الكوثر - فلسطين المحتلة
وسط مشاهد الدمار الواسعة التي تتسبب بها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، هناك مشهد بمنزلة جرح غائر في قلب كل غزّي يمر بجوار البيوت المدمرة، ويشعر بالأرواح التي لفظت أنفاسها الأخيرة تحت الأنقاض، ولم تجد من ينتشلها حيّة أو حتى يكرمها بالدفن،أرواح لم تحظ بالوداع ولم تُذكر أسماؤها في سجلات الشهداء. لا أحد يعلم عن محاولاتهم للتشبث بالحياة، وكم حاولوا الاستغاثة قبل أن تختنق أنفاسهم بالتراب والحجارة.
الدفن اللائق من أبسط حقوق الإنسان، لا يتنازل أهل الميت عن هذا الحق حتى في أشد الأوقات حلكة وصعوبة.
إذ لم تتنازل السيدة السبعينية ليلى القولق، عن دفن ابنها محمد (35 عاماً) وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة. فحين توغل "جيش" الاحتلال الإسرائيلي في منطقة تل الهوا في غزة أمر السكان بالنزوح، وبينما كانت منشغلة بأبنائها الآخرين، غافلها محمد للنظر إلى النافذة فتم قنصه على الفور، أرادت أن تدفن جثمان ابنها، لكن "جيش" الاحتلال أجبرها على النزوح.
في صبيحة اليوم التالي، عادت ليلى القولق فقد أصرت على استخراج جثة ابنها من المنزل وإكرامه بالدفن.