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية محقّة، وعادلة، وأن الشعب الفلسطيني تعرّض لظلم تاريخي لم يتعرض له شعب من قبلُ في التاريخ الحديث، وأن أي تقصير في دعم هذه القضية، بكل الأدوات والإمكانات، يعني إفساح المجال للعدو المجرم ليتوسّع أكثر، ويمارس هوايته المفضّلة في ارتكاب المجازر والجرائم بحق كل شعوب المنطقة.

السيد حسن نصرالله كان يهز أركان العدو بمجرد أن يُطِلّ عبر الشاشة

في كل ساحات الوطن العربي والعالم الإسلامي الكبير، وفي أنحاء متعددة من العالم الحر، الذي ما زال يحافظ على طهارته على رغم مخطّطات محور الشر ومكائده، كان سماحة السيد الشهيد مهوى أفئدة الملايين، وعشقهم المقدّس والذي لا غنى لهم عنه، إذ كان يمثّل وحده، رضوان الله عليه، جيشاً من المقاتلين، وأمة من المحاربين، يهز أركان "دولة" العدو بمجرد أن يُطِلّ عبر الشاشة، ويضرب منظومة الجبهة الداخلية الصهيونية بكلمة واحدة، أو بإشارة من إصبعه السبّابة، الذي استمر حتى لحظة استشهاده يرفعه في وجه العدو فقط.

ولا نكشف سراً إذا قلنا إن سماحة السيّد غامر بعلاقة حزبه بجهات كثيرة في المنطقة والإقليم من أجل أن يتواصل دعم الفلسطينيين ومقاومتهم من دون انقطاع، ولاسيّما في قطاع غزة الصغير والمحاصَر، وصولاً إلى الضفة الغربية التي حوّلها هذا الدعم إلى ساحة مواجهة أساسية فشلت "دولة" الاحتلال حتى الآن في إخضاعها أو إطفاء لهيبها، على الرغم من القوة الهائلة التي تستخدمها هناك، والدمار غير المسبوق الذي تقوم به في المدن والمخيمات الفلسطينية، ولاسيّما الشمالية منها.

أربعين سيد شهداء طريق القدس

ختاماً، في أربعين سيد شهداء طريق القدس، وسيد شهداء المقاومة، وفي أربعين عروجه إلى السماوات، وبما أن المقام ضيّق، والحديث طويل، ربما نُفرد له مساحات أخرى في مناسبات مقبلة إذا سمحت الظروف، فإننا نعود لنجيب عن السؤال الذي حمله عنوان هذا المقال، هل تستقيل الوردة من عطرها يا سيد الشهداء؟ وهل هكذا يترك الخليل خليله من دون وداع، وهل يمكن للأحباب والعشّاق أن يلتقوا من جديد، في السجن، أو في الموت، أو في ظل وردة، كما قال ذات يوم الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، رضوان الله عليه. هل أتعبتك هذه الدنيا بهمومها وأثقالها فقررت الرحيل، أم هو الاصطفاء الإلهي الذي اختارك بعد هذه الرحلة الطويلة من التعب والجهاد والصبر والاحتساب.

الورود لا تستقيل من عطرها

في كل حال، ما أعرفه، يا سيدي، ومما تعلمناه في مدرسة الصبر والمقاومة، أن الورود لا تستقيل من عطرها، وأن الشهيد لا يذهب إلى الفناء، وأن النصر الأكيد الذي بشرتنا به قادم لا محالة، حتى لو تكالبت علينا كل قوى الشر في العالم، فعطر وردتنا، كما هو دمك المسفوح ظلماً وعدواناً، ما زال يفوح في الأجواء، وينثر عبيره الفوّاح على كل الصابرين والمكلومين والمعذَّبين، ينزل برداً وسلاماً على قلوب المقاتلين في العديسة ومارون الراس والخيام وكل قرى الجنوب الصامد، على قلوب المجاهدين في جباليا ورفح والنصيرات وجنين وطولكرم، يبشرهم بأن وعد الله آتٍ لا محالة، وأن كل قوى الشر لن تستطيع تغيير مجرى التاريخ، هذا التاريخ الذي يسير وفق مشيئة الله، سبحانه وتعالى، وفي عينه، وهو لن يكون على الإطلاق في مصلحة القتلة والمجرمين وشذّاذ الآفاق.