سيد المقاومة... أربعون يوما على الفراق

الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 - 18:50 بتوقيت غرينتش
 سيد المقاومة... أربعون يوما على الفراق

أربعون يوما على الفراق، اربعون يوما على الغياب الأليم، سيد المقاومة أنت معنا ولن ترحل ابدا...

الكوثر_لبنان

رَحَلَ الشهيدُ القائدُ السيدُ حسن نصرُ الله، شهيداً على طريقِ القُدْسِ كما تمنَّى هو: “النصر أَو الشهادة”.

رَحَلَ بعد تاريخ طويل من الجهاد المشروع، خاضه المجاهدُ الشهيد السيد حسن نصر الله حتى لقي ربه شهيداً في قصف جوي للمقر الرئيسي للحزب بالضاحية الجنوبية، نفذه جيش الاحتلال السرطاني الصهيوني المغروس في خاصرة الأُمَّــة العربية والإسلامية.

اقرأ أیضا:

نعم اغتال  كيان الاحتلال السيد حسن نصر الله، لكنّها حفرت في التاريخ ما لا تقوى صواريخ الولايات المتحدة وأطنان من متفجراتها على محوه، فهذا السيد لا يمحوه قتل، إنّه من أُولئك الذين لا يتركون أهلهم أبداً، وأهله سينتصرون حتماً معه.

أوهَنُ من بيت العنكبوت:

استُشهد السيد حسن نصر الله وأبناؤه المقاومون يقصفون المستوطنات في شمالي فلسطين المحتلّة؛ دعماً للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته؛ ودفاعاً عن لبنان وشعبه. وعلى النحو الذي اختتم به مسيرته، ابتدأها قبل 32 عاماً، حين كان قصف المستوطنات بـ”الكاتيوشا” أول قرار يتخذه بصفته الأمين العام، ليخطّ في التاريخ أنّ المقاومة الإسلامية أدخلت هذا السلاح في المواجهة مع الاحتلال.

كان تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي في عام 2000 أبرز ما كرّس السيد نصر الله قائداً عظيماً، لا لبيئة حزب الله التي تعاظمت وازدادت تشبثاً بخيارها فحسب، ولا للبنانيين فقط أَيْـضاً، بل للعرب والمسلمين كلهم أَيْـضاً، إذ إنه كان القائد العربي الأول الذي يمرّغ أنف كيان الاحتلال بالتراب، ويجبرها على الانسحاب من دون أية شروط، ويثبت للعالم كله أنّ الكيان الصهيوني هذا، الذي يملك أسلحةً نوويةً وأقوى سلاح جو في المنطقة، واللهِ هي أوهن من بيت العنكبوت”.

هو من أعاد إلى الجنوبيين أرضهم، من جعلهم آمنين في بيوتهم، ومن حرّر الآباء والأبناء الأسرى وقرّ أعين أهلهم بهم، ومن جمع كبار القرى ليدبكوا في الساحات التي باتت خاليةً من الإسرائيليين، ومن ملأ آنية النساء بالأرز ليرششنَها على السيارات التي تستقبلها القرى المحرّرة، ومن كتب الأناشيد والزغاريد التي تحكي قصص بطولات لا تنتهي.

وهو من قال للعرب كلهم، وللفلسطينيين بصورة خَاصَّة، إنّ هؤلاء المحرّرة أرضهم يمكن أن يكونوا أنتم أَيْـضاً. قاوِموا واصبروا وأعِدّوا لـكيان الاحتلال ما استطعتم من عدة وراكموا ثأر شهدائكم، تظفروا، فـ “يا شعبنا الفلسطيني، مصيرك بيدك، تستطيع أن تستعيدها بإرادتك، بخيار عز الدين القسّام، بدماء فتحي الشقاقي ويحيى عياش، يمكنك أن تستعيد أرضك. يمكنكم أن تعيدوا أهلكم إلى ديارهم بفخر واعتزاز من دون توسّل إلى أحد”.

لم يأتِ عدوان تموز في عام 2006 إلا ليزيد هذا القائد عظمةً في عيون محبيه ومبغضيه، على حَــدٍّ سواء. هذه المرة قال لكل شعوب المنطقة: إنّ الولايات المتحدة يمكن أن تُهزم أَيْـضاً، وإنّ غرب آسيا وبلادكم يمكن أن تكون كما تريدون أنتم، لا كما يريد عدوكم، وأرغم الدنيا على أن تعترف بأنّ “نصر الله ربح الحرب” فعلاً. قال لهم إنّهم قادرون على أن يحرقوا كُـلّ ما يمكن أن ينال من شرف هذه البلاد تماماً، كما فعلته مقاومته بـ”ساعر” في عُرض البحر.

أعاد الناس مرةً أُخرى إلى بيوتهم في الجنوب والضاحية، عمّرها لتعود “أحلى مما كانت”؛ ولأنّ شعبه، الذي عاد ذاك التموزَ إلى منازله، خَبِر وعدَه الصادق، صبر على ما حَـلّ به خلال إسناده المقاومة في غزة، وبذل في سبيل فلسطين بيوته وأرزاقه، فداءً للمقاومة، وفداءً للسيد الحبيب، الذي وعد بـ “أنّنا سنعمّرها لتكون أحلى مما كانت”.

هذا هو نصر الله:

ارتقى السيد حسن نصر الله شهيداً عظيماً على طريق القدس وفلسطين، ليلتحق بقافلة رفاقه الشهداء، وأبى حتى اللحظة الأخيرة، حتى النَّفَسِ الأخير، أن يتخلّف عن أداء الواجب؛ نصرةً للمقاومة في قطاع غزة في (طُوفَان الأقصى)، التي مثّلت المعركة “بين الحق كله، والباطل كله”. وله “لا نقول وداعاً، بل نقول إلى اللقاء.. إلى اللقاء مع انتصار الدم على السيف، إلى اللقاء في الشهادة، إلى جوار الأحبة”.