الكوثر_صحافة
إنّ الحصار الإسرائيلي المشدد على جباليا وعدة أجزاء أخرى من شمال غزة، والذي فرضته الدبابات والقوات البرية، يعني أنّ فرق الدفاع المدني والمسعفين لم يتمكنوا من القدوم لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض. ولم يتمكن أي مراسل من الوصول أيضاً، باستثناء أنس الشريف، الذي يعيش بالقرب.
وقال في مقطع فيديو من الشارع الهادئ المظلم: "لا دفاع مدنياً، ولا تغطية، لا شيء سوى الموت والدمار. لا أحد يأتي لإنقاذهم".
اقرا أيضا:
لا توجد حتى الآن روايات رسمية أو شاملة عن الغارات على الحواجة، وهو الوضع الذي تكرر في مختلف أنحاء شمال غزة حيث أصبحت الحركة والاتصالات صعبة على نحو متزايد بعد أربعة أسابيع من الهجوم الإسرائيلي المتجدد على المنطقة.
لقد قام الكيان الصهيوني بشكل روتيني بتشويش شبكات الهاتف والإنترنت في غزة خلال حملتها المستمرة منذ عام، كما إنّ الشبكات غير متصلة بالإنترنت بشكل روتيني بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية أو نقص الكهرباء أو الوقود للمولدات.
ويقول المدنيون والعاملون في المجال الإنساني والمسعفون والعاملون في مجال الإعلام على الأرض في شمال غزة إنّ المشكلة تزداد سوءاً، ما يؤثر في جهود إنقاذ الأرواح التي يبذلها عمال الإنقاذ والمسعفون، فضلاً عن قدرة الصحفيين على نقل الأخبار.
وأصبح الاتصال بين المستشفيات والعاملين في مجال الصحة ووكالات الإغاثة متقطعاً، وجعل القتال البري السفر أكثر خطورة، ما يجعل من الصعب تنسيق الرعاية والعلاج وجمع بيانات الضحايا بدقة.
وعلّقت خدمة الدفاع المدني أنشطتها يوم الأربعاء الماضي بعد أن هاجمت القوات الإسرائيلية أطقمها ودمر قصف الدبابات آخر سيارة إطفاء لديهم.
وبذلت رجاء، وهي صيدلانية تبلغ من العمر 28 عاماً، مع صديقتين، قصارى جهدها لمساعدة الجرحى بعد الغارات الجوية في بيت لاهيا يوم السبت والتي أسفرت عن مقتل 40 شخصاً على الأقل. ولم تكن هناك وسيلة للاتصال بالمستشفيات الثلاثة التي لا تزال تعمل في المنطقة، ولم تأت سيارات الإسعاف على الإطلاق؛ ويعتقد أنّ عدداً غير معروف من الأشخاص دفنوا تحت المباني المنهارة.
"لقد ساعدنا في نقل الجرحى أو نقلهم على عربات تجرها الحمير، وأخذناهم إلى منزلنا. كان لدينا بعض الأدوات، لذلك كان بوسعنا القيام ببعض الإسعافات الأولية، لكننا شاهدناهم جميعاً يلفظون أنفاسهم الأخيرة. كان هناك طفل صغير بجمجمة مفتوحة لا يزال على قيد الحياة، لا أعرف كيف". وأضافت: "إنّ ما يؤلمني أكثر، الشعور بالعجز الشديد. لو كانت هناك سيارات إسعاف، لكان معظمهم على قيد الحياة الآن".
الغارات الاسرائيلية على بيت لاهيا
لقد أسفرت العملية الجوية والبرية الإسرائيلية الجديدة في شمال غزة عن مقتل ما لا يقل عن 800 شخص، وفقاً للمسعفين ووزارة الصحة في المنطقة. وفي صباح يوم الثلاثاء، قال مسؤولون فلسطينيون إنّ ما لا يقل عن 60 شخصاً قتلوا في غارة إسرائيلية أخرى على بيت لاهيا.
يقول ما يقدر بنحو 400 ألف شخص متشبثين بالشمال إنّ الظروف هي الأسوأ في الحرب حتى الآن. لقد هاجم الكيان الصهيوني المستشفيات والملاجئ، كما نفدت المواد الغذائية والمياه بسبب الحصار المفروض على إيصال المساعدات والحصار الذي يركز على جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، والذي يقيد الحركة بشكل مطرد.
وقال العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم صحيفة "ذي غارديان" إنّ المياه النظيفة نفدت منذ أكثر من أسبوع، وأنهم يشربون كميات صغيرة من مياه الصرف الصحي يومياً للبقاء على قيد الحياة.
إنّ انقطاع الاتصالات والقيود المفروضة على الحركة يساهمان أيضاً في قلة أو تأخير الإبلاغ عن المجازر والمعاناة الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي الجديد في شمال القطاع. وإضافة إلى هذه الصعوبات، يبدو أنّ الكيان الصهيوني صعّد من حملتها ضد الصحفيين المحاصرين في القطاع، حيث قُتل خمسة صحفيين في غارات جوية إسرائيلية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
لقد قتل الكيان الصهيوني ما لا يقل عن 170 صحفياً ودمّرت 86 منشأة إعلامية في غزة حتى الآن، وفقاً لتقرير جديد صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
منظمة مراسلون بلا حدود
وقالت فيونا أوبراين، مديرة منظمة مراسلون بلا حدود في المملكة المتحدة: "إننا نشعر بالفزع الشديد إزاء الاتهامات المستمرة التي لا أساس لها، والتي تربط الصحفيين في غزة بجماعات إرهابية... إن الكيان الصهيوني تنشر وثائق تزعم أن هذا ليس دليلاً كافياً أو ترخيصاً بالقتل ويعرضهم لخطر أكبر".
وأكدت أنّ "هناك محاولة منهجية من جانب الكيان الصهوني لإغلاق التغطية الإعلامية لأحداث غزة ومنع نشر القصة، وكان أبرزها قتل الصحفيين".
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي قناة الكوثر وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة حصراً