الكوثر - فلسطين
بحسب تقرير "الإستراتيجية المعاصرة"، تتداخل إدارة الحرب وإدارة الأزمات في اللحظات الحرجة. القدرة على إدارة الحرب لا تعني بالضرورة القدرة على إدارة الأزمات، وهذه القاعدة تنطبق على جميع الصراعات الماضية والحاضرة في العلاقات الدولية. السؤال المطروح الآن هو: ما الذي يبرز في الحرب في غزة ولبنان؟
الكيان الصهيوني في القدس المحتلة يعاني من خسارتين متزامنتين؛ في إدارة الميدان وإدارة الأزمات. وقد أشار بعض المحللين الصهاينة والغربيين إلى هذه الظاهرة بوصفها "فقراً استراتيجياً" وحتى "ارتباكاً تكتيكياً" في "تل أبيب"، إلا أن الأزمة أعمق بكثير من هذا الوصف.
دوافع الصهاينة الخفية وراء جريمة الضاحية الجنوبية، التي أدت إلى استشهاد السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، انعكست سلبًا عليهم. عملية "الوعد الصادق 2" كانت بمثابة كشف عن نقاط ضعف الكيان الصهيوني.
تعددت التحليلات حول طبيعة وأهداف عملية "الوعد الصادق 2" في وسائل الإعلام الصهيونية، ولكن الأكثر إقناعًا هو ضعف الكيان الصهيوني المطلق أمام قدرات الحرس الثوري الإسلامي، سواء من الناحية الصاروخية أو العملياتية، وعدم كفاءة القبة الدفاعية الصهيونية في مواجهة الكم الهائل من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية التي تمتلكها إيران وجبهة المقاومة. واغتيال القادة لم يضعف جبهة المقاومة بل زاد من إصرار المقاومين اللبنانيين على الانتقام من العدو الصهيوني.
المقاومة اللبنانية لم تكتفِ بإحباط الهجوم البري الذي خطط له الصهاينة على الجبهة الشمالية، بل نجحت في شل النبض الاقتصادي للكيان الصهيوني من خلال عمليات مؤثرة في حيفا. الهدف الذي سعى إليه الموساد ومجلس الوزراء والجيش الصهيوني في الأراضي المحتلة، من اغتيال قادة المقاومة وتقليل قوة جبهة المقاومة، باء بالفشل، بل وساهم في تفاقم الأزمات داخل الكيان الصهيوني.
رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، ومؤيديه لم يتمكنوا من السيطرة على جنوب لبنان، كما فشلوا في مواجهة الأزمات التي نشأت عن انتقام جبهة المقاومة. هذه الهزيمة ستؤدي إلى أزمات مزمنة داخل العلاقات الداخلية للكيان الصهيوني، وبعض هذه الأزمات ستنتقل من المستوى الخفي إلى العلني قريباً.
عملية "الوعد الصادق 2" وسلسلة العمليات الانتقامية التي ينفذها حزب الله في عمق الأراضي المحتلة تعتبر نقطة تحول في معادلات الحرب في غزة ولبنان. تداعيات هذا التغيير الجذري ستكون خارج نطاق توقعات القادة الأمنيين والسياسيين في تل أبيب وواشنطن.