الكوثر - الثقافة
في إحدى القرى الجنوبية في لبنان، كانت الطفلة "رانيا" تستعد لبدء عامها الدراسي الجديد. كانت رانيا، البالغة من العمر تسع سنوات، طفلة ذكية وشغوفة بالدراسة. كانت تحلم بأن تصبح طبيبة في المستقبل، وكانت والدتها تجهز لها حقيبتها المدرسية كل ليلة، وتضع فيها دفاترها وكتبها المفضلة. لكن الحلم الذي كان في قلب رانيا اصطدم بواقع مؤلم.
في صباح أحد الأيام، وبينما كانت في طريقها إلى المدرسة، دوت أصوات الانفجارات في قريتها. كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تحلق في السماء، وتلقي قنابلها على المنازل والمدارس دون تمييز. هرعت رانيا مع والدتها إلى المنزل، واختبأت العائلة في غرفة مظلمة، حيث كان صوت القصف يهز الجدران حولهم.
إقرأ أيضاً
فلسطين الصمود... الاحتلال يواصل حملة الإبادة والتهجير القسري شمال غزة
فلسطين الصمود.. الدكتور شاهين: الولايات المتحدة تدعم الاحتلال في عدوانه على غزة
في اليوم التالي، وعندما حاولت رانيا العودة إلى مدرستها، اكتشفت أن المبنى الذي كان يومًا مليئًا بأصوات الأصدقاء والضحكات، تحول إلى كومة من الأنقاض. دفاترها التي كانت ملونة برسوماتها الطفولية، غطتها طبقات من التراب والركام.
اضطرت رانيا، مثل غيرها من الأطفال في قريتها، إلى ترك مقعد الدراسة. العائلة قررت النزوح إلى مكان أكثر أمانًا، بعيدًا عن القصف، لكن الغياب عن المدرسة كان صدمة لرانيا التي وجدت نفسها فجأة محرومة من عالمها الدراسي، عالم كانت تحبه بكل براءة.
رغم كل شيء، لم تتخلَّ رانيا عن حلمها. كانت تجلس في المساء، بجانب الشموع، وتفتح كتابًا قديمًا وجدته في ملجأهم الجديد، تحاول أن تتعلم بمفردها. ورغم غياب المعلمة والصفوف الدراسية، كانت تقرأ بصوت عالٍ، وكأنها ترفض أن يستولي العدوان على حلمها.
قصة رانيا ليست قصة واحدة، بل هي قصة مئات الأطفال اللبنانيين والفلسطينيين الذين أُجبروا على ترك مقاعد مدارسهم بسبب العدوان الصهيوني، ومع ذلك، يبقى الأمل في قلوبهم كشمعة لا تنطفئ، حتى في أظلم الليالي.