الكوثر_الصحافة
صحيفة "نيويورك تايمز" تنشر مقالاً للكاتب والصحافي مايكل دي. شير، يتحدث فيه عن أنّ جهود الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف الحرب في الشرق الأوسط لم تسفر عن شيء، ويرى أنّ بايدن خسر في إثر ذلك نفوذه في المنطقة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
بعد 10 أيام من هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، توجّه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى "تل أبيب" وتعهّد بحماية "إسرائيل" والحد من عدد الوفيات بين المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية وإحلال السلام الدائم في المنطقة. لكن ما تلا ذلك كان عاماً من الاضطرابات السياسية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة، وصدامات متكررة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول عدوانية الرد الإسرائيلي والصراع الذي انتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقد أظهرت الأحداث التي تلت تصريحات بايدن نفوذه المحدود في المنطقة. وحتى مع استمرار الولايات المتحدة في تسليح "إسرائيل"، لم تفلح الإدارة الأميركية في كبح جماح نتنياهو، الذي رفض مناشدات البيت الأبيض لتهدئة الصراع وإتاحة المجال لإنشاء دولة فلسطينية بعد الحرب. وفي ظل استعداد "إسرائيل" اليوم لتنفيذ ضربات انتقامية ضد إيران، فإنّ الحرب الأوسع باتت وشيكة.
وفي هذا السياق، قال آرون ديفيد ميلر، وهو باحث بارز في مؤسسة "Carnegie Endowment for International Peace"، إنّ الفجوة بين ما كان يأمل بايدن في تحقيقه وما اضطر إلى مواجهته في نهاية المطاف، هي فجوة واسعة للغاية". وخلال حملته الانتخابية، وعد بايدن الناخبين بعودة الولايات المتحدة إلى سابق عهدها على الساحة الدولية. إلا أنّ العام الذي أعقب هجمات الاسبع من تشرين الأول /أكتوبر، "أظهر محدودية النفوذ والقوة الأميركية".
وفي الذكرى السنوية الأولى لهجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أضاء بايدن الشموع تخليداً لذكرى القتلى واتصل بـ"الرئيس" الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ، واعداً إياه "بعدم التخلي أبداً" عن الجهود المبذولة لاستعادة الأسرى المتبقّين. وقد أعرب عن "حزنه العميق" بشأن الخسائر في الأرواح في غزة، لكنه تعهد بمواصلة تقديم المساعدة لـ"إسرائيل"، إلا أنّه لم يتواصل مع نتنياهو منذ نحو 7 أسابيع.
هذا التوتر بين بايدن ونتنياهو كان محور الأسئلة حول الطريقة التي تعاملت بها إدارته مع الوضع في "إسرائيل": كيف تضغط على حليف يواجه تهديداً وجودياً؟ إلى أي مدى يجب أن تذهب إذا تجاهل هذا الحليف نصيحتك؟ ومع بقاء 29 يوماً فقط على الانتخابات الرئاسية المقبلة، كيف تفسر العنف المتواصل سواء بالنسبة للناخبين الذين يشعرون أنّه كان يدعم "إسرائيل" أكثر مما ينبغي، أو لأولئك الذين يعتقدون أنه لم يفعل ما يكفي لدعم "إسرائيل"؟
واليوم، تواجه نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي حلّت محل بايدن كمرشحة رئاسية ديمقراطية، العواقب الانتخابية لهذه الأسئلة. فقد تعهدت بأنها "لن تتوقف أبداً عن النضال من أجل تحقيق العدالة" للأشخاص الذين قتلتهم حماس، لكنها قالت أيضًا إنّها "تشعر بالحزن إزاء حجم الموت والدمار في غزة". وعلى مدار العام الفائت، لم تحقق إدارة بايدن أي تقدّم ملحوظ وما أنجزته كان أقل بكثير من الأهداف التي وضعها بايدن.
فهو الذي وعد بتأمين إطلاق سراح الأشخاص الذين احتجزتهم حماس، ومن ضمنهم مواطنين أميركيين، وتأمين سلامتهم. إلا أنّه وبعد مرور عام، لا يزال نحو 100 أسير قيد الاحتجاز ومن بينهم أميركيين. فقد تم إطلاق سراح بعض الرهائن بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر، ولقي بعضهم حتفه نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
في المقابل، تعهد بايدن قبل عام بالمساعدة في ضمان حصول المدنيين في غزة على "الطعام والماء والدواء والمأوى" في ظل المعارك. وخلال العام الفائت، ساعد الأميركيون في التفاوض على زيادة عمليات تسليم المساعدات، ولكن حتى تلك المساعدات كانت أقل بكثير من المطلوب، وفقاً لمسؤولي الصحة العالميين.
وكان بايدن قد وجه تحذيراً مباشراً لإيران وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط بعدم مهاجمة "إسرائيل". وفي العام التالي، أثبتت هذه التحذيرات عدم فعاليتها. فقد شنّت إيران مرتين هجمات صاروخية مباشرة ضد "إسرائيل"، وحالياً يدرس نتنياهو خيارات الضربات الانتقامية.
وقد حث بايدن "إسرائيل" على عدم الاستسلام للغضب عند دراستها لكيفية الرد على أسوأ هجوم شهدته "إسرائيل". وقارن القرارات التي تواجه "إسرائيل" بتلك التي كان على الولايات المتحدة اتخاذها بعد الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/ سبتمبر 2001. إلا أنّه لم يتمكن وفريقه من إقناع "إسرائيل" بالتوقف عن التصعيد.
ومع اشتداد الصراع مع حزب الله، نجح بايدن في حشد نحو اثنتي عشرة دولة للدعوة إلى وقف إطلاق النار. لكن اقتراحهم فشل على الفور عندما أعطى نتنياهو الضوء الأخضر لاغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
لم يتبقَ أمام بايدن سوى 105 أيام في فترة ولايته، وعلى غرار الكثير أسلافه، يواجه احتمال ترك منصبه محبطاً.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي قناة الكوثر وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة حصراً